البابية

في عام 1235، ولد علي بن محمد الشيرازي «الباب» في مدينة شيراز في إيران، ولما ترعرع بدأ بالدراسة عند «محمد العابد» أحد تلاميذ «كاظم الرشتي» الذي كان يعتبر أحد مجددي عقائد الباطنية، وكان من فرقة اسمها «الشيخيَّة الكشفيَّة» وهم من فرق الرافضة، لكنهم أغرقوا بالفكر الباطني والفلسفي، وكان لهم تعلق خاص بقضية التبشير بقرب ظهور المهدي. وكانوا يقولون إن مهدي الشيعة مات ولكن روحه ستحل في جسد آخر. وزعموا أن الأئمة خالقون رازقون بإذن الله، كما يعتقدون بأن الأجسام لا تعود للحياة بعد الموت. وقيل إن مؤسسها المسمى «أحمد الأحسائي» أصله قسيس زرعوه لإفساد الدين.

أخذ الشيرازي عددا من العلوم، وبرع بالخط، وكان يحب التأمل الروحي، إلا أنه لم يكن ذا شغف بالعلم، فتحول إلى التجارة مع خاله.

ولما بلغ سن 17 التقى به أحد تلاميذ الرشتي، اسمه «جواد الطبطابائي الكربلائي» وسوس له أنه يبدو على وجهه ملامح المهدي، فتأثر به، وصار يقرأ كتب الصوفية، خاصة زنادقتهم الذين يكتبون في الشعوذة وأسرار الأرقام والحروف، ويكثر من جلسات التأمل، وكل هذا والكربلائي يلقي عليه أفكار شيخهم الرشتي. فارتحل إلى كربلاء إلى مجالس الرشتي، وكان الرشتي يعامله معاملة خاصة مميزة لما رأى فيه من دهاء وإغراق في هذا الفكر، حتى أن الرشتي كان يقول كلامًا يُفهم منه أن الشيرازي هو المهدي.

وبعد وفاة الرشتي، أعلن علي الشيرازي بأنه هو «الباب» وأعلن أنَّه الإمام المهدي المنتظر وقائم آل محمد الموعود. وعلى هذا فإنَّه رسول سماوي ومؤسس لدورة دينية مستقلة جديدة ناسخة لما قبلها. وكان عمره يومها 25 سنة.

وقال: إن يوم القيامة هو قيام الشيرازي بدعوته، ومن لا يؤمن به كافر.

كتب كتابًا زعم أنه من عند الله، وأنه خير من القرآن الكريم، سماه «البيان» واختار هذا الاسم ليقول إن قوله تعالى ﴿الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ فالبيان هنا هو كتابه. مع أنه أبعد شيء عن الفصاحة والبيان والذوق اللغوي.

ومما قال فيه: «قل كل البيان لتكتبون علشان تستطيعون أن تقرأون» و«ولا تلبسن ما يخاف به الصبايا لعلكم من نظهره بالحق لا تحزنون» و«لا جناح عليهن في ظهور شعراتهن»

وجمع حوله ثمانية عشر داعيا، فصار عددهم تسعة عشر، وهذا الرقم مقدس عندهم، وسيكون الكلام عنه عند حديثنا عن البهائية. وأرسلهم لنشر دعوته في أرجاء مختلفة.

انتشرت دعوته، وصار له أتباعا، بل وتملكوا السلاح، وقيل إن روسيا التي دعمتهم به. ثم إن الشيوخ بينوا أنه يدعو إلى الكفر، فقررت حكومة إيران ملاحقة هذه الطائفة، وجرت بينهم معارك دامية، وألقت القبض على بعض أفرادها، ومنهم الباب. وكان قد تقرر قتله، لكنه أعلن توبته فاكتفوا بسجنه. ثم إن حاكم أصفهان «منوجر خان» كان من مؤيديه فاستطاع تهريبه من السجن وأخذه إلى أصفهان، ورجع إلى دعوته.

لكن ما إن مات هذا الحاكم؛ ألقي القبض على الباب، وبقي في السجن زمانًا ثم أفتى علماء إيران بقتله، فأعدموه رميا بالرصاص عام 1266هـ.

قبل إعدامه سأله الأمير إن كانت له معجزة، فأجاب الباب بأن معجزته قوة بيانه. فطلب منه الأمير أن يلقي خطبة يصف فيها تلك القاعة التي هم فيها، فألقى خطبة وتلى فيها من آياته المزعومة. وكان الأمير قد كلف بعض الناس بكتابة ما يقول الباب، فلما انتهى؛ قال له الأمير: هل هذه الآيات وحي؟ قال: نعم. قال: وهل تُمحى هذه الآيات من ذهن الموحى إليه؟ فقال: لا. فطلب منه الأمير أن يعيدها، فأعادها، فلما قارنوها بالأولى وجدوها مختلفة، فواجهوه بذلك، فوضع عينه بالأرض، وقال: أنزلت علي هذه المرة هكذا.

وقيل إن جثته أكلتها الكلاب، إلا أن أتباعه ينفون ذلك، ويقولون إنه دفن في طهران، ثم نقلوا جيفته بعد 29 سنة إلى حيفا في فلسطين.

بعد مقتله

أراد البابية الانتقام لبابهم من الحكومة الإيرانية، فشكلوا عصابة لاغتيال شاه إيران، فحاولوا اغتياله بعد أكثر من سنتين من هلاك الباب، وفشلوا، ففتحوا العيون على أنفسهم، وقررت الحكومة إبادتهم عن بكرة أبيهم. فعملت الحكومة حملة للقبض عليهم، فأعدموا منهم، وسجنوا منهم، وممن سجنوه «البهاء» مؤسس الديانة البهائية، ولم ينج منهم إلا من فرَّ من البلاد.

 

ضلالات البابية

  • ربهم لا يمكن رؤيته، لكن له مظاهر، فقد ظهر في صورة أدم، ونوح، وإبراهيم، وهكذا حتى ظهر في «الباب»
  • زعموا أن محمدًا ﷺ ليس آخر الأنبياء.
  • الباب يخلق، قال في كتابه البيان «قد خلقتك بك، ثم كل شيء بقولك».
  • ألف كتابا ركيكًا زعم أنه أُنزل عليه، وقال: هو خير من القرآن.
  • فسر كثيرًا من القرآن تفسيرًا باطنيًّا.
  • فسر سورة يوسف، وزعم أن يوسف ﷺ المراد به هو الحسين. والشمس التي سجدت له فاطمة، والقمر محمدا ﷺ طالب بهدم الكعبة وكل مكان مقدس.
  • كفر من لا يؤمن به من المسلمين.
  • دعا إلى عدم التعايش مع من لا يؤمن بدعوته.
  • زعموا أن الباب أعظم من كل الأنبياء السابقين.
  • أسقطوا العبادات الإسلامية.
  • أسقطوا الجهاد.
  • أسقط الصلاة إلا صلاة الظهر، ولها كيفية عندهم غير ما يعرفه المسلمون.
  • وأمر بالوضوء بماء الورد، فمن لم يجد فليقرأ بعض الأذكار.
  • والحج يكون إلى بيت الباب، أو أصحابة الثمانية عشر.
  • جعل للمعلمين نصيبا في الميراث.
  • دعوا إلى الاختلاط ونزع الحجاب.
  • يجيز للمطلق مراجعة طليقته تسع عشرة مرة.
  • كثير من الكفارات تكون بمنع الإنسان من أن يقرب زوجه، لفترات طويلة لعصها تسعة عشر شهرا، ولا ندري ما ذنب ذلك الزوج.
  • زعموا أن آدم ليس أول البشر.
  • قسموا الشهور إلى تسعة عشر شهرا.[الأقدس127]
  • ينكرون البعث والقيامة وما فيها من صراط، وميزان، وحساب..الخ ويفسرونها تفسيرات باطنية. مثل أن الحساب هو التصديق أو الإنكار للباب، والصراط رؤيته، والميزان كتابه، والجنة معرفة الله، والنار الجهل بالله.

المصادر:

  • كتاب البيان
  • البهائية والقاديانية – السحمراني
  • البابية عرض ونقد – إحسان إلهي ظهير
  • النحلة اللقيطة – عبد المنعم النمر
  • كتاب الأقدس دراسة مقارنة – منذر الحايك
(Visited 530 times, 1 visits today)
البابية

التسجيل في الجريدة الإلكترونية

عند التسجيل ستصلك مقالات الشيخ الجديدة, كل مقال جديد يكتبه الشيخ سيصلك على الإيميل

تمرير للأعلى