الدروز (الديانة الدرزية)

الدروز، أو الديانة الدرزية، ويطلقون على أنفسهم “الموحدون” نسبة إلى توحيد إلههم الحاكم بأمر الله الفاطمي. وعندهم خمسة أنبياء، وكتاب غير القرآن، ويرون كفر كل من لم لم يكن درزيا، بل حتى عوام الدروز عندهم كافرون، الأصل في دينهم السِّرِّية والتقية، فإن عاشوا بين مسلمين أظهروا الإسلام، وإن عاشوا بين النصارى أظهروا النصرانية، ويسبون الأنبياء والصحابة، ويؤمنون بالتقمص، أي أن الشخص إذا مات تنتقل روحه إلى غيره، وأن نبيهم هو الذي كان يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن. ويؤمنون أن إلههم سيرجع آخر الزمان بعد أن اختفى، ليقتل أو يُذل ويعاقب كل من لم يؤمن به.

قبل البداية أحب التنبيه إلا أن المقال معتمد بشكل أساسي في معرفة عقائدهم على رسائل الحكمة، وهو كتابهم المقدس، وعلى كتاب “تعليم الدين الدرزي” وهو كتاب يُدّرَّس لِمَن كان يريد التدين منهم. وهذه الكتب وإن كانت سرية، إلا أنها سُربت، وأكد المهتدون صحتها بلا خلاف.

لمحة

نشأت هذه الديانة عام 407 هـ تقريباً على يد “حمزة الزوزني” الذي يُعتبر كالنبي عندهم، وإلهه هو “الحاكم بأمر الله” العبيدي.

قال في رسائل الحكمة: ثم إن مولانا علينا سلامه ورحمته ظهر لنا في الناسوت البشرية، ونزوله عن الحمار إلى الأرض وركوبه آخر محاذي باب المسجد؛ دليل على تغيير الشريعة وإثبات التوحيد وإظهار الشريعة الروحانية على يد عبده حمزة ابنُ علي ابنُ أحمد ومملوكِه هادي المستجيبين المنتقم من المشركين بسيف مولانا، وشدةِ سلطانه وحده لا شريك له.

أما “نشتكين الدَّرَزي” الذي يُنسب إليه الدروز فهو أول من دعا إلى هذه الديانة في العلن بعد أن كانت سريّة، لكن سرعان ما حكموا بكفره وقتلوه لأنه كشف المستور.

ويظن بعض الناس أن الدرزيّة مذهبٌ إسلامي، وهذا خطأ كبير، وسببه أنّ الدروز أخفوا عقيدتهم خوفاً من الاضطهاد وتلبسوا بزي المسلمين الذين كانت لهم الشوكة، ولا يزال الدروز إلى اليوم [أغلبهم] يقولون للناس بأنهم من المسلمين، حيث أن من أصول دينهم: “التقية” بمعنى أنهم لا يكشفون دينهم للناس، فإذا كانت القوة للمسلمين؛ أظهروا الإسلام، وإذا كانت لليهود؛ أظهروا اليهودية، وإذا كانت للنصارى؛ أظهروا النصرانية، كما قال حمزة الزوزني في الرسالة الثالثة والثلاثين: ” فعليكم بحفظِها ، وصيانتِها عن غيرِ أهلِها ، والاستتارِ بالمألوفِ عندَ أهلِهِ”

 

التاريخ

قبيل النشأة:

في عام 386هـ مات الخليفة العُبيدي “العزيز بالله” وتولى الخلافة بعده “المنصور” ثم من بعده إبنه الملقب بـ “أبي تميم أحمد”، وكان له من العمر حوالي إحدى عشرة سنة. اتخذ الخليفة الصغير لنفسه لقب “الحاكم بأمر الله” وكان قوي العزيمة وذو شخصية استثنائية اثارت الجدل الكثير في عصره وحتى الآن.

قال الذهبي: «وَكَانَ شَيطَاناً مَريداً جَبَّاراً عنيداً، كَثِيْر التلُوَّنَ، سفَّاكاً لِلدمَاء، خَبِيْثَ النِّحْلَة، عَظِيْمَ المكْرِ جَوَاداً مُمَدَّحاً، لَهُ شَأْنٌ عَجِيْبٌ، وَنبأٌ غَرِيْبٌ، كَانَ فِرْعَوْن زمَانه، يَخْتَرِع كُلَّ وَقتٍ أَحْكَاماً يُلْزِمُ الرَّعيَة بِهَا. أَمر بِسَبِّ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَبكِتَابَةِ ذَلِكَ عَلَى أَبْوَابِ المَسَاجِدِ وَالشوَارع» [«سير أعلام النبلاء» (15/ 174 ط الرسالة)]، حتى أنه كان يأمر الناس إذا ذكره الخطيب على المنبر أن يقوموا على أقدامهم صفوفًا إعظامًا لذكره، فكان الناس يحاولون إرضاءه عن طريق تبجيله وتفخيمه.

وله تصرفات غريبة، فكان يستمتع برقص البطالين، وذكر الأعضاء التناسلية، إلا أن الدروز يفسرون ذلك بأنه مِن حكمته، ولهذه التصرفات معان باطنية.

البداية:

أحد العمال في قصر الحاكم وهو “حمزة الزوزني” رجل فارسي، كان يدعو سراً إلى تأليه الحاكم، ولعل لدعوته هذه ثلاثة أسباب، حب الحاكم لتعظيم نفسه، والمنافسة بين العبيديين والدول العباسية، وتأثر حمزة بأديان الفرس الوثنية، وكان مع حمزة على تلك الدعوة “نشتكين الدَّرزِي” [دَرزي: أي خياط]، ومعهما رجل يُقال له “الأخرم”، وكان الحاكم يحبهم ويقربهم منه، وكان أيضاً يوجههم ويشرف على دعوتهم.

وفي عام 407هـ أعلن نشتكين دعوتهم هذه على الملأ، وأمر الناس في المساجد أن يجعلوا سجلَا يكتتب فيه الذين يؤمنون بألوهية الحاكم، فاكتتب فيه سبعة عشر ألفاً خوفاً من بطش الحاكم، ثم ذهب وحجّ مع خمسمائة من أصحابه إلى قصر الحاكم.

وقع الخلاف بين حمزة ونشكين بسبب إشهار نشتكين للدعوة، حيث أن حمزة كان يخاف من تبِعات هذا الإعلان، لكنه اضطر إلى كشف دعوته تبعا لما فعله الدرزي، وكان إعلان حمزة في عام 408هـ، وأصبحت هذه السنة هي بداية التقويم الدرزي، وأراد إجبار الناس على دينه، واستحل دماءهم ونساءهم، وأعلن قتالهم.

بعد أن فُضحَ أمر الدين الجديد، ثار الناس على هؤلاء الدعاة بدعم من الأتراك، فاختبأ نشتكين في قصر الحاكم إلى أن تمكن لاحقاً من الفرار إلى وادي التيم [على السفوح الغربية لجبل الشيخ في جنوب شرق لبنان]، وكان يقطنه التنوخيون، وهم قوم كانوا يدينون بالولاء للعبيديين. أما حمزة فاختفى عن الأنظار عام 409 هـ واتخذ مسجد تبر [في المطرية شمال شرق القاهرة] مقاماً له، وعمل فيه على تأسيس جماعة، لكن سرعان ما اكتشَف الناسُ أمره فهاجموه وأحرقوا باب المسجد.

نشتكين الذي أقام بين التنوخيين استطاع نشر دينه بينهم، وأصبح التنوخيون يمجدونه ويُعلون من شأنه، إلا أنه كانت له أفكار مختلفة قليلاً عن أفكار حمزة.

أما حمزة فعاد للظهور عام 410 هـ وعمل على بث دعوته، إلا أنه عندما رأى أن نشتكين الدرزي تصدّر في الناس؛ حقد عليه، وألّب الناس عليه حتّى قتلوه في 411 هـ فطُورِد حمزة من قِبل الظاهر [ابن الحاكم] فهرب إلى بلاد الشام واختفى هناك ولم يظهر حتى مات في عام 430 هـ [وقيل 422 هـ]، إلا أنه خلال هذه المدة كان يكتب الرسائل ويرسلها إلى “المقتني” الذي كان بدوره يشرحها وينشرها.

 

اغتيال الحاكم:

خرج الحاكم في ليلة الاثنين 27 شوال سنة 411 هـ (1021 م) لكي يطوف في المدينة، ولم يكن معه أحد ولم يعد من تلك الليلة

ذكرت الروايات أن أخته المسماة بـ”ست الملك” دبرت لاغتياله فاتفقت مع قائد يقال له: ابن دواس، وتعاهدا على كتمان الأمر، وأن ينصِّبا ابن الحاكم مكانه، ويصير ابن دواس قائد الجيش. فجهز من عنده عبدين، وقال لهما: إذا كانت الليلة الفلانية فكونا في جبل المقطم، ففي تلك الليلة يكون الحاكم هناك في الليل لينظر في النجوم، ففعلا، ثم جاءا بجثته ودفنوها في دار أخته.

ثم جمعت أخته الوزراء والأمراء وأخبرتهم بموت الحاكم وعينوا ابنه “الظاهر” خليفة له.

وقيل بل أن رجلاً من الصعيد قتله غيرة لله وللإسلام، ثم عندما كُشِفَ أمر هذا القاتل قام بقتل نفسه.

وقد اتخذ الدروز اختفاء الحاكم في تلك الظروف الغامضة ذريعة للقول بأنه إله وأنه ارتفع إلى السماء، وسيعود يوماً ما.

 

عهد الخليفة الظاهر

عندما استقر الأمر للظاهر ، أخذ بنصح عمته “ست الملك” فقام بتغيير سياسة أبيه، وألغى القوانين الجائرة التي وضعها الحاكم، والتشريعات غير الإسلامية، وأمر بالقبض على الدروز وقتلهم، فادّعوا بأنهم مسلمون ظاهراً خوفاً على حياتهم، ولا يزالون في هذا النفاق إلى اليوم.

مؤسسو الدين الدرزي

المؤسسون لهذا الدين هم خمسة

1- حمزةُ بنُ عليٍّ بنِ أحمدَ الزوزني الفارسيُّ.

2- إسماعيلُ بنُ محمَّدِ بنِ حامدٍ التَّميميُّ .

3- محمَّدُ بنُ وهبٍ القرشيُّ .

4- سلامةُ بنُ عبدِ الوهَّابِ السَّامريُّ .

5- عليٌّ بنُ أحمدَ السَّموقيُّ .

 

هؤلاء الخمسة الذين يُطلق عليهم: الحدود الخمسة، وهم بمثابة الأنبياء عندهم، ويَرمُزُ لهم الدروزُ بالنجمة الخماسية ذات الألوان الخمسة.

 

أما الرجل الأشهر وهو (نشتكين الدرزي) والذي سماهم الناس باسمه، فهم يزندقونه ويذمونه ذما شديدا، ولكن الناس سموهم الدروز لأنه هو الذي أظهر حقيقة دينهم علنا، وهذا الأمر من أكبر أسباب بغضهم له.

قال على الزوزني في رسائل الحكمة (ص96): (وغطريس هو نشتكين الدرزي الذي تغطرس على الكشف بلا علم ولا يقين، وهو الضد الذي سمعتم بأنه يظهر من تحت ثوب الإمام ويدعي منزلته، ويكون له خوار، جولة بلا دولة، ثم تنطفي ناره، وكذلك الدرزي، كان من جملة المستجيبين حتى تغطرس وتجبَّر وخرج من تحت الثوب… سمى نفسه سيف الإيمان … وأبا أن يسجد لمن نصبه المولى جل ذكره وقلده واختاره وجعله خليفته في دينه… فتغطرس على الدين… بإظهار الشريعة في عالم البسيط والكثيف)

"

وشعار الدروز النجمة الخماسية ذات الألوان الخمسة ترمز لحدودهم الخمسة كما سبق، فالأخضر يرمز لحمزة الزوزني، والأحمر للتميمي، والأصفر للقرشي، والأزرق للسامري، والأبيض للسموقي.

وأما ما ينشرونه من أن معاني الألوان هو: (العقل للأخضر، والروح للأحمر، والكلمة للأصفر، والقديم للأزرق، والتقمص لأبيض) فليس بصحيح.

 

التوحيد عند الدروز

يسمي الدروز أنفسهم “الموحدون” فيظن الناظر أنهم يوحدون الله تعالى، إلا أن الحقيقة أنهم موحدون، لكونهم يوحدون الحاكم بأمر الله العبيدي لا إله عندهم إلا هو.

 

ميثاق دخول الدين الدرزي

لا يمكن لغير الدروز دخول دينهم، ولكن من أراد أن يكون متدينا، فعليه أن يقر بالميثاق، وفي هذا الميثاق لا بد من الإقرار بوحدانية الحاكم، والتبرؤ من جميع الأديان والمعتقدات
ولابد من الإقرار بالدين، ولا يجوز لهم أن يسألوا عن أدلة صحة دينهم، بل هذا السؤال كفر.

 

أسس الديانة الدرزية

أولا:

وجب على الناظر في العقيدة الدرزية أن يعرف أن الدروز ينقسمون إلى قسمين:

العُقَّال: أي المتدينون، وهم الذين استلموا الدين وأعطوا الميثاق. ودينهم هو تكفير كل من ليس درزيا

 

والجُهَّال: وهم العوام، وهؤلاء لا يعرفون عن عقيدتهم إلا القليل، بل قد لا يعرفون منها شيئا.

والجهال هؤلاء حالهم عند العقال حال أهل الملل الأخرى، كما جاء في كتاب تعليم الدين الدرزي : (س : هل للجهال من الدروز خلاص أو مرتبة عند الحاكم إذا ماتوا على ما هم عليه من غير عقل ؟ الجواب: لا خلاص لهم أبدا ، ويكونون عند مولانا في الإعسار والعار إلى أبد الآبدين)

فإذا أرادوا استلام الدين، فعليهم المكوث مع العقال مدة عامين، ويدخل خلواتهم ويتعلم ويترقى حتى يصير من العُقَّال.

ثانيا الحلول:

وهو أن الإله يدخل في جسد غيره، ويبنى عليه دخوله في جسد الحاكم.

 

ثالثا التقمص:

وهو اعتقاد أن الأرواح خُلقت في السابق، وصارت تنتقل من جسد إلى جسد، فليس كل إنسان له روح خاصة، بل روح كل إنسان كانت في السابق في غيره ثم انتقلت إليه.

وهذا يبنى عليه أصل عقدي مهم عندهم وهو انغلاق الطائفة، فيقولون أن الجيل الأول من البشر كانوا مكلفين، فمن آمن نجا، وصارت روحه تنتقل بعد موته وتظهر في أجساد مؤمنة، ومن كفر، فإن روحه تنتقل من جسد إلى جسد، وتبقى كافرة، فلا مجال لدخول دينهم بعد.

وهذه المسألة فضحتهم، إذ أنهم يعتقدون أن عدد البشر واحد من أول ما خُلقوا، قال عليٌّ بنُ أحمدَ السَّموقيُّ في (الرسالة67) من رسائل الحكمة: (أليسَ قدْ صحَّ عندَ كلِّ ذي عقلٍ ومعرفةٍ بالحقيقةِ وفضلٍ أنَّ هذهِ الأشخاصَ – أعني السَّوادَ الأعظمَ – لمْ يتناقصُوا ولمْ يتزايدوا ؟) ثم قال: (أليسَ لو زادَ العالَمُ في كلِّ ألفِ سنةٍ شخصاً واحداً لضاقتْ بهمُ الأرضُ ، ثمَّ إنَّهُ لو نقصَ في كلِّ ألفِ سنةٍ شخصاً واحداً لمْ يبقَ منهم أحدٌ؟)

وهناك فرق بين التقمص عندهم  والتناسخ الذي عند النصيرية، فالنصيرية يعتقدون أن الأرواح تنتقل من إنسان إلى حيوان، ومن حيوان إلى أنسان، أما الدروز فعندهم أنها تنتقل من إنسان إلى إنسان حصرا.

 

رابعا: التفسير الباطني:

فهم طائفة باطنية، يفسرون القرآن (الذي بزعمهم أوحاه سلمان الفارسي لمحمد صلى الله عليه وسلم) بمعانٍ باطنية، وكتبهم مليئة بذلك، وهذا مثال:

فسروا في رسائل الحكمة (ص84): {قل من رب السماوات والأرض} قالوا: الرب هنا حجة لاهوت مولانا، و{السماوات} هو النطقاء، أي الأنبياء، و{الأرض} هم الأسس.

وكتابهم مليء بالتفسيرات الباطنية، لكن اخترت هذا المثال لسخافته تجنبا لبث تحريفاتهم.

هل هم طائفة إسلامية

الدروز ليسوا طائفة من الطوائف التي تنتسب إلى الإسلام، بل هم دين مستقل تماما، حتى أنهم يسيئون في كتبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كما جاء في مجموعة رسائل المقتنى، رسالة “الحقائق والإنذار والتأديب لجميعِ الخلائق” قال: (وأتباع محمَّدِ بن أبي كبشةَ ومُسُوخِ شريعته يعتقدون ويُقرِّونَ أنَّ الباري جلَّتْ قدرته يتجلى في يوم القيامة لبريِّته ويحاسِبُ الخلقَ، ويُمزِّقُ السَّماوات، ويبدِّل الأرض بهويَّتهِ، والكلُّ منهم جاهل بحقيقة هذا المعنى)

وقال حمزة في رسالة “الغاية والنصيحة”: (وأنتم تعلمون أن لمحمد أربعمئة سنة وعشر سنين ولم يظهر دينه على الأديان كلها) إلى أن قال: (فلما لم يصح للمسلمين ذلك علمنا بأن الرسول الحقيقي هو عبد مولانا جل ذكره) ويقصد نفسه.

فهم دين خاص، ربهم هو الحاكم، ونبيهم هو الزوزني، وكتابهم هو رسائل الحكمة، ونبينا وديننا عندهم مذموم، فكيف يُنسَبون للإسلام؟

إذا كان الأمر كذلك فلماذا يظهرون أنهم مسلمون؟

الدروز قام دينهم على أساس الخفاء والتقية، ومن ذلك أنهم يظهرون أنهم على دين أهل البلد التي يسكنونها، كما قال حمزة الزوزني في رسائل الحكمة (الرسالة33) : (فعليكم بحفظِها [أي الرسائل] ، وصيانتِها عن غيرِ أهلِها ، والاستتارِ بالمألوفِ عندَ أهلِهِ) .

ويقول في رسائل الحكمة (ص107):  ([وانقص من مشيك] يعني: إخفض من دعوتك في الظاهر) مع التنبيه أنه أخطأ في الآية، وهو يريد قوله تعالى {واقصد في مشيك}
والعجيب أنهم يذمون في كتابهم من يتعامل معهم بالتقية. فيقولون في (ص94): (وجميع العالم يقولون بألسنتهم أنهم المؤمنون، ويُخادعون الموحدين، ويراوغونهم مراوغة الثعلب)

وسيأتي فصل في الآخر حول نظرتهم للمسلمين والأنبياء.

فإن كانوا كذلك فلماذا يمدحون أربعة من الصحابة؟

الدروز يعتقدون بالتقمص، وهو أن الأرواح تنتقل من جسد إلى جسد، فيقولون أن نبيهم حمزة الزوزني كان متقمصا جسد سلمان الفارسي رضي الله عنه، وهذا سبب احترامهم له، لا لأنه صحابي. ويعتقدون أنه هو من أتى بالقرآن وعلمه النبي صبى الله عليه وسلم.

إلههم

الدروز يعبدون الحاكم بأمر الله الفاطمي، فهو ربهم، يعبدونه، ويوحدونه. قال حمزة الزوزني في رسالة البلاغ والنهاية : (ومعبود جميع الأنام: الصورة المرئية، الظاهر لخلقه بالبشرية، المعروف عند العالم بالحاكم) لكن الجُهَّال منهم أشبه بالقبورية عندنا، يقولون إن الله ربهم، وعند الحاجة يدعون الموتى في المقابر.

بل ذكر في رسائل الحكمة (ص131): (لم يكن في شريعته تكليف الناموس، ولا عبادة العجل والجاسوس)

 

كتابهم

كتابهم المقدس هو “رسائل الحكمة” وهي مئة وإحدى عشرة رسالة أُلفت خلال ثلاثين سنة، ألَّفها ثلاثة من مؤسسي الملة، وهم حمزة بن علي الزوزني الفارسي وله أربع وعشرون رسالة، وصهره إسماعيل التميمي، وله أربعة، وعلي بن أحمد السموقي، له ستٌّ وستون رسالة، وواحدة تُنسب للحاكم بأمر الله، وبعض الرسائل مجهولة المؤلف. وأضيفت له أربعة رسائل في أوله مخالفة لعقيدة الدروز، وضعوها تقيّة.

وهذا الكتاب عندهم بمثابة القرآن الكريم، إلا أنهم يمنعون نشره حتى لأبناء الطائفة من غير المتدينين، قال حمزة الزوزني في الرسالة الثالثة والثلاثين: (وصونوا الحكمةَ عن غيرِ أهلِها) لكنها وقعد بأيدي خصومهم أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، فصوَّروها. كما أن بعض كتبهم صورها مهتدون ونشروها. على أن هذا الفعل عند الدروز يوجب قتل فاعله.

ولهم كتب؛ كشروحات الحكمة، و(النقط والدوائر) وعندهم مصحف اسمه (المنفرد بذاته) إلا أن رسائل الحكمة هي الأصل.

وقد نقلوا فيه عبارات عن القرآن أخطؤوا فيها

العبادة

قالوا صراحة في كتابهم (ص56): (ومولانا الحاكم البار العلام قد نسخ شريعة محمد بالكمال) قال حمزة: (واعلموا أن مولاكم جل ذكره قد أسقط عنكم سبع دعائم تكليفية ناموسية ، وفرض عليكم سبع خصال توحيدية دينية ، أولها سدق اللسان ، وثانيها حفظ الإخوان ، وثالثها ترك ما كنتم عليه وتعتقدوه من عبادة العدم والبهتان ، ورابعها البراءة من الأبالسة والطغيان وخامسها التوحيد لمولانا جل ذكره في كل عصر وزمان ودهر وأوان ، وسادسها الرضى بفعله كيف ما كان ، وسابعها التسليم لأمره في السر والحدثان) [الرسالة السابعة] والدعائم السبعة: هي أركان الإسلام الخمسة والجهاد، والولاية الرافضية.

فهم ليس عندهم عبادات جسدية، وإنما معاني توحيدية يقدسون فيها الحاكم. وعندهم شعائر، كالشوارب، وهي من أهم شعائرهم، واللباس الأسود، وإذا كانوا كبارا في الدين فإنهم يطلقون اللحية.

 

 

أسقطوا الصلاة وقال الزوزني: (علمنا بأنه قد نقض الحالتين جميعا؛ الصلاة والنحر، وإنه يهلك عدوه بغير هذين الخصلتين، وإن لعبيده رخصة في تركهما) ثم قال مبينا حقيقة الصلاة عندهم: (هي صلة قلوبكم بتوحيد مولانا جل ذكره لا شريك له على يد خمسة حدود)[رسالة النقض الخفي (الرسالة السادسة)] أي: توحيد الحاكم بأمر الله عن طريق مؤسسي المذهب الخمسة.

 

وقال السموقي: (وإن الحدود هم المساجد ، وإن بالعبادة فيها يُعرف تنزيه العلي الواحد) [رسالة التنبيه والتأنيب (الرسالة الثانية والأربعون)] أي: العبادة هي تنزيه الحاكم

وأسقطوا الزكاة، وقال الزوزني: (وقد أسقطها مولانا جل ذكره عنكم بالكلية) وفسر الزكاة عندهم بقوله:(وإنه في الحقيقة توحيد مولانا جل ذكره وتزكية قلوبكم)

 

وأسقطوا الصوم، وقال الزوزني عن الصبام عندهم: (هو صيانة قلوبكم بتوحيد مولانا جل ذكره) [(النقض الخفي)]

وأسقطوا الحج

ويؤمنون بأن للأفلاك تأثير في الخلق، كما في رسائل الحكمة ص206: (فعلمنا أن الصور كلها من نطفة الذكر وحرارة الرحم وتأثيرات الأفلاك)

 

 

.

أما وصفهم للآخرة

فإن الآخرة عندهم ليست كما أخبر الله تعالى، بل هي ظهور الحاكم بأمر الله، وحكمه الناسَ بالسيف والعنف

 

فيعطي موحديه الذهب والفضة والملك والسلطان ، وينكل بالآخرين، فيجعل طعامهم وشرابهم مرا، ويلبسهم جلود الخنازير.

 

 

وجاء في رسائل الحكمة (ص81): (وَعَن قريب يُظهر مولانا جل ذكره سيفه بيدي، ويهلك المارقين، ويشهِرُ المرتدين، ويجعلُهُمْ فَضِيحةً وَشُهرَةً لعيون العالمين. والذي يبقَى مِن فَضلَةِ السّيفِ؛ تُؤخَذَ مِنْهُمُ الجزية، ويلبسوا الغيار وهم كارهون… فغيار النواصب: علاقتان من الرصاص في أذني كل واحد منهم وزنها عشرون درهما، وطرف كمه الأيسر مصبوغ فاختياً [لون أحمر مائل للبني] وجاليته ديناران ونصف وهم يهود أمة محمد… (وذكر ألبسة كل أمة) فمن خالف منهم ضرب عنقه.
و تجبى هذه الجالية بمصر في جامع عمرو ابن العاص عند القبلة. و تجبى بدمشق في جامع معاوية. و ببغداد في جامع المدينة. و هو في الجانب الغربي. و يؤخذ العباس أخذ عزيز مقتدر. فيطاف به في سائر البلدان الى ان يبلغ الى مدينة يقال لها بلخ من بلاد خراسان فيسخط عليه مولانا جل ذكره و تبلغ الكلمة نهايتها و الكتاب آجله فيذبح في طست ذهب و هو يوم الواقعة و الندامة. و ترتفع الشرائع بالكلية و يظهر المذهب الازلية و يعبد مولانا جل ذكره بسائر اللغات، و يعرفونه بسائر الاسماء و الصفات.
و ينادي في جميع أقطار الارض و اطراف البلاد: لمن الملك اليوم و في كل يوم. فيقال: لمولانا الحاكم القهّار، العزيز الجبار. سبحانه و تعالى عمّا يصفون.
و تجازى كل نفس بما كسبت و هم لا يظلمون.

 

وقالوا: (ما هو كائن، من قتل المارقين وبيع ذراريهم في سوق مازن، يوم لا ينطق فيه كاهن، ولا تنفعهم شفاعة مشرك خائن. وترى المشركين مثل السكارى وما بهم سُكر ولا خُمَارٌ)

 

تعامل الدرزي مع غيره

كما سبق، فإنهم يتعاملون بالتقية، ولأجل هذه التقية فإنهم عندهم ألغاز يستخدمونها لمعرفة الدرزي من غيره، بأن يسأله عن زراعة نبات الإهليلج.
فإذا تنحنح الدرزي في وجهك، فإن النحنحة عندهم لها معنى، فهي بركة للدرزي، ولعنة على غيره.
وقالوا إنهم يتظاهرون بالإيمان بالأنبياء، وفي الباطن يشهدون عليهم بأنهم قرود وشياطين وأبناء زنا، والعياذ بالله،
وقد يرددون الشهادتين، ولكنهم يقصدون بها (لا إله إلا الله) أي الحاكم، (محمد رسول الله) أي محمد ابن بهاء المقتني رسول حمزة

 

شتائمهم للأنبياء والصحابة

لهم مطاعن في الصحابة رضي الله عنهم، ككلامهم في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث قالوا في (ص57): (وقد غرا عبد اللات بن عثمان المكنى بأبي بكر إلى بني حنيف ومعه جميع المهاجرين والأنصار، فقتل رجال بني حنيف ونهب أموالهم، وسبى حريمهم)

 

وشتموا الأنبياء

ففسروا قوله تعالى {إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} قالوا: والحمير دليل على النطقاء. وهم يسمون الأنبياء نطقاء لأنهم ينطقون بالوحي.

 

جاء في رسائل الحكمة (رسالة 11 ص106) قال: (والعامة [أي:المسلمون] يرون أن هذه الآية حكاية لقمان الحكيم لولده، فَكَذَبُوا وحرَّفوا القول، وإنما هو قول السابق [أي: حمزة] وهو سلمان، وإنما سمى الناطق [أي محمدا]  ولدَه لِحَدِّ التعليم) أي أن حمزة هو من علم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يوصيه تلك الوصايا.
بل هو يأمر بمقاتلة أئمة المذاهب الأربعة وسفيان الثوري لأنهم أئمة للمسلمين، ولأنهم بزعمه بمثابة محمد صلى الله عليه وسلم.

ختامًا

بما أن التقية أصل كبير من أصولهم، فإن الدروز لا يسمحون بنشر شيء من دينهم، لأن الإعلان بأصولهم سيجعل الناس على حذر منهم، وقد يؤدي إلى إسلام كثير من عوامهم بعد أن يسمعوا المصائب التي يخفيها عنهم عُقَّالهم.

ولهذا فإنهم يوصون بالسرية التامة.

وليس الأمر هذا فقط، بل هم يأمرون بقتل من يكشف أسرارهم. فالله يحفظنا.

 

التسجيل في الجريدة الإلكترونية

عند التسجيل ستصلك مقالات الشيخ الجديدة, كل مقال جديد يكتبه الشيخ سيصلك على الإيميل

(Visited 6٬480 times, 1 visits today)
الدروز (الديانة الدرزية)
تمرير للأعلى