مقدمة
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فقد طلب مني أحد المشايخ الفضلاء توثيق أقوال المكفرين للأشعرية، فأجبته لما طلب.
ثم بدا لي نشر هذا البحث وإتاحته للجميع، ردًا على الطائفة التي تمتحن أهل السنة برأيهم بالأشعرية، كما نرى حصل ذلك من المداخلة وداعش ومؤخرا من المدجنة[[1]] فيجعلون الأشعرية هم أئمة الدين، ومن بدعهم مبتدع، فما بالك بمن كفرهم، فإنهم يصفونه بالخارجية بل قال بعضهم منافق وبعضهم جعله معدودًا مع العَلمانيين الكفرة، ومن حمل السلاح من هؤلاء استحل دمهم فقتلهم كما بينتُ ذلك في تسجيل مصور. فدفعني كل ذلك لإظهار هذه الأقوال، ليعلم الناس تلك الجماعات بدَّعت وكفرت مَن مِن أهل العلم.
ولكوننا في زمان نحتاج فيه إلى بيان ما يراه العقلاء من البدهيات؛ أنبه أني لست أعرض رأيي، وهذا واضح من العنوان، ولا هذا بحث لتحرير مسألة تكفيرهم من عدمه وعرض الراجح فيها، فلهذا لن أنقل عمن لا يكفرهم، ولن أذكر الراجح عندي، وليس كل من نقلت عنه نقلا فإني أتبني قوله، أو أوافق على كل رأي أو قول أو عمل له، وإنما هو جمع أقوال المكفرين كما ترى في العنوان.
لن أذكر في هذا البحث مَن عاش قبل ظهورهم وحكم على عقائدهم (كنفي العلو، وخلق القرآن)، بل سأذكر من تكلم بعد ظهورهم. ومع ذلك أعرضت عن أقوال كثيرة في الباب لكونها غير صريحة. كمن وصفهم بالجهمية.
والذين سأنقل أقوالهم على نوعين: مصرح بتكفيرهم بالاسم، وذاكر لمقالتهم مخبر بكفر قائلها.
وعلى الله التوفيق
من صرح بتكفيرهم بالاسم
الحنابلة في زمن الأشعري
قال أبو الفداء المؤيد: «أظهر الأشعري مذهبه، وقرره، فصارت مقالته أشهر المقالات، حتى طبق الأرض ذكرها، ومعظم الحنابلة يحكمون بكفره ويستبيحون دمه، ودم من يقول بقوله» «المختصر في أخبار البشر» (2/90)
الحافظ أبو عبد الله ابن منده (ت395)
صرح رحمه الله بوصفهم بالزندقة: «هذه صفة الزنادقة الأشعرية، الذين ظهروا في هذا العصر، فأعرضوا عن الكتاب والأثر، واعتمدوا القياس، وقالوا بعقولهم السخيفة ما يخالف الأثر» رسالة بعنوان «مجلس في الرد على الزنادقة» (ص6)[[2]]
وقال (ص6): «بخلاف ما ادعى الزنادقة الأشعريون، على حملة العلم المتبعين للكتاب والأثر»
وقال (ص9): «ونقول: من زعم أن حرفا في كتاب الله من المقطوعات مثل: ألم و﴿حَم عسق﴾ وأشباهها غير كلام الله، وأن كلام الله ليس فيه حروف، وأن هذا كلام جبريل: فقد قال بخلق القرآن، وسبيله سبيل عبدة الأوثان» ثم قال (ص11): «وهذه صفة الأشعريين، تقول: ألفاظنا بالقرآن مخلوق، والمقروء والمتلو حكاية عن كلام الله، وأن ما بين الدفتين المكتوب حروفها مخلوقة، فهم قائلون بخلق القرآن عن غير تصريح»
أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن مَزْدئن النهاوندي (ت387 هـ)
قال الهروي: سمعت أحمد بن حمزة وأبا علي الحداد يقولون: «وجدنا أبا العباس أحمد بن محمد النهاوندي على الإنكار على أهل الكلام وتكفير الأشعرية» [ذم الكلام (ج4ص404) تنبيه: حذفوا هذا الكلام من بعض الطبعات]
وقال ابن المِبرد في جمع الجيوش: «أبو العباس أحمد بن محمد النهاوندي، كان إماما جليلا، ذكر أبو علي الحداد، عِظَم شأنه، وأنه كان منكرا على أهل الكلام، وتكفير الأشعرية»
ألف عالم في المئة الرابعة
قال الهروي (ج4ص404): سمعت أحمد بن حمزة يقول: لما اشتد الهجران بين النهاوندي وأبي الفوارس سألوا أبا عبد الله الدينوري؛ فقال: «لقيت ألف شيخ على ما عليه النهاوندي»
الْجُنَيْد (إمام الصوفية) (ت410 هـ)
قال الهروي (ج4ص418): وسمعت إسماعيل بن أحمد البشوزقاني المتفقه يقول: «سمعت الجنيد بن محمد أبو سعد الخطيب يشهد على الأشعري بالزندقة»
يحيى بن عمّار بن ابن العَنْبَس (ت 422هـ)
«الإمام المحدث الواعظ، شيخ سجستان»[[3]]
قال الهروي (ج4ص411): «ورأيت يحيى بن عمار ما لا أحصي من مرة على منبره يكفرهم ويلعنهم، ويشهد على أبي الحسن الأشعري بالزندقة»
أبو الفضل، عمر بن إبراهيم الهروي (ت425هـ)
«وكان محدث هراة وشيخها»[[4]]
قال الهروي (ج4ص411): «ورأيت يحيى بن عمار ما لا أحصي من مرة على منبره يكفرهم ويلعنهم، ويشهد على أبي الحسن الأشعري بالزندقة، وكذلك رأيت عمر بن إبراهيم ومشائخنا»
وقال الهروي (ج4ص413): وسمعت بلال بن أبي منصور المؤذن يقول: سمعت عمر بن إبراهيم يقول: «لا تحل ذبائح الأشعرية؛ لأنهم ليسوا بمسلمين، ولا بأهل كتاب، ولا يثبتون في الأرض كتاب الله»
أبو نصر السجزي (ت444هـ)
قال: «وقال أبو محمّد بن كلاب ومن وافقه، والأشعري وغيرهم: (القرآن غير مخلوق، ومن قال بخلقه كافر إلا أن الله لا يتكلم بالعربية، ولا بغيرها من اللغات ولا يدخل كلامه النظم، والتأليف، والتعاقب، ولا يكون حرفاً ولا صوتاً) فقد بان بما قالوه أن القرآن الذي نفوا الخلق عنه ليس بعربي، وليس له أوّل ولا آخر، ومنكر القرآن العربي وأنه كلام الله كافر بإجماع الفقهاء، ومثبت قرآن لا أوّل له ولا آخر كافر بإجماعهم» [رسالته إلى أهل زبيد (ص154)]
حبال بن أحمد الملقب بـ«سيف السّنة»[[5]]
قال الهروي (ج4ص408): وسمعت أبي يقول: سمعت أبا المظفر الترمذي -هو حبال بن أحمد- إمام أهل ترمذ: «يشهد عليهم بالزندقة»
وقال ابن المبرد في جمع الجيوش: «أبو المظفر الترمذي حبال بن أحمد، إمام أهل ترمذ، كان مجانبا لهم يشهد عليهم بالزندقة».
أبو طاهر مِطْيَار بن أحمد الرُّسْتُمِي الأصبهاني (ت469هـ)
قال الحافظ محمد بن عبد الواحد الدقاق في حقه: «ما رأيت رجلا قط خيرا منه في هجو أهل البدع»[[6]]
نقل عنه الدَّشتي قوله [[7]]:
«الأشعرية ضلال زنادقة إخوان … من عَبَدَ العُزَّى مع الَّلات
بِرَبِّهِمْ كفروا جَهْراً وقولهُمُ … إذا تدبرته أسوا المقالاتِ
ينفون ما أثبتوا عودا ببدئهم … عقائد القوم من أوهى المُحالات»
ابن حزم (ت456هـ)
عقد فصلا في الملل والنحل (ج4ص155) وبدأ الكلام عنهم، فقال «وأما الأشعرية فكانوا ببغداد والبصرة»
ثم نقل عنهم مقالات وكرر تكفيرهم مرارا، وهذه عباراته:
«وهذا كفر صحيح وخلاف لله تعالى ولجميع أهل الإسلام»(4/ 156)
«هذا والله أعظم من قول النصارى وأدخل في الكفر والشرك»(4/157)
«وقال السمناني عن شيوخه من الأشعرية … هذا نص كلامه حرفا حرفا وهذا كفر صريح وشرك بواح … ثم زاد اللعين كفرا على كفر… وهذا شرك لا خفاء به»(4/ 158)
«ونص هذا السمناني ومحمد بن الحسن بن فورك في صدر كلامه في كتاب الأصول … تعالى عن كفر هذا الأرعن»(4/ 158)
«وقال الباقلاني… هذا كفر مجرد»(4/ 159)
«مع أن قولهم ليس لله تعالى إلا كلام واحد قول أحمق… ويقال لهم لا يخلو القرآن عندهم من أنه كلام الله تعالى أو ليس هو كلام الله تعالى فإن قالوا (ليس هو كلام الله تعالى) كفروا»(4/ 159)
«فكيف يقول هؤلاء النوكى أنه ليس لله تعالى إلا كلام واحد أما هذا من الكفر البارد والقحة السمجة»(4/ 159)
«وقالوا كلهم إن القرآن لم ينزل به قط جبريل على قلب محمد عليه الصلاة والسلام وإنما نزل عليه بشيء آخر هو العبارة عن كلام الله وأن القرآن ليس عندنا البتة إلا على هذا المجاز وأن نرى في المصاحف ونسمع من القراء ونقرأ في الصلاة ونحفظ في الصدور ليس هو القرآن البتة ولا شيء منه كلام الله البتة بل شيء آخر وإن كلام الله تعالى لا يفارق ذات الله عز وجل. قال أبو محمد: وهذا من أعظم الكفر»(4/ 159)
«فإن قول هذه الفرقة في هذه المسألة نهاية الكفر بالله عز وجل ومخالفة للقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم ومخالفة جميع أهل الإسلام قبل حدوث هذه الطائفة الملعونة»(4/ 160)
«قال السمناني … هذا نص كلام هذا الفاسق الملحد حرفا حرفا وهذا كفر محض وحماقة … ومن الكفر الصريح أيضا في هذا الكلام الملعون قوله…»(4/ 161)
«وعلى هذه المسألة قتل الأمير محمود بن سبكتكين مولى أمير المؤمنين وصاحب خرا سان رحمه الله ابن فورك شيخ الأشعرية فأحسن الله جزاء محمود على ذلك ولعن ابن فورك وأشياعه وأتباعه. قال أبو محمد: إنما حملهم على الكفر الفاحش قول لهم آخر في نهاية الضلال والإنسلاخ من الإسلام»(4/ 162)
أبو إسماعيل الهروي (481 هـ)
«شيخ خراسان في عصره. من كبار الحنابلة. كان بارعا في اللغة، حافظا للحديث، مظهرا للسنّة داعيا إليها. امتحن وأوذي»[[8]]
نقل نقولات -مرت معنا قبل قليل- في تكفيرهم محتجا بها.
الشريف أبو جعفر عبد الخالق بن عيسى الهاشمي الحنبلي (411 هـ – 470 هـ) وحنابلة زمانه
في مجلس له أشار إلى القشيري ومن معه وقال: «أى صلح يكون بيننا؟ إنما يكون الصلح بين مختصمين على ولاية، أو دنيا، أو تنازع فى ملك. فأما هؤلاء القوم: فإنهم يزعمون أنّا كفار، ونحن نزعم أن من لا يعتقد ما نعتقده كان كافرا، فأىّ صلح بيننا؟»[[9]]
الحنابلة في عصر الغزالي (ت505)
قال الغزالي: «فالحنبلي يكفر الأشعري زاعماً أنه كذب الرسول في إثبات الفوق لله تعالى، وفي الاستواء على العرش، والأشعري يكفره زاعماً أنه مشبه»[[10]]
عبد الوهاب بن عبد الواحد (المعروف بابن الحنبلي) (ت536هـ)
قال في «الرسالة الواضحة في الرد على الأشعرية» (ج2ص452): «فكان آخر البدع ظهورا مذهب الأشعري وتولى نصرته الظلمة وأرباب الدنيا، وأصحاب المظالم، القائلين بما يخالف الشرع من النجامة، والفلسفة، والإدمان على المظالم، والفسق؛ لتعلم أن هذه البدعة شر البدع بظهورها آخر الزمان، وانتشارها في فاسد البلدان، وركوب دعاتها التموية والمحال، والكلام المرخرف، وفي باطنه الكفر والضلال، فزمان هذه البدعة أخبث الأزمنة وأتباعها أخبت الأمة، ودعاتها أقل أديان هذه الملة»
محمد بن عبد الملك الكَرَجِي (532 هـ)
قال في الفصول في الأصول: «فمن قال: أنا شافعي الشرع، أشعري الاعتقاد، قلنا له: هذا من الأضداد لا بل من الارتداد، إذ لم يكن الشافعي أشعري الاعتقاد، ومن قال: أنا حنبلي في الفروع، معتزلي في الأصول، قلنا: قد ضللت إذًا عن سواء السبيل فيما تزعمه، إذ لم يكن أحمد معتزلي الدين والاجتهاد»[[11]]
الحسن بن محمد الخطيب (ت 538 هـ)
وقال ابن المبرد في جمع الجيوش: «الحسن بن محمد الخطيب، كان إماما، وكان يشهد على الأشعري بالزندقة».
ابن قدامة المقدسي (ت620هـ)
قال عنهم: «وهَذَا هُو النِّفَاقُ فِي عهد رَسُول الله ﷺ، وهُو الزندقةُ اليَومَ، وهُو أنْ يُظهِرَ مُوافَقَةَ المُسلمينَ فِي اعتِقَادِهِم ويُضمرَ خلافَ ذَلِكَ، وهَذَا حَالُ هَؤُلَاءِ القَومِ لَا محَالة، فهم زَنَادِقَةٌ بِغَيرِ شكٍّ، فَإنَّهُ لَا شكَّ فِي أنَّهُم يُظهرون تَعظِيمَ المَصَاحِفِ إيهامًا أنَّ فِيهَا القُرآنَ، ويعتقدونَ فِي البَاطِنِ أنَّهُ لَيسَ فِيهَا إلَّا الورقُ والمِدادُ»[المناظرة في القرآن» بتحقيقي(ص51)]
وقال عن أبي الحسن الأشعري(ص52): «ومن العجب أن إمَامَهم الَّذِي أنشأ هَذِه البِدعَةَ رجلٌ لم يُعرَفْ بدينٍ ولَا وَرَعٍ ولَا شَيءٍ مِنْ عُلُومِ الشَّرِيعَةِ البَتَّةَ، ولَا يُنسبُ إلَيهِ مِن العِلمِ إلَّا علمَ الكَلَامِ المَذمومِ، وهُم يعترفونَ بِأنَّهُ أقَامَ على الاعتزالِ أربَعِينَ عَامًا ثمَّ أظهَرَ الرُّجُوعَ عَنهُ، فَلم يظهر مِنهُ بعدَ التَّوبَةِ سوى هَذِه البِدعَةَ، فَكيفَ تَصورَ فِي عُقُولِهِم أنَّ اللهَ لَا يوفِّقُ لمعرِفَة الحقِّ إلَّا عدوَّه، ولَا يَجعَلُ الهدى إلَّا مَعَ مَن لَيسَ لَهُ فِي عِلمِ الاسلامِ نصيبٌ ولَا فِي الدّينِ حَظٌّ»
وقال(ص34): «وإن تصورَ فِي عُقُولِهِم أن الحق خَفِيَ = على رَسُولِ اللهِ ﷺ وعَلى أصحَابِه والتَّابِعِينَ بعدَهم، وعَلى الأئِمَّةِ الَّذين مهَّدوا الدّينَ واقتدَوا بِسَلَفِهِم، واقتَدوا بِهِم مَن بعدَهم = وغُطِّيَ عَنهُم الصَّوابُ ولم يتَبَيَّن لَهُمُ الصَّحِيحُ إلَى أن جَاءَ الأشعَرِيِّ فَبَيَّنَهُ وأوضحَ مَا خَفِيَ على النَّبِيِّ ﷺ وأمتِه وكشفَه؛ فَهَذِهِ عقولٌ سخيفةٌ وآراءٌ ضَعِيفَةٌ؛ إذ يُتَصَورُ فِيهَا أنْ يضيعَ الحقُّ عَن النَّبِيِّ ﷺ ويجدُهُ الأشعَرِيُّ ويغفلُ عَنهُ كلُّ الأمَّةِ، وينتَبِهُ لَهُ دونَهُم، وإن سَاغَ لَهُم هَذَا؛ سَاغَ لسَائِر الكفَّارِ نِسبتُهم لنبيِّنا -عَلَيهِ السَّلَامُ- وأمَّتِه إلَى أنَّهم ضَاعُوا عَن الصَّواب وأُضِلُّوا عَن الطَّرِيقِ، ويَنبَغِي ان تكونَ شريعتُهم غيرَ شَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ ودينُهم غيرَ دينِ الإسلَامِ لِأنَّ دينَ الإسلَامِ هُو الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّد ﷺ، وهَذَا إنَّمَا جَاءَ بِهِ الأشعَرِيُّ، وإن رَضوُا هَذَا واعتَرَفُوا بِهِ؛ خَرجُوا عَن الإسلَامِ بِالكُلِّيَّةِ»
وقال(ص52): «ولَيسَ فِي أهل البدع كلِّهم من يتظاهرُ بِخِلَافِ مَا يَعتَقِدهُ غَيرُهم وغيرُ من أشبهَهُم من الزَّنَادِقَةِ»
وقال: «أخبرونا: هل وجدتم هذه الضلالة وقبيح المقالة عند أحد من المتقدمين سوى قائدكم إلى الجحيم، الناكب بكم عن الصراط المستقيم، الذي لم يعرف له فضيلة في علم شرعي ولا دين مرضي، سوي علم الكلام المذموم المشؤوم الذي الخير فيه معدوم. نشأ في الاعتزال إلى أربعين عاما» [«رسالة في القرآن وكلام الله» (ص54)]
بل جعل الكفار أقرب إلى العذر منهم (ص52): «والكفار الذين لا يؤمنون بالقرآن أقرب إلى العذر في جحدهم للقرآن من هؤلاء الذين يزعمون أنهم يؤمنون به ثم يتركونه بغير حجة»
محمود بن أبي القاسم الدشتي (ت 661 هـ)
نقل في كتابه إثبات الحد قصيدة الدقاق، وختم بها كتابه إثبات الحد (ص267):
«الأشعرية ضلال زنادقة إخوان … من عَبَدَ العُزَّى مع الَّلات
بِرَبِّهِمْ كفروا جَهْراً وقولهُمُ … إذا تدبرته أسوا المقالاتِ»
قلت (محمد بن شمس الدين): فهو نقلها يختم بها كتابه ولا شك أنه مقر لما فيها من تكفير الأشعرية. فقد قال في كتابه (ص180): «فمن مذهب أصحاب الحديث الذين هم أهل السنة وأئمةُ المسلمين وعلماءُ بيانٍ يعتقدون ويشهدون: أن من قال: “ليس لله تعالى حدٌّ” يعني بذلك: أن الله في كل مكان، أو “ليس هو على العرش استوى كما تقرر في قلوب العامة”، أو ليس سبحانه “شخص” ولا “شيء”، أو ليس لله جهة، ولا له مكانٌ؛ فقد ارتد عن دين الإسلام، ولحق بالمشركين، وكفر بالله وبآياته وبما جاء به رسوله ﷺ، تعالى الله عما يقول خصومنا عُلُوًّا كبيراً»
عبد الساتر بن عبد الحميد المقدسي (679 هــ)
«الشّيخ الفقيه، الصّالح، تقيّ الدّين ابن الفقيه أبي مُحَمَّد المقدِسيّ، تفقّه على التّقيّ بن المُعِزّ ومَهَر في المذهب. وسمع من: الشَّيْخ الموفَّق»[[12]]
قال ابن رجب عنه: «وناظر الخصوم وكفّرهم. وكان صاحب جرأة، وتحرق على الأشعرية»[ذيل طبقات الحنابلة (ج2ص299)]
ابن تيمية (ت728هـ)
حكى بنفسه في [التسعينية (1/ 118)] «جاءنا هذان الرسولان بورقة كتبها لهم المُحَكَّم من القضاة أبو الحسن علي بن مخلوف المالكي» وهذا أشعري من تلامذة العز بن عبد السلام، فأرسا ابن تيمية الجواب له، فعادا قال: « ثم رجعا، ولم يأتيا بكلام محصل إلا طلب الحضور، فأغلظت لهم في الجواب، وقلت لهم بصوت رفيع: يا مبدلين، يا مرتدين عن الشريعة، يا زنادقة، وكلامًا آخر كثيرًا، ثم قمت وطلبت فتح الباب والعود إلى مكاني»
وفي [الجامع لسيرة شيخ الإسلام (ص50)] جاء جماعة من المشايخ التدامرة نحو سنة (708هـ) إلى ابن تيمية وقالوا: «يا سيدي قد حمَّلونا كلامًا نقوله لك، وحلَّفونا أنه ما يطَّلِع عليه غيرنا: أن تنزِلَ لهم عن مسألة العرش ومسألة القرآن، ونأخذ خطك بذلك، نوقف عليه السلطان ونقول له: هذا الذي حَبَسْنا ابن تيمية عليه، قد رجع عنه، ونَقْطع نحن الورقة» فقال لهم الشيخ: «تدعونني أن أكتب بخطي أنه ليس فوق العرش إله يُعبد، ولا في المصاحف قرآن، ولا لله في الأرض كلام؟ ! ودقَّ بعمامته الأرضَ، وقام واقفًا ورفع برأسه إلى السماء، وقال: اللهم إني أشهدك على أنهم يدعونني أن أكفر بك وبكتبك ورسلك، وأن هذا شيءٌ ما أعمله» ثم دعا عليهم.
وقال: «ولهذا يعترف هذا الرازي بأن النزاع بينهم وبين المعتزلة في الرؤية قريب من اللفظي فعلم أن هؤلاء حقيقة باطنهم باطن المعتزلة الجهمية المعطلة وإن كان ظاهرهم ظاهر أهل الإثبات كما أن المعتزلة عند التحقيق حقيقة أمرهم أمر الملاحدة نفاة الأسماء والصفات بالكلية وإن تظاهروا بالرد عليهم والملاحدة حقيقة أمرهم حقيقة من يجحد الصانع بالكلية هذا لعمري عند التحقيق» [بيان تلبيس الجهمية (4/ 401)]
قلت: وهو يفرق بين المتقدمين والمتأخرين، وله تفصيل في الأعيان، وهذا لا ينافي كونه من جملة المكفرين كما تبيَّن.
قال: «وقوع الغلط في مثل هذا يوجب ما نقوله دائما إن المجتهد في مثل هذا من المؤمنين إن استفرغ وسعه في طلب الحق؛ فإن الله يغفر له خطأه، وإن حصل منه نوع تقصير؛ فهو ذنب لا يجب ان يبلغ الكفر، وإن كان يطلَق القول بأن هذا الكلام كفر كما أطلق السلف الكفر على من قال ببعض مقالات الجهمية، مثل القول بخلق القرآن، أو إنكار الرؤية، أو نحو ذلك مما هو دون إنكار علو الله على الخلق وأنه فوق العرش فإن تكفير صاحب هذه المقالة كان عندهم من أظهر الأمور؛ فإن التكفير المطلق مثل الوعيد المطلق؛ لا يستلزم تكفير الشخص المعين حتى تقوم عليه الحجة التي تكفر تاركها» [الاستقامة (1/ 163)]
إلا أنه يشترط بالاحتهاد أن يكون من جهة الرسول، لا من جهة الفلسفة، فقال:
«ولا ريب أن من اجتهد في طلب الحق والدين من جهة الرسول ﷺ وأخطأ في بعض ذلك فالله يغفر له خطأه» [درء تعارض العقل والنقل (2/ 103)]
محمد بن عبد الوهاب (ت1206)
قال كما في الدرر السنية (1/ 112): «والكافرون يزعمون أنه هو الإله الأكبر، ولكن معه آلهة أخرى تشفع عنده، والمتكلمون ممن يدعي الإسلام، لكن أضلهم الله عن معرفة الإله، فذكر عن الأشعري ومن تبعه: أنه القادر، وأن الألوهية هي القدرة».
عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب (ت ١٢٨٥هـ)
قال: «وهذه الطائفة التي تنتسب إلى أبي الحسن الأشعري وصفوا رب العالمين بصفات المعدوم والجماد، فلقد أعظموا الفرية على الله وخالفوا أهل الحق من السلف والأئمة وأتباعهم وخالفوا من ينتسبون إليه فإن أبا الحسن الأشعري صرح في كتابيه الإبانة والمقالات بإثبات الصفات الطائفة المنحرفة عن الحق قد تجردت شياطينهم لصد الناس عن سيبل فجحدوا توحيد الله في الإلهية وأجازوا الشرك الذي لا يغفره، فجوزوا أن يعبد غيره من دونه، وجحدوا توحيد صفاته بالتعطيل فالأئمة من أهل السنة وأتباعهم لهم المصنفات المعروفة في الرد على هذه الطائفة الكافرة المعاندة كشفوا فيها كل شبهة لهم وبينوا فيها الحق الذي دل عليه كتاب الله وسنة رسوله وما عليه سلف الأمة وأئمتها» [المطلب الحميد في بيان مقاصد التوحيد (ص163)]
عادل آل حمدان
له كتاب في الموضوع عنوانها: «مسألة في تكفير الأشاعرة»
من ذكَر مقالتهم وقال بكفر قائلها
ابن خزيمة (ت311هـ)
قال: «من زعم أن الله تعالى جل ذكره لم يتكلم إلا مرة ولا يتكلم إلا ما تكلم به ثم انقضى كلامه كفر بالله، بل لم يزل الله متكلما، ولا يزال متكلما، لا مثل لكلامه» [نقله البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 22)]
ابن بطة العكبري (ت ٣٨٧ هـ)
قال: «واعلموا رحمكم الله أن صنفا من الجهمية اعتقدوا بمكر قلوبهم، وخبث آرائهم، وقبيح أهوائهم، أن القرآن مخلوق، فكنوا عن ذلك ببدعة اخترعوها، تمويها وبهرجة على العامة، ليخفى كفرهم، ويستغمض إلحادهم على من قل علمه، وضعفت نحيزته، فقالوا: إن القرآن الذي تكلم الله به وقاله، فهو كلام الله غير مخلوق، وهذا الذي نتلوه ونقرؤه بألسنتنا، ونكتبه في مصاحفنا ليس هو القرآن الذي هو كلام الله، هذا حكاية لذلك، فما نقرؤه نحن حكاية لذلك القرآن بألفاظنا نحن، وألفاظنا به مخلوقة، فدققوا في كفرهم، واحتالوا لإدخال الكفر على العامة بأغمض مسلك» [الإبانة الكبرى (ج5ص317)]
اللالكائي (ت418هـ)
قال: «القرآن تكلم الله به على الحقيقة ، وأنه أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يتحدى به ، وأن يدعو الناس إليه ، وأنه القرآن على الحقيقة. متلو في المحاريب ، مكتوب في المصاحف ، محفوظ في صدور الرجال، ليس بحكاية ولا عبارة عن قرآن ، وهو قرآن واحد غير مخلوق وغير مجعول ومربوب ، بل هو صفة من صفات ذاته ، لم يزل به متكلما ، ومن قال غير هذا فهو كافر ضال مضل مبتدع مخالف لمذاهب السنة والجماعة» [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (2/ 364)]
عبد الغني المقدسي (ت600هـ)
قال: «ونعتقد أن الحروف المكتوبة والأصوات المسموعة عين كلام الله عز وجل، لا حكاية ولا عبارة» ثم قال: «فمن لم يقل إن هذه الأحرف عين كلام الله عز وجل فقد مرق من الدين، وخرج عن جملة المسلمين» [الاقتصاد في الاعتقاد (ص140)]
عبد القادر الجيلاني (ت561هـ)
قال: «فمن زعم أنه مخلوق أو عبارته … فهو كافر بالله العظيم، ولا يخالط ولا يؤاكل ولا يناكح ولا يجاور، بل يهجر ويهان، ولا يصلى خلفه، ولا تقبل شهادته، ولا تصح ولايته في نكاح وليه، ولا يصلى عليه إذا مات، فإن ظفر به استتيب ثلاثًا كالمرتد، فإن تاب وإلا قتل» [الغنية لطالبي طريق الحق (ج1ص128)]
المجد ابن تيمية ووافقه ابن مفلح وغيره
قال ابن مفلح: «قال صاحب المُحرر: والصحيح أن كل بدعة كفرنا فيها الداعية فإنا نفسق المقلد فيها، كمن يقول بخلق القرآن أو أن ألفاظنا به مخلوقة، أو أن علم الله مخلوق، أو أن أسماءه مخلوقة، أو أنه لا يرى في الآخرة، أو يسب الصحابة تدينا، أو أن الإيمان مجرد الاعتقاد، وما أشبه ذلك، فمن كان عالما في شيء من هذه البدع يدعو إليه ويناظر عليه فهو محكوم بكفره» [في الفروع (ج11ص340)]
ابن أبي العز الحنفي (ت792)
قال: « وثالثها: أنه معنى واحد قائم بذات الله، هو الأمر والنهي والخبر والاستخبار، وإن عبر عنه بالعربية كان قرآنا، وإن عبر عنه بالعبريه كان توراة، وهذا قول ابن كلاب ومن وافقه، كالأشعري وغيره» ثم قال في (ص149): «ولا شك أن من قال: إن كلام الله معنى واحد قائم بنفسه تعالى وإن المتلو المحفوظ المكتوب المسموع من القارئ حكاية كلام الله وهو مخلوق، فقد قال بخلق القرآن في المعنى وهو لا يشعر، فإن الله تعالى يقول: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ﴾ أفتراه سبحانه وتعالى يشير إلى ما في نفسه أو إلى المتلو المسموع؟ … فإن قالوا: إنما أشار إلى حكاية ما في نفسه وعبارته وهو المتلو المكتوب المسموع، فأما أن يشير إلى ذاته فلا – فهذا صريح القول بأن القرآن مخلوق، بل هم في ذلك أكفر من المعتزلة» [في شرح الطحاوية (ص128)]
ابن النجار الفتوحي الحنبلى (٩٧٢ هـ)
قال: «فلا تقبل شهادة فاسق بفعل؛ كزانٍ وديوث. أو باعتقاد؛ كمقلد في خلق القرآن، أو في نفي الرؤية، أو في الرفض، أو في التجهُّم، ونحوه كمقلد في التجسيم، وفيما يعتقده الخوارج والقدرية ونحوهم على الأصح.
ويكفر مجتهدهم الداعية؛ فالرافضة: هم الذين يعتقدون كفر الصحابة، أو فسقهم بتقديم غير علي عليه في الخلافة. والجهمية: هم الذين يعتقدون أن الله ليس بمستو على عرشه، وأن القرآن المكتوب في المصاحف ليس بكلام الله سبحانه وتعالى، بل هو عبارة عنه» [معونة أولي النهى (11/ 436)]
محمد بن أحمد بن علي البهوتي الْخَلْوَتي (ت ١٠٨٨ هـ)
قال: «فلا تُقبَل شهادةُ فاسقٍ بفعلٍ؛ كزانٍ، ودَيُّوثٍ، أو باعتقادٍ؛ كمقلِّدٍ في خَلْقِ القرآن، أو نفيِ الرؤيةِ، أو الرَّفْضِ، أو التَجهُّمِ … ويُكَفَّرُ مجتهدُهم … كاعتقاد أن اللَّه ليس بمستوٍ على عرشه، وأن القرآن المكتوبَ في المصاحف ليس بكلام اللَّه، بل هو عبارة عنه» [حاشيته على منتهى الإرادات (7/ 249)]
سليمان بن سحمان النجدي (ت ١٣٤٩هـ)
قال: «وقال الخلال في السنة أخبرني علي بن عيسى أن حنبلا حدثهم قال سمعت أبا عبد الله يقول (من زعم أن الله لم يكلم موسى فقد كفر بالله وكذب القرآن ورد على رسول الله ﷺ آمره يستتاب من هذه المقالة فإن تاب وإلا ضربت عنقه) انتهى. فهذا كلام الإمام أحمد فيمن نفى صفة الكلام فكيف إذا أضاف إلى ذلك نفي علو الله على خلقه واستوائه على عرشه وزعم أنه لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصلا به ولا منفصلا عنه ولا محايث له أترى أنه يشك في كفر هؤلاء» [كشف الأوهام (ص73)]
رابعا: مواقف لبعض لمعاصرين
وقد أفردتها عما سبق لكون كلامهم في المسألة في بعض المواضع بحاجة لتحرير.
اللجنة الدائمة بتوقيع عبد الله بن قعود، عبد الله بن غديان، عبد الرزاق عفيفي، عبد العزيز بن عبد الله بن باز
قالوا: «فمن قال: (لا نقول: إن الله فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال) فهو بهذا مخالف لما دل عليه القرآن والسنة وأجمع عليه المسلمون من عهد الصحابة رضي الله عنهم من أهل العلم والإيمان، فيجب أن يبين له الحق فإن أصر فهو كافر مرتد عن الإسلام لا تصح الصلاة خلفه»[فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى (1/ 515)]
عبد العزيز ابن باز (ت 1420هـ)
سئل ابن باز: «جرى بيني وبين أحد الإخوة نقاش على النحو التالي: إذ سألته عن وجود الله تعالى، فقال: إن الله لا يتصف بالزمان ولا المكان، فاستدليت له بقول الله : ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ فقال: إنك كافر، إن الله ليس في السماء»
فأجاب: «هذا الرجل الذي قال لك هذا الكلام، وأن الله سبحانه ليس فوق العرش هو الكافر، هو الضال المضل؛ لأنه كذب الله، وكذب رسوله ﷺ … فالذي يقول: إن الله ليس في السماء، أو ليس فوق العرش كافر ضال جهمي خبيث»[[13]]
وقال: «من قال: (إن الله لا فوق ولا تحت) فهو كافر. هو فوق، قال الله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ وقال ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾»[[14]]
ابن عثيمين (ت 1421هـ)
قال ابن عثيمين: «الفرق هذه فيها كافر وفيها فاسق، وفيها معذور يختلفون، ما يمكن نحكم بحكم واحد على الجميع. الكافر هو الذي علم الحق وأصر على خلافه وكذب به، والفاسق هو الذي دون ذلك، يعني قريب لكنه عنده شبهة، والمعذور هو الذي اجتهد ولكنه لم يصل اجتهاده إلا إلى هذا، وهناك أشياء؛ ما يمكن فيها الاجتهاد، أشياء واضحة بينة لا يمكن أن نقول فيها بالاجتهاد، هذه يكون المخالف لها معاند، مثلًا: ﴿ثم استوى على العرش﴾ إذا قال: (أنا ما أعرف إلا استوى بمعنى استولى) ماذا نقول لهذا الشخص: هل نقول إنه معاند أو نقول إنه معذور ؟ معاند، لا شك»[[15]]
وقال: «الإمام أبو حنيفة رحمه الله صرح بأن من لم يقر بعلو الله عز وجل وعموم علمه فإنه كافر لا شك في تكفيره، وهذا يدل على أنه كافر عنده يقينا، وقد أثنى عليه ابن القيم بقوله (لله درك من إمام زمان) وهذا يدل على ارتضاء ابن القيم لهذا القول، وهو حق؛ فإن الذي ينكر علو الله مكذب للقرآن والسنة وإجماع السلف، ومخالف للمعقول والمفطور عليه الناس»[[16]]
صالح الفوزان
قال: «قال وكيع: “أدركنا الأعمش وسفيان يحدثون بهذه الأحاديث [يعني: أحاديث الصفات] ولا ينكرونها … ” انتهى. وإنما ينكرها المبتدعة من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، الذين ساروا على منهج مشركي قريش، الذين يكفرون بالرحمن، ويلحدون في أسماء الله» [كتاب الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد (ص144)] [[17]]
سئل الفوزان: «ما حكم من يقول: إن الله موجود بلا مكان»
فأجاب: «هذا جحود للعلو، هذا يجحد العلو، الله فوق السماوات، فو ق العرش، كما أخبر عن نفسه، الله أخبر أنه في العلو، لابد من اعتقاد هذا، فمن جحد هذا، فإنه ليس بمؤمن بالله» [[18]]
عبد الله الغنيمان
قال: «أما الكلام الذي هو بالحرف واللفظ فلا يختلف أهل البدع في أن الله لا يوصف به، فالأشاعرة والكلابية وأصلهم المعتزلة والجهمية وغيرهم من الفرق الضالة متفقون على هذا» إلى قوله: «وبهذا يتفقون مع إخوانهم بل مع أساتذتهم المعتزلة أن القرآن مخلوق، وهذا كفر بالله جل وعلا»[ شرح الواسطية (10/ 2)]
أحمد القعيمي الحنبلي
قال في درس له: «قال ابن النجار: “الجهمية هم الذين يعتقدون أن الله ليس بمستو على عرشه” وهذه كما قال الشيخ با بطين: “قد عمت البلوى بها” … عندنا بحمد الله لا نكاد نجد من يقول: “إن الله ليس بمستو على عرشه” في كثير من المدن، لكن خارج السعودية هناك من يعتقد بهذا الاعتقاد، فعلى المذهب: لا تصح الصلاة خلفهم. ويقول الشيخ با بطين: “ولقد عمت البلوى بذلك، ولا سيما في المسألتين” -المسألتان يقصد بهما كلام ابن النجار- يقول: “الجهمية” وهم امتدادهم الآن الأشاعرة، وفي بعض اعتقاداتهم يوافقون الجهمية، قال [ابن النجار]: “وهم الذين يقولون إن الله ليس بمستو على عرشه، وأن القرآن المكتوب بين أيدينا ليس بكلام الله، بل هو عبارة عنه»[[19]]
بدر بن طامي العتيبي
السائل: «شيخنا، هل تكفر الأشاعرة؟» الشيخ: «هم قسمان: جهمية كفار، ومبتدعة ضلال» السائل: «والتقسيم باعتبار متقدميهم ومتأخريهم أم ماذا؟» الشيخ: «خم متأولة، من سلك مسلك الجهمية فهو منهم، ومن سلك مسلك ابن كلاب فهو المبتدع»[[20]]
سلطان العميري
سُئِلَ: «هل نكفر الأشاعرة بعد إقامة الحجة» فأجاب: «نعم، إذا أقيمت الحجة وأزيلت الشبهة يُكَفَّرون، لأن عددا من أقوالهم هي كفر بالشريعة»[[21]]
خامسا: من نقل الخلاف في كفرهم من المعاصرين
وليد السعيدان
في فتوى له قال: «المتقرر في القواعد أن التكفير الاجتهادي غير ملزم للغير، ونعني بالتكفير الاجتهادي: ذلك التكفير الذي يخالفك فيه غيرك من أهل السنة والجماعة، كتكفير الأشاعرة مثلًا، فإن أهل السنة يختلفون في هذه الجزئية، أو كتكفير طائفة معينة دون ذكر أسماء، فإذا خالفك أحد من أهل السنة ممن يعتبر خلاف؛ في تكفير هذه الطائفة، فلا حق لك أن تلزمه بنتائج تكفيرك الاجتهادي، فلابد من البحث في هذه الطائفة، هل اتفق أهل السنة والجماعة على الحكم عليهم بالكفر، أم أن تكفيرهم عند أهل السنة لا يزال في دائرة الاختلاف، فإذا كان أهل السنة والجماعة قد أجمعوا على تكفيرهم؛ فإنه لا يحل مخالفة الإجماع … وإما إذا كان أهل السنة والجماعة يختلفون في تكفيرهم؛ فإنك تجتهد فيهم، وتتعبد اللهَ b وجل بما أداك إليه اجتهادك فيهم، ولكن لا يحل لك أن تلزم أخاك بنتائج اجتهادك. وهكذا يقال في التبديع الاجتهادي» [[22]]
سليمان العلوان
قال: «أهل السنة مختلفون في كفر الأشاعرة، خلافا لمن ذكر من المتأخرين بأن أهل السنة لا يكفرون الأشاعرة، فهذا النقل مغلوط. صحيح أن أكثر أهل السنة والجماعة لا يكفرون الأشاعرة، لكم هناك طوائف تكفر الأشاعرة»[[23]]
* * *
[[1]] جماعة سلفية في الظاهر، أكثرهم تربى في كنف الأشعرية في الأزهر أو ما شابه، تتبنى محاربة كتب السلف والتنفير منها، ومحاربة من يرد على الأشعرية.
[[2]] يمكن تحميلها من هنا https://t.me/motoon_s/169 .
[[3]] سير أعلام النبلاء – ط الحديث (13/ 170).
[[4]] سير أعلام النبلاء – ط الحديث (13/ 151).
[[5]] نزهة الألباب في الألقاب (1/ 385).
[[6]] إثبات الحد (ص267) ت العتيبي وعادل آل حمدان.
[[7]] إثبات الحد (ص267) ت العتيبي وعادل آل حمدان.
[[8]] الأعلام للزركلي (4/ 122).
[[9]] ذيل طبقات الحنابلة – لابن رجب (1/ 21 ت الفقي).
[[10]] فيصل التفرقة ط دار البيروتي (ص26).
[[11]] نقله عنه ابن تيمية في مجموع الفتاوى (4/ 177).
[[12]] تاريخ الإسلام – ت تدمري (50/ 324).
[[13]] https://binbaz.org.sa/fatwas/14402/حكم-من-ينكر-استواء-الله-على-العرش
[[14]] https://archive.org/details/20230121_20106
[[15]] https://archive.org/details/20230121_2023v08
[[16]] https://archive.org/details/20230121_20230121_2116 (شرح نونية ابن القيم، الشريط شرح نونية 16b) https://www.alathar.net/home/esound/index.php?op=codevi&coid=129808
[[17]] https://archive.org/details/20230121_20230121_2116
[[18]] https://archive.org/details/202301k8
[[19]] https://archive.org/details/20230121_207
[[20]] https://archive.org/details/20230105_20230121
[[21]] https://archive.org/details/202302104
[[22]] https://archive.org/details/20230121_2106
[[23]] https://archive.org/details/202301205