بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، وأتباعهم.
يحتج أهل البدع على تصحيح بدع أئمتهم بما يجدون من ثناءات عليهم في كتب السِّيَر والتراجم، وهذه حجة داحضة، فإن المتأخرين قد فشى فيهم استخدام لفظة إمام، وشيخ الإسلام، وما شابهها على كل من له منزلة في طائفته، بغض النظر عن كونه سنِّيًا أو لا.
وفي ما يلي سأسوق لكم أمثلة على هذا من كلام الذهبي.
المثال الأول:
قال الذهبي: «(1) الشَّيْخُ، (2) الإِمَامُ، (3) الفَقِيْهُ، (4) الأُصُوْلِيُّ، (5) الزَّاهِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ تُوْمَرت».قم قال عنه: «(6) وَكَانَ أَمَّاراً بِالمَعْرُوفِ، نَهَّاءً عَنِ المُنْكَر، (7) قوِيَّ النَّفْس، (8) زَعِراً شُجَاعاً، (9) مَهِيْباً، (10) قَوَّالاً بِالْحَقِّ»
ثم قال عن صاحب كل هذه الأوصاف:
«أَلَّف عقيدَةً لقَّبهَا بِـ(المُرْشِدَة) ، فِيْهَا تَوحيد وَخير بِانحرَاف، فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَتْبَاعَه، وَسمَّاهُم الْمُوَحِّدين، وَنَبَزَ مَنْ خَالف (المُرْشِدَةَ) بِالتَّجسيم، وَأَبَاحَ دَمَهُ» وقال: «وَوَافق المُعْتَزِلَةَ فِي شَيْءٍ، وَالأَشعرِيَة فِي شَيْءٍ، وَكَانَ فِيْهِ تَشيُّع»
تنبيه: لم يقل عنه مبتدع، ولا ضال، ولا منحرف، أو شيء من هذه الكلمات.
المثال الثاني:
قال الذهبي: «(1) الإِمَامُ، (2) الحَافِظُ، (3) الفَاضِلُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّرِيِّ بنِ يَحْيَى بنِ السَّرِيِّ بنِ أَبِي دَارمٍ التَّمِيْمِيُّ، الكُوْفِيّ» ثم قال: «الشِّيْعِيّ» ثم قال: «(4) مُحدِّث الكُوْفَة»
ثم قال: «قَدْ أَلَّفَ فِي الحطِّ عَلَى بَعْض الصَّحَابَة، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَيْسَ بِثِقَةٍ فِي النَّقْل».
ثم قال: «شَيْخٌ ضَالٌّ مُعَثَّر»
قلت: فاجتمع عنده ف نفس الرجل أنه الإمامة والفضل مع التشيع والضلال! فكل هذا الثناء كان على من علِم انحرافه وتكفيره المسلمين وفساد اعتقاده. فكيف بمن قد لا يكون علِم فساده؟!
المثال الثالث:
قال الذهبي: «الشاذكوني أبو أيوب سليمان بن داود. (1) العالم، (2) الحافظ، (3) البارع، أبو أيوب سليمان بن داود بن بشر المنقري، البصري، الشاذكوني، أحد الهلكى». [سير أعلام النبلاء – ط الرسالة (10/ 679)]
المثال الرابع:
قال الذهبي: «الشيخ، الإمام، الزاهد، مفتي العراق، شيخ الحنفية، أبو الحسن عبيد الله بن الحسين بن دلال البغدادي، الكرخي، الفقيه». [سير أعلام النبلاء (15/ 426 ط الرسالة)]
ثم قال: «وكان رأسا في الاعتزال – الله يسامحه». [سير أعلام النبلاء (15/ 427 ط الرسالة)]
ابن عبد الهادي
المثال الأول:
قال عن ابن خِرَاش: «(1) الحافظُ (1) البارعُ (3) النَّاقد». ثم قال: «وقال أبو زُرْعة محمدُ بنُ يوسف: خرَّج ابنُ خِراش مثالبَ الشَّيخين، وكان رافضيًّا» [طبقات علماء الحديث (2/ 402)]
المثال الثاني:
قال عن ابن حزم: «الإمام، العلامة، الفقيه، الحافظ، أحد الأعلام، أبو محمد، عليُّ بنُ أحمد بن سعيد بن حَزْم» وقال: «وكان إليه المنتهى في الذَّكاء والحِفْظ، والاطِّلاع على العُلُوم، وكان أولًا شافعيًّا، ثم صار ظَاهرِيًّا فجْتهدًا» [طبقات علماء الحديث (3/ 341)]
ثم قال عنه: «تبيَّنَ لي منه أنه جَهْميٌّ جَلْد». [طبقات علماء الحديث (3/ 350)]
المثال الثالث:
قال عن الوُحَاظِي: «الإمام الحافظ، عالم الشّام، أبو زكريّا، يحيى بنُ صالح الحِمْصي الفقيه». [طبقات علماء الحديث (2/ 44)]
«وقد وثَّقه غيرُ واحد. وتُكُلِّم فيه لأجل بِدعة. قال العُقَيلي: حمصيٌّ جَهْميٌ. وقال أحمد بنُ حنبل: كأنّه يميلُ إلى رأي جَهْم». [طبقات علماء الحديث (2/ 45)]
وهكذا لو نظرت في كلام أكثر المتأخرين لوجدته على هذا النحو. فهل قولهم “إمام” عن شخص يقتضي تعديله؟ فضلًا عن أن يقام الولاء والبراء على إمامته كما تفعل المدجنة؟ عافانا الله من بدعتهم.
قال الدشتي: «ولا أئمة للمسلمين غير أصحاب الحديث» [إثبات الحد ص150]