بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
إن الحي لا تؤمَن عليه الفتنة، وقد نحسن الظن بشخص ما ثم ما نلبث حتى نجده انتكس على عقبيه كما رأيتم من وسيم يوسف على سبيل المثال، فإذا أحسنا الظن برجل ثم تغير فكثير من الناس قد يحمل حسن ظننا السابق على عمله اللاحق، كما ترون مثلا فئة من الناس يحمِّلون العلماء الذين مدحوا ربيعا المدخلي سابقًا كل المؤاخذات التي ظهرت منه لاحقًا بعد مدحهم له. بل قد نحسن الظن بالشخص وهو عنده أمر يخفى علينا حال حسن الظن هذا، كما وقع لي حينما كنت أحسن الظن ببعض المدرسين، حتى علمت عنهم مخالفات صريحة في أصول الدين. فهذه أمور تخيف من يريد أن يمدح شخصًا، والله المستعان. بل قد يدرس الإنسان عند شيخ فترة قبل أن يتبين له ضلاله، فكيف إذا نصح بمن عرفه دون لقاء!
قال ابن تيمية عن أشهر الزنادقة:
«وإنما كنت قديما ممن يحسن الظن بابن عربي ويعظمه: لما رأيت في كتبه من الفوائد مثل كلامه في كثير من الفتوحات … ونحو ذلك. ولم نكن بعد اطلعنا على حقيقة مقصوده ولم نطالع الفصوص ونحوه». [مجموع الفتاوى (2/ 464)]
وإني أنصح بالكتاب والسنة، ثم بكتب السلف، فمن وافقها واتخذها منهجا له مِن كبير أو صغير فأنا أنصح به، ومن خالفها برأيه وهواه، أو قدَّم عليها آراء المتكلمين أو المتأخرين، فإني من النصح به بريء.
كما تبرأ إمام المخالفين والمخاصمين من شيخه الوحدوي الذي كان يزوره كل سنة مرتين أو أربع ويأخذ طلابه إليه، فقال: (فتبت إلى الله من صحبته ومن تعمّد اجتماعي به، ومما عساه يكون طرق سمعي من لفظه ولم أصرح بإنكاره من اعتقاد مخالف للشرع، وعقدت التوبة بذلك) [الاستيقاظ والتوبة]