من هو أبو عبد الله الخصيبي

من هو الخصيبي الذي يعظمه النصيرية (أو كما يسمَّونَ العلوية)

بسم الله
أبو عبد الله ‌الحسين ‌بن ‌حمدان بن الخصيب ‌الخصيبي الجنبلاني
زعيم طائفة النصيرية (العلويين) في عصره. والطائفة النصيرية هي دين باطني نشأ من أصول شيعية تنتسب إلى الإسلام (وقد شرحت ما هي الباطنية في حلقة خاصة) واختصارًا هم قوم يفسرون القرآن بتفسيرات من عند أنفسهم مخالفة للدين، فمثلا يقول الخصيبي في كتابه (قانون الدين) الصلاة وهي واحد وخمسون ركعة لها إحدى وخمسون شخص منهم سبعة عشر ركعة فرض وأشخاصها: محمد وفاطر والحسن والحسين ومحسن الخفي. وأما النافلة أربعة وثلاثون ركعة لها أربع وثلاثين شخص فأولها: صلاة الزوال ثمانية وهم: القاسم والطاهر وإبراهيم وعبد الله وزينب ورقيه وأم كلثوم واسمها آمنه وفاطمة الزهراء، هؤلاء السبعة أولاد رسول الله من خديجه بنت خويلد إلا إبراهيم فانه من ماريه القبطية وبيده الفرض أربعة محمد وفاطر والحسن والحسين.

وهذا الكلام عندهم دين، وقد قال في كتاب العقود (من عرف أشخاص الأعمال بحقيقتها سقط عنه فرض ظاهرها. (صورة)
يعني إذا حفظت ذلك الكلام فإنك غير مكلف بالصلاة. وكذلك سيحل لك ما حرمه الله.

وكان في كتبه يلعن الشيخين أبا بكر وعمر

طبعا هذه المصادر كانت خفية، لكن بعد الاحتلال الفرنسي

ظهرت هذه الملة في القرن الثالث للهجرة، وكانوا يزعمون أن الله قد دخل في جسد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولهم عقائد غريبة عرضت بعضها في حلقة بعنوان (هل النصيرية مسلمون)

أسس الطائفة أبو شعيب محمد بن نصير البصري النميري (ت 270هـ) ويعتقدون أنه تتلمذ على مهدي الشيعة محمد بن الحسن (وهو شخصية وهمية أصلا) وقالوا هو الباب إليه، ووارث علمه، والحجة من بعده.
بعد أن مات المؤسس هذا خلفه على رئاسة الطائفة محمد بن جندب. ومن بعده أبو محمد عبد الله بن محمد الجنبلاني. نسبة إلى (جنبلا) قرية تسمى جنبلا في العراق بين الكوفة وواسط.
وتتلمذ على الجنبلاني شخصيتنا هذه، أبو عبد الله الخصيبي
وهو مصري الأصل مِن المِنيا، ولد في 260هـ عاش في جنبلا مع أهله، فلما مات الجنبلاني ثم خلفه في رئاسة العلويين الدينية.
وقد أتقن تعلم العربية والأدب، وله ديوان شعر كثير منه ركيك، كما له علم بالفلسفة ونحوها واستفاد العلوم الباطنية من شيخه عبد الله الجنَّان، وقد كان الجنان رجلا ينتسب للإسلام ولكن أفكاره عليها أثر الأديان الفارسية، وهو فارسي الأصل، وكان من تلاميذ محمد بن نصير.

سجن في بغداد بتهمة القرمطة وتأليه علي.

وقال هناك شعرا منه: (بسجن بغداد في طوابقها *** بحب مولاي قد يعادوني) وهذا ركيك، ولو قال (هم يعادوني) أفصح. وقال (إن ولائي وما أدين به ** علي الأعلى وصلت يكفيني)
وأقام فيه مدة قصيرة ثم خرج، وقالوا إن عيسى بن مريم أخرجه. والواقع أنه يعتقد أن الحسين وعيسى واحد، بحسب قولهم بالتناسخ. وقال إن الحسين رفع كما رفع عيسى ولم يقتل. وقال في ذلك شعرا: (سلام على من عظم الله قدره*** ورفَّعه في القدس مع خير خِيرته | سلام على من حجّب الله شخصه *** وأظهر للأعداء شبها كصورته | كعيسى وهو عيسى لا فرق بينهم *** يونه مشهورا ويا حسن شهرته)

وكثير من عقائد الخصيبي جاءت في ديوانه

ثم انتقل الخصيبي حرَّان قرب حلب أيام الدولة الحمدانية، وكانت دولة شيعية زيدية يستطيع أن يتستر هناك بالتشيع وينشر دعوته سرا، وسكن هناك إلى أن مات. ودفن فيها وله قبر معروف بنوا عليه مقاما كبيرا. وهو الذي نشر دينهم هناك، وألف كتاب (الهداية الكبرى) وغيره من كتب ملتهم.

وكان له الأثر الأكبر في الملة النصيرية إذ أنها انتشرت على يديه بعد أن كان يتبعها الواحد بعد الواحد، فصار لها على يديه أتباعا كثر، وهو الذي بلور قواعد دينهم وأصَّل لمعتقداتهم، حتى عرفوا آن ذاك بالخصيبية. وكانوا يسمون أنفسهم (الموحدون) كما فعل الدروز.

ثم عاد إلى العراق حين سيطرت عليها الدولة البويهية هناك، ودعا إلى دينه هناك. وقال أبياتا يسب فيها الشام وأهلها (“سئمت المقام بأرض الشّام… عليهم لعائن ربّ الأنام | فإنّ الشّام قد اختاره…. شقيّ عديّ نسيل الدّلائم | معاويةٌ جاحداً عامداً ….لينقض عهد النبيّ التّهام | فدع عنك ذكر بني المومسات… وشيعتهم من شرار اللّئام | وخلّ الشآم عليها الدّمار ….والعن بذكرك أهل الشآم)

وأنا أقول ردا عليه: (عشقت المقام بأرض الشآم ** عليهم ليرضى إله الأنام | ففيها يوصّي رسول الإله *** وفيها توفي صحب كرام | وليس يضر إذا ذمها *** خبيث نصيري وجيش اللئام )

وأنشأ الخصيبي للنصيرية مركزين واحد في حلب وكان زعيمه من بعد الخصيبي: محمد علي الجلي والآخر في بغداد ورئيسه علي الجسري.

إلا أن مركز حلب انتقل بعد فرار النصيريى إلى الجبال الساحلية في اسكندرون واللاذقية وطرطوس، وصارت مدينة جبلة هي المركز.

أما في بغداد فلم يبق لهم شيء بعد هجوم هولاكو عليهم.

العجيب أن الخصيبي مع انحرافه عن الشيعة ومخالفته لهم في أصول المعتقد إلا أنهم يروون روايات من طريقه كما في كتب محمد باقر المجلسي وغيره، ولعل سبب ذلك أنه كان في بغداد يستخدم التقية، فيظهر بمظهر العالم الاثني عشري، ويكتم دينه تقية.

عاد في آخر حياته إلى مقره قرب حلب.

بلغت مكانة الخصيبي عندهم درجة عالية، حتى أنهم قالوا كما نقل محقق كتاب العقود: إن كل رأي خالف رأي الخصيبي يُضرب به عرض الحائط. وقالوا إن الخصيبي كائن نوراني من الكروبيين، والكروبيون ملائكة.

مات الخصيبي في عام 346هـ وقيل 347هـ وقيل 358هـ بمرض الطاعون، وذفنوه وبنوا له مقاما، ويموه (قبر الشيخ يبراق) وهي كلمة تركية تعني ورق العنب.
_

المراجع :

كتاب العقود للخصيبي | ديوان الخصيبي | قانون الدين للخصيبي | ترجمة الخصيبي لـ يارون فريدمان

التسجيل في الجريدة الإلكترونية

عند التسجيل ستصلك مقالات الشيخ الجديدة, كل مقال جديد يكتبه الشيخ سيصلك على الإيميل

(Visited 69 times, 1 visits today)
من هو أبو عبد الله الخصيبي
تمرير للأعلى