حول ما يسمى “الدعوة الكبرى لسورة يس”، و “الجلجلوتيّة”، و”البرهتية” ومثيلاتها
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إن أعجب ما أتعجب منه، أن الله تعالى قال في كتابه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، ففتح لنا باب الدّعاء ولم يقيده بطريقة ولا لغة ولا لهجة. فالعجب أن الناس وضعوا لأنسهم قيودًا وأصبحوا يبحثون عن صيغ محددة للدعاء، فضيقوا على أنفسهم. بل وزيادة على تركهم للدعاء بلسانهم، تركوا أدعية القرآن الكريم، وأدعية رسول الله ﷺ، وراء كلام يأخذونه من هنا وهناك، فخاضوا في البدع، بل وأحيانا في الشرك الذي في بعض الأدعية.
وهذه الأدعية -في السؤال- هي من تأليف أحمد بن علي البوني، وهو ساحر مشرك. بل أظن أن كل السحرة اليوم قد تربوا على كتابه “شمس المعارف الكبرى”.
وقد قال فيه خالد الجريسي في كتابه الحذر من السحر ص155:
” شمس المعارف ولطائف العوارف، المشتهر بشمس المعارف الكبرى، لمؤلفه أحمد بن علي البُوْني، وهو من أكثر الكتب المتعلقة بطريق التنجيم، بل والأمرِ بعمله – لكن لمستحقه بزعمه -، فهو يحدد ساعات فلكيةً تصلح لأعمال الشر، ويُصرِّح فيه بمُعتقَده بتقديس الكواكب السبع السيارة،”
لكن للأسف، الكثير من الصوفية يرونه من أولياء الله الصالحين، ويصدقون أن الله يعلمه ما لم يعلم الأنبياء، ويظنون أن هذا السحر دين، فينشرون مثل هذا الكلام الذي سألت عنه. كما قال الصوفي “يوسف النبهاني” عنه: “من كبار المشايخ ذوي الأنوار والأسرار، وممن أخذ عنه المرسي، فمن كراماته أنه كان مجاب الدعوة”
وللرد على الأدعية المذكورة، أقول: أن الدعاء جائز، ويجوز للشخص أن يدعو بدعوة سمعها من غيره. ولكن الذي لا يجوز: تحديد صيغة معينة، وأذكار بعدد محدد ليس فيه دليل، والزام الناس به كما هو. وفوق ذلك اختراع اسم لهذا الدعاء.
لإن من فعل ذلك، فقد أتى بشريعة جديدة.
أيضًا فإن السحرة المتلبسين بثوب الدين لا يعطون الطلسم، أو العبارات الكفرية مباشرة، بل يدسونها ضمن كلام كثير جميل، بحيث أن القارئ الذي ليس عنده علم، سيغفل عن العبارات الشركية، والطلاسم السحرية، بسبب ما قرأه من كلام جميل، وأدعية وآيات.
والدعوات السابقة غير أنها تضمنت المذكور آنفا، ففيها مشاكل أخرى.
أولا: الدعوة الكبرى لسورة يس، فيها:
1- أوصاف لله لم ترد في الشرع، مثل:
– (أنت الله المتوحد بالصمدانية) هذا كلام لم أجد له معنى، وهو يختلف عن “الأحد الصمد”
– (ولك الحمد الهي انت الحيك العدل) الحيك، أي النسج ،فكيف يوصَف الله بالحيك ؟!.
– (يا الله أنت الله المقيم بلا حد) وهذه صفات لم ترد في الكتاب والسنّة.
– (يالعالي الشامخ فوق كل شيء ارتفاعه) الشامخ لم ترد في الشرع.
2- قولهم :(وان تسخر لي خدام هذه السورة يكونوا عونا لي على ما أريد من كل خير) وفي مكان آخر (سخر لي خدام هذه السورة الشريفة يطيعوني ويمتثلوا امري) وفي مكان آخر (للهم سخر لي خدام هذه السورة الشريفة يقضوا لي حاجتي ويبلغوني امنيتى) وفي الآخر: (اللهم اني اسالك يا الله ان تسخر لي خدام هذه السورة الشريفة يكونوا لي عوناً لي في كل ما أريد وأطلب , بحقها عليكم وحرمتها لديكم توكلوا وأجيبوا وأطيعوا بحق ما فيها من الأسرار ومن يتخلف منكم احرق بالنار هيا العجل الوحا الساعة)
خدام السورة هم جن مشرك يستحضرونهم من خلال استخدام أحرف موجودة في هذه السورة، أو أنصاف كلمات توافق بعض الطلاسم السحرية أو أسماء الجن.
فإذا كلمه هؤلاء، ظن أن الله سخرهم، والحقيقة أن الذي سخرهم، فيطلبون منه طلبات ينفذها توقعه في الشرك الأعظم، وهو يظن أنه على خير. وقد قال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ الكهف:103-104
ثانيا: الجلجلوتيّة والبرهتية أخطر وأكثر شرًا من السابقة، وفيها:
هذه عبارة عن توسل بالشياطين والعفاريت، ودعاءهم، وتمجيدهم، وتقديسهم. وكلها أمثال: (بنور جلال بازخ وشرنطخ بقدوس بركوت به الظلمة انجلت) و (بنور جلال بازخ وشرنطخ بقدوس برهوت به النار أخمدت، بياه و ييايوه نموه أصاليا بطمطام مهراش لنار العدا سمت، بهال أهيل شلع شلعوب شالع طهى طهوب طيطهوب طيطهت، أنوخ بأملوخ وأبروخ أقسمت بتمليخ ايات شنوخ تشنخت، أبازيخ بيزوخ وزيموخ بعدها فباروخ يشروخ بشمخ تشمخت)
وهذا شرك بالله العظيم.
ثم يقولون أنها أسماء وصفات الله بالسريانية، وان السريانية هي لغة الملائكة! وهذا كلام باطل. فيقولون مثلا: (جل جليوت) البديع (جلجلت) القادر (شماخ) الحليم (طمطام) القوي المتين (شلمخ) المعز
فبعد البحث في القواميس السريانية، لم أجد لها أي معنى، وسألت أخي “مسلم عبد الله” وهو ممن يتحدث السريانية والعبرية والصابئية، فلم يعرف تلك الكلمات، فمن أين أتوا بها؟ فليأتونا بالقواميس!
فإن قالوا أن هذه الكلمات هي بلهجة سريانية مندثرة، وأن الملائكة علمتها لشيوخهم. فنعلم أن كلامهم ليس له أصل. وأن هؤلاء الذين يعلمونهم ليسوا ملائكة، بل شياطين الجن. وما هذه الكلمات إلا أسماء الجن، أو طلاسم سحرية، قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ }.
وننصحكم بمشاهدة هذا الفيديو للشيخ حامد آدم
https://www.youtube.com/watch?v=bx7IXQSlQWc
والله أعلم