لماذا يحتفل الناس برأس السنة؟ وما الذي يجعل هذا تحديدًا هو بداية سنة جديدة؟ مع أن التقويم الفارسي، والتقويم الصيني، والتقويم اليهودي، وبالطبع التقويم الإسلامي، كلها لا يعتبر هذا هو رأس السنة.
لا شك أن فقراء الجيب والعِزَّة والانتماء والثقافة والدين دائما ما يتبعون بل يجرون خلف ثقافة المستعمر، وهذا ما يفسر لك سبب العناية بهذا العيد تحديدا.
لكن من أين جاء هذا العيد أساسا؟
بحسب دائرة معارف الكتاب العالمي المجلد ١٤، ص ٢٣٧. «اسس الحاكم الروماني يوليوس قيصر (١ كانون الثاني) كعيد رأس السنة في ٤٦ قم. وكرَّس الرومان هذا العيد للاله يانوس، اله البوّابات والابواب والبدايات. وشهر كانون الثاني سمِّي باسم يانوس، الذي كان له وجهان؛ الواحد ينظر الى الامام والآخر ينظر الى الوراء»
فلماذا يرتبط رأس السنة بهذا الوثن تحديدًا؟
هذا الوثن له وجهان، يشير كل وجه إلى اتجاه معاكس للآخر. يُمثل وجه واحد نهاية السنة والوجه الآخر بدايتها. وهذا الذي يعبر عند عبيده عن التغيير والانتقال من مرحلة إلى أخرى، ويعتبرونه المُقَدِّر للنزاعات والحروب والسلام.
وهذا ما أخذه عنهم النصارى والنتسبين للإسلام، حيث تجدهم يعتقدون أن السنة ستأتي بالخير، أو تأتي بالشر. والواقع أن السنة ليست إلا نظام حسابي قابل للتغيير، لا تأتي بشيء.
فو أننا وجدنا آباءنا يعتبرون شهر سبتمبر (التاسع) هو بداية السنة، وأن السنة 6 شهور، فلن يختلف شيء في حياتنا،
لو كان الناس يعرفون دينهم لعلموا أن القدر ينزل سنويا في ليلة القدر، وليس في السنة هي التي تأتي به في كانون الثاني. فقد قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾
قال ابن عبَّاس: « يُكْتَبُ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ مِنْ رِزْقٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ حَيَاةٍ أَوْ مَطَرٍ، حَتَّى يُكْتَبَ الْحَاجُّ ؛ يَحِجُّ فُلانٌ ، وَيَحِجُّ فَلانٌ» وقال البغوي: «سُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لِأَنَّهَا لَيْلَةُ تَقْدِيرِ الْأُمُورِ وَالْأَحْكَامُ، يُقَدِّرُ اللَّهُ فِيهَا أَمْرَ السَّنَةِ فِي عِبَادِهِ وَبِلَادِهِ إِلَى السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ». [«تفسير البغوي – طيبة» (8/ 482)]
وقال مجاهد بن جبر: يُفْرَق في ليلة القدر ما يكون في السّنة مِن رزْق أو مصيبة، ثم يُقدّم ما شاء، ويؤخّر ما شاء، فأما كتاب الشقاء والسعادة فإنه ثابت لا يتغيّر