ما الفرق بين الليبرالية والعلمانية والديمقراطية؟

لقد تكلمت في أحد المقاطع عن شخص يقول إن أهل السنة منهم الليبرالي والماركسي، ويبدو أن البعض لا يعرف هذه المصطلحات ماذا تعني، ولذا سأحاول تقريب هذه المفاهيم

 

أولا الليبرالية

اسمها جاء من الكلمة اللاتينية “liberalis”، التي تعني “الحر” أو “المتعلق بالحرية”
هي فلسفة سياسية واقتصادية نشأت في القرن السابع عشر، مع فلاسفة مثل جون لوك، الذي دافع عن حقوق الفرد وحريته من وجهة نظره.
تؤكد على حرية الفرد في التفكير والعمل والدين والتعبير عن الرأي، وترفض القيود المفروضة على الحرية الشخصية، إلا بما يحفظ حرية الآخرين. مع
وفي الجانب الاقتصادي: تؤيد اقتصاد السوق الحر مع تدخل محدود من الحكومة.

فمثلا إذا حرق شخص المصحف، فالعقلية الليبرالية منقسمة في توصيفه، فقد يقال: هذه حرية انتقاد، وحرية تعبير، وقد يقال: هذا لا يصح لأنه جرح لمشاعر المسلمين، لكن لا يقال: إنه لا يصح لأنه حرام أو كفر.
وإذا خرج إنسان عاريا، قد يقال هو حر، وقد يقال: لا يجوز من باب الحفاظ على الذوق العام، لكن لا يقال إنه لا يجوز لأنه حرام.

فالفرق بين الليبرالية والإسلام أن الحرية في الإسلام هي نقيض الاستعباد للبشر، ولكن في الليبرالية هي نقيض العبودية لله تعالى.
كذلك حرية الدين في الليبرالية هي تساوي الخيارات، أما في الإسلام فحرية الدرين هي نقيض الإجبار على تغيير الدين، مع وجود فرق شاسع بين الإسلام وغيره في الدنيا والآخرة.

ثانيا العالمانية

هي مبدأ يفصل بين الدين والدولة، ظهر كرد فعل على السلطة الدينية القوية التي كانت في أوروبا، ويؤكد على حياد الدولة في الشؤون الدينية. ويرتكز هذا المبدأ على الفلسفة النسبية القائلة بأنه لا يوجد حق مطلق، فبناء عليه لا علاقة لعلماء الدين بالحكم، وشعارهم (الدين لله والوطن للجميع)
فالدين بالنسبة للعلمانية ليس إلا شعائر تعبدية يفعلها الإنسان في خلوته أو مسجده، ولكنه لا يخرج بها إلى المجتمع.
وتركز العلمانية على أن الفرد ينظر إليه من خلال أخلاقه ومعاملته ولا علاقة لدينه في ذلك.

ويتفرع عن العلمانية فرعان:

الأول:

العلمانية الأخروية: وهم الذين جعلوا الآخرة علمانية، بحيث قد يغفر الله لفرعون، ولا يحبط حسنات من أشرك لأنه خدم الإسلام، والمتصدق على الفقراء وهو كافر أو مبتدع قد يكون عند الله خير من السني الصالح.

الثاني:

العلمانية الناقصة: وهم الذين عزلوا العقيدة عن أن تكون قضية من قضايا الأمة.
فهم خلطوا بين أفكار علمانية وأفكار مناقضة للعلمانية.
فيقولون بأن الدين وجب أن يكون حاكما للدولة، وهذا مبدأ مناقض تماما للعلمانية، إلا أنهم أخذوا من العلمانية عدم الاكتراث للدين الذي يُحكم به، حتى لو حكموا بكتاب الحيل، وجعلوا عقيدة الدولة أشعريةـ بل بعضهم سمى إيران الرافضية جمهورية إسلامية.
كما أخذوا من العلمانية عدم الحكم على الأفراد بناء على معتقدهم، فالمبتدع أو حتى المشرك سيكون مسلما سنيا إذا كثرت أعماله الصالحة.

فالعلماني في أحكمه لا يكترث للدين، أما المسلم فينظر في المصادر الدينية، وإذا خالف مخالفة فلا تكون لأنه غير مكترث.

الفرق بين العلمانية واللبرالية هو أن الليبرالية تركز على حرية الفرد وحقوقه، أما العلمانية فتركز على فصل الدين عن الحكم. كما أن العلمانية لا علاقة لها بالاقتصاد، بينما الليبرالية تركز على الاقتصاد الحر.
الليبرالية لا يمكن تطبيقها دون ديمقراطية، أما العلمانية قد يطبقها حتى الدكتاتور.
وعلى الرغم من التشابه الكبير، فقد تجد دولا تطبق العلمانية مثل تركيا، لكن ليست ليبرالية، لماذا؟ لأنها تفرض قيودا على الحرية الفردية، كما تتحكم بالشؤون الدينية عبر رئاسة الشؤون الدينية. كذلك فرنسا علمانية، لكن ليست ليبرالية لأنها تمنع الحجاب. مع أن الحجاب داخل في الحرية الشخصية ولا علاقة له بالمساس بالغير، ولهذا حتى لا تصنف دول مثل سويسرا والنمسا على أنها غير ليبرالية التفَّت على مسألة منع النقاب فلم تمنعه على أنه نقاب، وإنما منعت تغطية الوجه.
وهناك دول لا تتبنى العلمانية بشكل صارم، وإنما تكون مزيجا، كأكثر الدول العربية التي تنص دساتيرها على أن الإسلام دين الدولة، أو أن الرئيس مسلم، أو أن القوانين لابد من أن تتوافق مع روح الشريعة.

ثالثًا: الديمقراطية

هي سلطة الشعب، جاء اسمها من ديموس (الشعب) كراتوس (حكم) فتجعل الشعب هو المسؤول عن سن القوانين من خلال ممثليه، ويصير دور السلطة هي تنفيذ هذا القانون.
أما الحرية والمساواة وسيادة القانون فهي أمور تعد من لوازم الديمقراطية، وليست هي لب الديمقراطية.

فالديمقراطي إذا قال البرلمان إن الربا جائز صار عنده جائرًا، وإذا قال إنه ممنوع صار عنده ممنوعا، أما في الإسلام فإن الآمر هو الله.

وقد تجد الديمقراطية تسربت إلى الإسلام من خلال بعض الناس، كما ترى مثلا الأشعرية يحتجون على صحة دينهم بكثرة عددهم، وتجد من يقول لك: لا يعقل أن كل هذا العدد أخطأ بينما أنت على الحق، فيربط الحق بالكثرة لا بالدليل.

التسجيل في الجريدة الإلكترونية

عند التسجيل ستصلك مقالات الشيخ الجديدة, كل مقال جديد يكتبه الشيخ سيصلك على الإيميل

(Visited 137 times, 4 visits today)
ما الفرق بين الليبرالية والعلمانية والديمقراطية؟
تمرير للأعلى