مسألة في صلاة الغائب
قال ابن حزم
(مسألة ويصلى على الميت الغائب بإمام وجماعة.
قد «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على النجاشي رضي الله عنه ومات بأرض الحبشة – وصلى معه أصحابه عليه صفوفا» ، وهذا إجماع منهم لا يجوز تعديه)
وقال الماوردي:
«يجوز لأهل البلد أن يصلوا على ميت مات ببلد آخر.
وقال أبو حنيفة لا يجوز ذلك، وذلك رد للسنة الثابتة». [«الحاوي الكبير» (3/ 51)]
كلام مقنع، ودليل ثابت
ولكن هذا لا يكفي
مع العلم أن القول بالمنع قول مالك ورواية عن أحمد.
ولكن الإشكال ليس في ثبوت دليل المجيز، بل في فهمه
فهم ذكروا فعلًا فُعِل مرة ولم يبلغنا تكراره في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه
فهل هو فعل لحادثة خاصة، لا يكرر في حوادث أخرى، أم لحالة خاصة ولا يفعل إلا في مثلها، أم هو عام في كل غائب.
فأما القول بالخصوص فقال ابن عبد البر: «وأكثر أهل العلم يقولون إن ذلك خصوص للنبي صلى الله عليه وسلم». [«الاستذكار» (3/ 27)]
والقاعدة أنه لا يقال بخصوص الفعل للنبي صلى الله عليه وسلم إلا لدليل، ولم أجد لهم دليلا يقوى.
والله أعلم
وأما خصوص الحالة، قال ابن تيمية: «الصواب أن الغائب إذا مات ببلد لم يصل عليه فيه صلي عليه صلاة الغائب، كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي». [«تقريب فتاوى ابن تيمية» (3/ 443)]
كما أنه يعارضه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع بموت المرأة التي كانت تقم المسجد بعد دفنها؛ لم يصل عليها بعيدًا عنها، بل عند قبرها.
والواقع أن القول بخصوص الحالة هو الأقرب، والله أعلم.