هل كسر عمر ضلع فاطمة؟
الجواب المختصر:
هذا من الكذب لعدة وجوه:
- لم يأت لهذا الكلام أي أثر في كتب أهل السنة، أما عند الرافضة فجاء بما لا يصح إسناده بحال.
- روايات الشيعة متضاربة متناقضة في هذا.
- لا يعقل أن مثل هذه الحادثة ولا يتحرك علي رضي الله عنه للدفاع عن زوجته والاقتتال مع عمر رضي الله عنه، بل ولا حتى طالب بالقصاص منه.
- ظهر من علي رضي الله عنه المحبة وحسن العلاقة مع عمر، وسمى أبه عمر، وهذا ينافي الوفاء لفاطمة لو كانت القصة صحيحة.
- هذه القصة باطلة على أصولهم، فهي تنفي ما يزعمونه من علم علي رضي الله عنه بالغيب، فلو علم لسَلِم وما بقي وأبقاها في البيت.
الجواب الكامل:
أولًا: صحة الروايات:
روايات الشيعة مدارها على سُليم بن قيس الهلالي، وهذا الرجل يُقال إنه من خواص أصحاب الأئمة الأربعة الأوائل عند الشيعة، إلا أن هذا عبارة عن شخصية وهمية نسب لها هذا الكتاب. ولهذا قال محمد باقر البهبودي: «وكان أصحابنا يقولون: إنَّ سُليماً لا يُعرف ولا ذُكر في خبر»
ثم قال: (والكتاب موضوع لا مزية فيه… وفيه الأعاجيب والأكاذيب والترهات) [معرفة الحديث ص359]
قال الشيخ المفيد عن كتاب سليم بن قيس: «هذا الكتاب غير موثوق به، ولا يجوز العمل على أكثره، وقد حصل فيه تخليط وتدليس، فينبغي للمتدين أن يجتنب العمل بكل ما فيه، ولا يعول على جملته» [تصحيح اعتقادات الإمامية – الشيخ المفيد – الصفحة ١٤٩]
وقال أبو منصور الحلي: الكتاب موضوع لا مرية فيه: (والكتاب موضوع لا مرية فيه، وعلى ذلك علامات) [خلاصة الأقوال 162]
قال محمد آصف محسني: (كتاب سليم لم يصل بسند معتبر) [مشرعة بحار الأنوار ص23]
والراوي الوحيد عن سليم هو أبان بن أبي عياش. ذكر ذلك البهبودي [معرفة الحديث ص363] وقاله المحقق محمد باقر الأنصاري (ص9)
وقال الطوسي، محمد بن الحسن: (أبان بن أبي عياش، فيروز: تابعي ضعيف) [رجال الطوسي 1264]
وقال عبد الله علي أحمد الدقاق: (أبان بن أبي عياش، فهو الراوي الوحيد لكتاب سليم، وقد ضعّفة قدماء الرجاليين، فلايمكن الإعتماد على رواياته)فيكتابحقيقةمصحف علي[ص82]
الرواية المسندة
وجاءت رواية في دلائل الإمامة من طريق محمد بن هارون التلعكبري قال الجواهري: مجهول. في المفيد من معجم رجال الحديث ص586.
ثانيًا: وقوع الاضطراب فيها:
التناقض الأول: ما يتعلق بمحسن
الفريق الأول قالوا: كانت حاملا بمُحسن فأسقطت لما ضُربَت. وذلك في كتاب سليم الهلالي ص153 وفي كتاب مأساة الزهراء (رواية 50) وفي مرآة العقول ص320
الفريق الثاني: أسقطت بسبب الحزن على أبيها. وهذا في مأساة الزهراء ج2ص144. وكتاب فاطمة بنت رسول الله ص94
يضاف إلى هذا ضعف الرواية التي تثبت حملها بمحسن أصلا، كما بين ذلك المجلسي في مرآة العقول ج21ص32
التناقض الثاني: حول الباب.
الباب كان من سعف. بحار الأنوار ج28ص227 وكتاب ظلامة الزهراء ص101.
وقد جاء أن آل محمد أبواب بيوتهم من الجريد. في بحار الأنوار ج38ص175 وفي كتاب الخصال ج2ص373
وفي بحار الأنوار لم يُذكر الباب وكسره أصلا، ج28ص227
التناقض الثالث: هل كانت في المنزل؟
القول الأول: أنها بقيت وكسر ضلعها.
القول الثاني: خرجت من المنزل. بحار الأنوار ج28ص227
التناقض الرابع: هل عمر موجود؟
في كتاب سليم الهلالي ص153 أن عمر أرسل إلى قنفذ أن يضربها، وهذا يعني عدم وجوده في المكان.
وفي نفس الكتاب ص387 أنه كان موجودًا
التناقض الخامس: دفاع علي.
يقال: علي لم يدافع عن فاطمة لأن رسول الله ﷺ أوصاه أن لا يثير فتنة. في بحار الأنوار ج28ص249
بينما يقولون إن عمر قلع ميزابا من بيت العباس، فحمل علي سيفه وذهب للمسجد، وأمر برد الميزاب، وقال: إن قلعه أحد فإني سأقتله وأصلبه.
فهل الميزاب عنده أكرم من ضلع بنت رسول الله.
التناقض السادس: من الذي ضربها؟
القول الأول: ضربها المغيرة بن شعبة، وهذا جاء في مرآة العقول ج5ص321 وبحار الأنوار ج43ص197 ومأساة الزهراء رواية 50
القول الثاني: ضربها قنفذ. وهذا في كتاب سليم الهلالي ص153 وفي كتاب الاحتجاج ص107 وفي مرآة العقول ص320
القول الثالث: ضربها عمر بغمد السيف. كتاب سليم الهلالي ص387
التناقض السابع: من أمر قنفذ بضربها؟
القول الأول: عمر . في كتاب سليم الهلالي ص153
القول الثاني: أبو بكر. في كتاب الاحتجاج ص107
ثالثًا: أنكرها عقلاء الشيعة.
أنكرها محمد الحسين آل كاشف الغطاء في كتابه جنة المأوى ص135، قال:
ولكن قضيّة ضرب الزهراء ولطم خدّها ممَا لا يكاد يقبله وجداني ويتقبله عقلي، ويقتنع به مشاعري، لا لأن القوم يتحرّجون ويتورعون من هذه الجرأة العظيمة، بل لأن السجايا العربيّة والتقاليد الجاهليّة التي ركزتها الشريعة الإسلامية وزادتها تأييدًا وتأكيدا تمنع بشدة أن تضرب المرأة أو تمد إليها يد سوء، حتى أنّ في بعض كلمات أمير المؤمنين (ع) ما معناه: أنّ الرجل كأن في الجاهلية إذا ضرب المرأة يبقى ذلك عارا في أعقابه ونسله.
وحين سئل إمامهم الخوئي عن صحة الرواية؛ حاد عن الجواب عن الصحة، واكتفى بقول (ذلك مشهور معروف، والله العالم) [صراط النجاة ص314] وهو يعرف تماما أن السؤال عن الصحة، وأن الشهرة لا تعني الصحة كما بين ذلك الشيرازي.
كذلك جعفر العاملي لما جمع الصحيح من سيرة الإمام علي، لم يذكر القصة التي فيها كسر الضلع. وكذلك في ظلامة الزهراء.
والحمد لله