محنة ابن الشرائحي و الملكاوي

في هذه المحنة معنا شخصيتان

الأولى:

جمال الدين «عبد الله بن إبراهيم بن خليل». الشرائحي [المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي (7/ 64)] المحدث شيخ «الحديث بالمدرسة الناصرية». [تاريخ ابن حجي (1/ 307)] «أكثر جداً من المسموع، وعرف العالي والنازل، وشارك في فنون الحديث». [المنهل الصافي (7/ 64)] وصفه أبو البركات الغزي بـ «حافظ الشام». [بهجة الناظرين إلى تراجم المتأخرين من الشافعية البارعين (ص64)] (و‌‌748 – ت 820هـ)

الثانية:

«برهان الدين ‌إبراهيم ‌بن محمد ‌الملكاوي وكان له اشتغال وفضيلة ويعرف الفرائض ويعاني اتباع السنن». [تاريخ ابن حجي (1/ 529)] «وَمهر فِي الْقرَاءَات». [الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (1/ 146)] (ت804 هـ) «اشتغل في الفقه والنحو والحديث والفرائض، وبرع فيها وكان يقرئها في الجامع الأموي بين المغرب والعشاء». [بهجة الناظرين إلى تراجم المتأخرين من الشافعية البارعين (ص155)]

 

حكى قصتهما ابن حجر (وهو من تلاميذ ابن الشرائحي) في: إنباء الغمر بأبناء العمر (2/ 141) وقبله ابن ‌حِجِّي في تاريخه (1/ 453)] وغيرهما.

 

والأمر هو أن الأشعرية التكفيريين يبغضون كتب الرَّدِّ على الجهميَّة، حيث أنَّك لو قرأتها لوجدتها ردودًا على الأشعرية، فهي تفضح تجهمهم ومخالفتهم لعقيدة السَّلَف رضي الله عنهم.

ومن أهم الكتب التي تفتُّ أكبادهم وتحرق عيونهم كتب الإمام عثمان بن سعيدٍ الدَّارمي، فكان ذنب الشيخين هو أن الشيخ إبراهيم الملكاوي اتفق مع الشيخ الشرائحي أن يقرأ إبراهيم عليه كتاب الرد على ‌الجهمية لعثمان الدارمي، وفعلًا بدؤوا المجلس، وحضره الناس، وكان من الحاضرين: عمر الكفيري، الذي قال عنه أبو البركات الغزي: «صحيح الاعتقاد أشعري العقيدة لا تأخذه في الله لومة لائم، شديداً على المجسمة والمبتدعة، وكان الحنابلة منه في ضيق». [بهجة الناظرين إلى تراجم المتأخرين من الشافعية البارعين (ص214)] حضر (لا سامحه الله) هذا المجلس، فامتعض مما سمِع، فأنكر عليهم وشنع وأخذ نسخة من الكتاب وذهب بها واشتكى عليهم عند القاضي المالكي إبراهيم التادلي. فسارع هذا القاضي الظالم باستدعاء الشيخ الشرائحي، وأساء إليه بالكلام، ثم سجنه. ومزَّقَ نسخة الكتاب.

ثم استدعى الشيخَ الملكاوي، وكان يرفض المجيء، فأحضروه رغمًا عنه، فسأله القاضي الظالم عن عقيدته، فقال: الإيمان بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانزعج المجرم من جوابه هذا فأمر جنوده فضربوا الشيخ، وثم أركبوه دابَّة وطافوا به في شوارع المدينة وصاروا يصيحون بكلام عنه بطريقة مهينة لإذلاله، ولكنه لم يسجنه.

ثم سمع القاضي بعد أسبوع أن الشَّيخ قال كلامًا ما، فغضب منه القاضي، فأتى به وضربه، وسجنه شهرًا.

 

التسجيل في الجريدة الإلكترونية

عند التسجيل ستصلك مقالات الشيخ الجديدة, كل مقال جديد يكتبه الشيخ سيصلك على الإيميل

(Visited 246 times, 1 visits today)
محنة ابن الشرائحي و الملكاوي
تمرير للأعلى