شرح منظومة
جهد المُقِلّ
محمد بن شمس الدين
النظم
قال الشيخ عبد الله السالم بن حنبل الحسني الشنقيطي:
1. حَمْدًا لِمَنْ شَرَّفَ رُوحَ الْحَقِّ … بِحُسْنِ خُلْقِهِ وَحُسْنِ الْخَلْقِ
2. صَلَّى عَلَيْهِ بَارِئُ الْبَرَايَا … مَنْ خَصَّهُ بِأَفْضَلِ الْمَزَايَا
3. هَذَا وَلَمَّا فَاتَنَا مَرْأَى النَّبِي … وَكَانَ أَسْنَى مَطْلَبٍ وَمَرْغَبِ
4. وَكَانَ فِي نُعُوتِهِ الْبَهِيَّهْ … مَزِيَّةٌ أَعْظِمْ بِهَا مَزِيَّهْ
5. قَدْ دَوَّنَ الْحُفَّاظُ مِنْهَا جُمَلاَ … جَلِيلَةً تَكْسُو الدَّرَارِي خَجَلاَ
6. جَمَعْتُهَا كَالْجَوْهَرِ الْمُنَظَّمِ … بِرَسْمِ خِدْمَةِ الْجَنَابِ الاَعْظَمِ
7. فِي رَجَزٍ سَمَّيْتُهُ جُهْدَ الْمُقِلْ … وَصُنْتُهُ عَمَّا يُخِلُّ أَوْ يُمِلْ
8. فَقُلْتُ نَاقِلاً عَنِ الْحُفَّاظِ … مُحَافِظًا جُهْدِي عَلَى الأَلْفَاظِ
9. قَدْ كَانَ أَحْسَنَ الْوَرَى وَأَجْمَلاَ … وَكَانَ أَبْهَى صُورَةً وَأَكْمَلاَ
10. وَكَانَ فَخْمًا بَادِنًا مُفَخَّمَا … وَكَانَ ضَرْبَ اللَّحْمِ لاَ مُطَهَّمَا
11. وَلاَ مُكَلْثَمًا عَظِيمَ الْهَامَهْ … رَبْعَةَ قَدٍ فِي اِعْتِدَالِ الْقَامَهْ
12. لاَ بَائِنًا مُشَذَّبًا مُمَغَّطَا … وَلاَ قَصِيرًا مُتَرَدِّدَ الْخُطَى
13. وَمَعَ ذَا يَطُولُ مَنْ مَاشَاهُ … إِذْ لَيْسَ يَعْلُوهُ الْوَرَى حَاشَاهُ
14. وَكَانَ أَزْهَرَ وَكَانَ أَنْوَرَا … أَبْيَضَ مُشْرَبًا بِلَوْنٍ أَحْمَرَا
15. لَيْسَ بِأَمْهَقَ وَلاَ بِآدَمِ … بِوَجْهِهِ ضَوْءٌ كَضَوْءِ الْجَيْلَمِ
16. وَجْهٌ كَمَا شِئْتَ مِنِ اسْتِدَارَتِهْ … يَطَّرِدُ الْجَمَالُ فِي أَسِرَّتِهْ
17. يَجْرِي عَلَى خَدَّيْهِ مَاءُ الذَّهَبِ … عَرَقُهُ كَلُؤْلُؤٍ مُلْتَهِبِ
18. يَقُولُ مَنْ يَنْعَتُهُ فِي الْجُمْلَهْ … لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَبَعْدُ مِثْلَهْ
19. يَهَابُهُ بَدِيهَةً مَنَ ابْصَرَهْ … يُحِبُّهُ الْخَلِيطُ مَهْمَى اخْتَبَرَهْ
20. يُزْرِي بَهَاءُ وَجْهِهِ الْحُسَّانِ … بِالْبَدْرِ فِي لَيْلَةِ إِضْحِيَانِ
21. بَلْ لَوْ رَأَيْتَهُ رَأَيْتَ الشَّمْسَا … طَالِعَةً فَطِبْتَ عَنْهَا نَفْسَا
22. وَكَانَ رَحْبَ رَاحَةٍ سَبْطَ الْعَصَبْ … فِي وَجْهِهِ عِرْقٌ يُدِرُّهُ الْغَضَبْ
23. أَلْيَنُ مِنْ مَسِّ الْحَرِيرِ كَفُّهُ … أَطْيَبُ مِنْ شَذَى الْغَوَالِي عَرْفُهُ
24. وَكَانَ أَدْعَجَ وَكَانَ أَنْجَلَ … أَبْلَجَ أَهْدَبَ أَزَجَّ أَشْكَلَ
25. أَشْنَبَ أَفْلَجَ ضَلِيعَ الْفَمِّ … يَفْتَرُّ عَنْ كَالْبَرَدِ الْمُنْهَمِّ
26. وَكَانَ بَرَّاقَ الثَّنَايَا مِنْهُمَا … يَخْرُجُ كَالنُّورِ إِذَا تَكَلَّمَ
27. ضَحِكُهُ تَبَسُّمٌ وَرُبَّمَا … أَبْدَى نَوَاجِذًا كَدُرٍّ نُظِّمَا
28. كَانَ جَهِيرَ الصَّوْتِ فِيهِ صَحَلُ … وَنُطْقُهُ مُبَيَّنٌ مُفَصَّلُ
29. وَكَانَ ذَا عَقِيقَةٍ إِنْ تَنْفَرِقْ … فَرَّقَهَا يَتْرُكُهَا إِنْ تَتَّفِقْ
30. شَعَرُهُ مُغْدَوْدِنٌ يُوَفِّرُهْ … لِشَحْمَةِ الأُذْنِ وَطَوْرًا يَضْفِرُهْ
31. وَكَانَ رَجْلاً غَيْرَ جَعْدٍ مُفْرِطِ … بَلْ كَانَ بَيْنَ سَبَطٍ وَقَطَطِ
32. لَمْ يَبْلُغِ الْعِشْرِينَ شَيْبُ لِحْيَتِهْ … وَرَأْسِهِ وَكَانَ ذَا مِنْ حِلْيَتِهْ
33. وَكَانَ شَثْنَ قَدَمٍ وَكَفِّ … وَسَائِرَ الأَطْرَافِ أَقْنَى الأَنْفِ
34. وَوَاسِعَ الْجَبِينِ سَهْلَ الْخَدَّيْنْ … شَبْحَ الذِّرَاعَيْنِ طَوِيلَ الزِّنْدَيْنْ
35. كَانَ عَرِيضَ الصَّدْرِ كَثَّ اللِّحْيَةِ … عُنُقُهُ كَمِثْلِ جِيدِ الدُّمْيَةِ
36. ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ جَلِيلَ الْكَتِدِ … عَبْلَ الأَسَافِلِ وَعَبْلَ الْعَضُدِ
37. أَجْرَدَ ذَا مَسْرُبَةٍ دَقِيقَهْ … وَعُكْنَةٍ رَائِقَةٍ أَنِيقَهْ
38. بِمَنْكِبَيْهِ شَعَرٌ وَبِأَعَا … لِي الصَّدْرِ مِنْهُ وَالذِّرَاعَيْنِ مَعَا
39. وَخَاتَمُ النُّبُوءَةِ الَّذْ كَانَ لَهْ … بِنُغْضِ يُسْرَاهُ كَزِرِّ الْحَجَلَهْ
40. أَوْ مِثْلِ جُمْعٍ حَوْلَهُ خِيلاَنُ … مِثْلُ الثَّئَالِيلِ بِهِ تَزْدَانُ
41. كَانَ مَسِيحَ الْقَدَمَيْنِ يَنْبُو … عَنْ قَدَمَيْهِ الْمَاءُ إِذْ يُصَبُّ
42. خُمْصَانُ الاَخْمَصَيْنِ ذَا حُمُوُشَهْ … فِي سَاقِهِ عَقِبُهُ مَنْهُوشَهْ
43. يُقْبِلُ فِي الْتِفَاتِهِ جَمِيعَا … وَكَانَ هَوْنًا مَشْيُهُ ذَرِيعَا
44. يَزُولُ قَلْعًا إِنْ مَشَى وَيَخْطُو … تَكَفُّؤًا كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ
45. مِنْ صَبَبٍ وَكَانَ جُلُّ نَظَرِهْ … لَحْظًا وَمِنْ سِيمَاهُ غَضُّ بَصَرِهْ
46. يَقْلِبُ كَفَّهُ إِذَا هُوَ عَجِبْ … بِهَا يُشِيرُ وَيُشِيحُ إِنْ غَضِبْ
47. وَيَسْتَنِيرُ وَجْهُهُ إِذَا يُسَرْ … كَأَنَّهُ فِي الْحُسْنِ قِطْعَةُ قَمَرْ
48. وَغَالِبًا يُكْثِرُ مَسَّ لِحْيَتِهْ … عِنْدَ اهْتِمَامِهِ بِأَمْرِ أُمَّتِهْ
49. وَرُبَّمَا بِعُودٍ أَوْ بِمِخْصَرَهْ … نَكَتَ فِي الأَرْضِ لِسِرٍّ أَضْمَرَهْ
50. وَكَانَ يَتَّكِي عَلَى وِسَادَهْ … عَلَى الْيَسَارِ بَعْضُهُم أَفَادَهْ
51. وَرُبَّمَا اسْتَلْقَى وَرُبَّمَا احْتَبَا … بمَسجِدٍ وَالْقُرْفُصَا كَالاِحْتِبَا
52. يَجْلِسُ حَيْثُ مَجْلِسٌ بِهِ انْتَهَى … صَلَّى عَلَيْهِ رَبُّهُ بِلاَ انْتِهَا
الشرح
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومَن والاه، وبعد:
هذا شرح مختصر على منظومة جُهد المُقِلّ، عسى أن ينفعنا الله بذكِر رسوله، فيزيدنا له حبًّا، وبه اقتداء.
اعتمدت في الشَّرح على كلام أهل اللغة، وأكثر ما اعتمدت عليه كلام الخليل بن أحمد الفراهيدي في “العين.” كما أني في الشرح لن أذكر الأدلة إذ القصيدة أصلًا جمع لألفاظ ما جاء في كتاب شمائل النبي ﷺ، وقد سبق لي شرح الكتاب لمَن أراده، وإن كان قد جاء بشيء من خارجه.
- (حَمْدًا) أي أحمَدُ الله حمدًا، ومعنى الحمد الثَّناء (لِمَنْ) أي للذي (شَرَّفَ) أي عظَّمَ بمَنح المكانة العالية (رُوحَ الْحَقِّ) وهو محمد ﷺ، سمَّاه بذلك المسيح ﷺ، قال ابن قتيبة: قال المسيح للحواريين: «أنا أذهب وسيأتيكم البارقليط، روح الحق الذي لا يتكلم من قبل نفسه، إنما هو كما يقال له» [[1]] والمعنى أنَّه روح الله، وروُح الله رحمته [[2]] قال تعالى: ﵟوَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَﵞ (بِحُسْنِ) بجمال (خُلْقِهِ) أي: طِباعِه (وَحُسْنِ الْخَلْقِ) أي الشكل والهيئة، فقد كمَّله الله تعالى ظاهرًا وباطنًا.
- (صَلَّى عَلَيْهِ) أي: زكَّاه (بَارِئُ الْبَرَايَا) خالق الخلق (مَنْ) أي: الذي (خَصَّهُ) فضَّلَه (بِأَفْضَلِ الْمَزَايَا) «والمزيّة: تمامٌ وكمالٌ في كلِّ شيء»[[3]]
- (هَذَا) كلمة انتقال، كأنَّه يقول: هذا الأمر الأول، أما الثاني: (وَلَمَّا) أي: حينما (فَاتَنَا مَرْأَى النَّبِي) ضاع علينا أن نراه في اليقظة (وَكَانَ) أمر رؤيته (أَسْنَى) أي: أعلى وأسمى(مَطْلَبٍ) أي: ما يطلبه الشخص (وَمَرْغَبِ) ما تشتاقه النفوس. قال ﷺ: «إن من أشد أمتي لي حبًا ناسًا يكونون بعدي، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله» [[4]] أي: مستعد لفَقدِ أهله وماله في سبيل رؤياي.
- (وَكَانَ فِي نُعُوتِهِ) أي: صِفاتِه (الْبَهِيَّهْ) أي: التي تبهر الأسماع والقلوب (مَزِيَّةٌ) مر معنا أن «المزيّة: تمامٌ وكمالٌ في كلِّ شيء»[[5]] (أَعْظِمْ بِهَا مَزِيَّهْ) كقولنا: ما أعظَمَها.
- (قَدْ دَوَّنَ) أي: كتب (الْحُفَّاظُ) أي: علماء الحديث (مِنْهَا جُمَلاَ) جمع جُملة، وهي المَجموعة (جَلِيلَةً) أي: عظيمة ( تَكْسُو الدَّرَارِي خَجَلاَ) الدَّراري: جمع دُرِّيّ، وهو الكوكب المضيء، فصفاتُ النبي ﷺ لو سمعتها الكواكب الساطعةُ والنُّجوم التي يُضرًب لها المثال في الحُسن؛ لغطَّاها وعمَّها الخجل
- (جَمَعْتُهَا) أي: لمَّا ضاع منا أن نرى النبي ﷺ جمعتُ صفاته الواردة في كتب الأئمة، (كَالْجَوْهَرِ الْمُنَظَّمِ) أي: هي كالأحجار الكريمة، فصِغتُها أنا كالقلادة مِن خلال هذا النَّظم، أي: القصيدة (بِرَسْمِ) أي: من أجل (خِدْمَةِ الْجَنَابِ الاَعْظَمِ) جناب الشيء ما أحاط به، ويكنّى به عن الشيء نفسه تعظيمًا، وهو يقصد بهذا خدمة النبي العظيم قدرًا ﷺ.
- (فِي رَجَزٍ) أي: قصيدة على بحر الرَّجَز (سَمَّيْتُهُ جُهْدَ الْمُقِلْ) لعلَّه أخذ الاسم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسول الله، أيُّ الصدقة أفضل؟ قال: «جُهدُ المُقِلِّ» والمراد بالحديث ما ينفقه المُقِل، أي: الفقير، ويبذل فيه وسعه، فهذا مِن أفضَل الصَّدَقة، فكأنَّ النَّظِم اعتبر نفسه فقير القدرة والعلمِ توضُعًا، وقال إنَّه سيبذل ما بوسعه. وكُلُّنَا مُقِلٌّ والله يغفِرُ لنا. (وَصُنْتُهُ) أي: حميت هذا النَّظم (عَمَّا يُخِلُّ) بالمعاني (أَوْ يُمِلْ) أي: يسبب الضَّجَرَ لأجل الطول أو التكرار.
- (فَقُلْتُ نَاقِلاً عَنِ الْحُفَّاظِ) أي: نقلًا عن حفَّاظ الحديث أقول ما يلي (مُحَافِظًا جُهْدِي عَلَى الأَلْفَاظِ) أي: باذلًا جهدي للحفاظ على ألفاظهم أن أجيء بها كما هي.
- (قَدْ كَانَ أَحْسَنَ) أي: أجمل (الْوَرَى) أي: الخَلق جميعًا، وقد يراد بها البشر. (وَأَكْمَلَ) أي: أكمل الناس خِلقَةً وخُلُقًا (وَكَانَ أَبْهَى) البهاء هو الجمال الخاطف للأنظار (صُورَةً) أي: هيئة (وَأَجْمَلَ) أي: أكمل الناس.
- (وَكَانَ فَخْمًا) أي: عظيم الجسم أو القَدر، وكلاهما ينطبقان عليه (بَادِنًا) أي: ممتلئ الجسم (مُفَخَّمَا) أي: مُعَظَّمًا (وَكَانَ ضَرْبَ اللَّحْمِ) «الضرب من الرجال الخفيف»[[6]] ولا تعارض بين هذا وبين أنه بادِن، لأن بدانته ليست السِّمَن المفرط (لاَ مُطَهَّمَا) المُطَهَّم: «الْقَلِيل لحم الْوَجْه»[[7]] وقيل تأتي المطهم على معنيين متعاكسين: «السَّمينُ الفاحِشُ السِمَنِ، والنَّحيفُ الجِسمِ الدَّقيقُهُ»[[8]]
- (وَلاَ مُكَلْثَمًا) أي: قصير الوجه (عَظِيمَ الْهَامَهْ) أي: كبير الرأس، وكلمة “عظيم” منصوبة لأنها خبر كان؛ كان عظيم الهامة. (رَبْعَةَ قَدٍ) القَدُّ: القَوَام، والرَّبعَة والمربوع: هو متوسِّطُ الطُّول (فِي اِعْتِدَالِ الْقَامَهْ) القامَة: الطول.
- (لاَ بَائِنًا) أي: ليس طوله مُفرِطًا يلفت النظر (مُشَذَّبًا) المُشَذَّب: الطَّويل النَّحيل كغصن الشَّجَرة (مُمَغَّطَا) بمعنى المشذَّب (وَلاَ قَصِيرًا مُتَرَدِّدَ الْخُطَى) أي خطاه متقاربة بسبب قِصَرِه. فطوله معتدل ﷺ.
- (وَمَعَ ذَا يَطُولُ مَنْ مَاشَاهُ) أي: حين يمشي مع الناس لا يظهر أحد أطوَلَ منه بل يزيد طول النبي ﷺ على غيره. فإذا قال قائل: «كيف يكون ذلك، وهو رِبعة من الرِّجال، والرِّبعة وسط، فيكون غيره أطول» قلنا: الله أعلم، فقد يكون ذلك أمر يجعله الله تعالى في أنظار الناس إكرامًا لنبيِّه ﷺ (إِذْ لَيْسَ يَعْلُوهُ) أي: يرتفع فوقه (الْوَرَى) أي: الناس (حَاشَاهُ)
- (وَكَانَ أَزْهَرَ) الزاهِرُ: المستنير، والأزهر من الرجال: ذو البياض المشرق غير الباهت (وَكَانَ أَنْوَرَا) أي: «أنور المُتَجَرَّدِ، والمتجرد: مَا جُرِّدَ عَنهُ الثَّوْبُ من بدنه… وأنور من النُّور، يُرِيد شدَّة بياضه»[[9]] (أَبْيَضَ مُشْرَبًا بِلَوْنٍ أَحْمَرَا) أي: بياضه يميل للحمار.
- (لَيْسَ بِأَمْهَقَ) أي: ليس بياضه باهت كلون الجُصِّ (وَلاَ بِآدَمِ) والآدم الأسمر (بِوَجْهِهِ ضَوْءٌ كَضَوْءِ الْجَيْلَمِ) أي: القمر.
- (وَجْهٌ كَمَا شِئْتَ مِنِ اسْتِدَارَتِهْ) أي: هو مستدير، وقوله «كَمَا شِئْتَ» إما على تقدير: بالِغ في وصفِه كما شئت فهو أجمل مِن وَصفِك، أو يريد: كما تُحِبُّ وكما يعجِبك (يَطَّرِدُ) أي: يتتابَع (الْجَمَالُ فِي أَسِرَّتِهْ) الأسِرَّة والأسارير: جمع: سُرّ، وهي خطوط الجبهة.
- (يَجْرِي عَلَى خَدَّيْهِ مَاءُ الذَّهَبِ) أي: لِشِدَّة جمال وجهه، كأنه مطليٌّ بماء الذَّهَب (عَرَقُهُ كَلُؤْلُؤٍ) أي: إنَّ عرقَه نقيٌّ صافٍ كاللؤلؤ (مُلْتَهِبِ) أي متوهِّج لامع. وكان عرقه ﷺ ذا رائحة طيِّبة كرائحة المِسك.
- (يَقُولُ مَنْ يَنْعَتُهُ) أي: يصِفُه، واستخدام “ينعت” أولى مِن “يصف” لأن النَّعت يأتي غالبًا للمَدح ([10]) (فِي الْجُمْلَهْ) أي: عند نعتِه نعتًا عامًّا (لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَبَعْدُ مِثْلَهْ)
- (يَهَابُهُ) الهَيبَة: نوع من الخوف يتولَّد عن عظَمةِ الشَّيء لا عن أذى يخشى منه، فهي ترتبط بالتعظيم والإجلال (بَدِيهَةً مَنَ ابْصَرَهْ) أي: مَن رآه فجأة، فإنَّه يهابه (يُحِبُّهُ الْخَلِيطُ) أي: الذي خالطَه بالمُجالَسة والكلام، أو عاشَرَه (مَهْمَا اخْتَبَرَهْ) أي: كلَّما جرَّبَه، فإن الناس قد تُفقِدك عشرتهم محبتهم، لكن رسول الله ﷺ مهما عاشرته وجرَّبته؛ فلن تر منه إلا ما يزيدك فيه تعلُّقًا وحُبًّا.
- (يُزْرِي) أي: يُهَوِّنُ (بَهَاءُ وَجْهِهِ) أي: جماله (الْحُسَّانِ) صيغة مبالغة في الحُسن (بِالْبَدْرِ) أي: القمر المكتمل (فِي لَيْلَةِ إِضْحِيَانِ) أي: الضَّحياء، وهي التي لا غيم فيها يمنع نور القَمَر. فإذا رأيت نور وجهه هان في نظرِكَ نور القمر في الليلة المُضيئة.
- (بَلْ) ليس القمر فحَسب، وإنما (لَوْ رَأَيْتَهُ رَأَيْتَ الشَّمْسَ) أي: لو رأيته فكأنك رأيت الشمس (طَالِعَةً) مِن شدة إشراق وجهه (فَطِبْتَ عَنْهَا نَفْسَا) أي: طابت نفسك، بمعنى انصرفت نفسك عن الشمس الأصلية بعد أن رأيت النبي ﷺ.
- (وَكَانَ رَحْبَ رَاحَةٍ) أي: باطنُ كفِّهِ واسع (سَبْطَ) أي: انسيابي لا نتوء فيه (الْعَصَبْ) أي: المفاصل، فلا يظهر في مفاصله نتوء بشع (فِي وَجْهِهِ عِرْقٌ يُدِرُّهُ الْغَضَبْ) أي: إذا غضب يمتلئ العِرقُ الذي في جبهته فيَبرُز.
- (أَلْيَنُ مِنْ مَسِّ الْحَرِيرِ كَفُّهُ) أي: أنعَمُ مَلمَسًا مِنَ الحَرير (أَطْيَبُ مِنْ شَذَى) أي: عِطر (الْغَوَالِي) جمعٌ، مفرَدُه: غَلوى وغالية: وهي نوع من العطور «مسكٌ وعنبرٌ يعجنانِ بالبان، فأوَّلُ منْ سمَّاها بذلكَ معاويةُ»[[11]] (عَرْفُهُ) العَرف: الرائحة الطيبة.
- (وَكَانَ أَدْعَجَ) هذه صفة للعين، فسوادها خالِصٌ وبياضها خالِص. (وَكَانَ أَنْجَلَ) أي: واسع العَين (أَبْلَجَ) أي: ليس بين حاجبيه شعر يصلهما (أَهْدَبَ) أي: ذو أهداب طويلة، والأهداب هي الرُّموش، إلا أن كلمة “رموش” ليست عربية. (أَزَجَّ) أي طويل الحاجبين (أَشْكَلَ) بمعنى أنجل. وقيل: هو الذي في بياض عينيه شيء من الحمار، ولكن هذا يخالف كونه أدعجًا، إلا إذا حملناها على أوقات دون أوقات، فالعين قد تحمرُّ مع قلَّةِ النَّوم، والرسول ﷺ كان يكثر قيام الليل.
- (أَشْنَبَ) أي: ذو أسنان بيضاء برَّاقة (أَفْلَجَ) أي: بين أسنانه فُرجَة (ضَلِيعَ الْفَمِّ) أي: واسع الفم (يَفْتَرُّ عَنْ كَالْبَرَدِ) تقول العرب : افْتَرَّ عن ثَغْرِه إذا تَبَسَّم وظَهَرَتْ أسنانُه، وتقدير الكلام «افتَرَّ عَن أسنانٍ كالبَرَد» والبَرَدُ معروف، وهو قطع الثَّلج النَّازِلة مع المَطَر (الْمُنْهَمِّ) أي: المُتَسَاقِط مِن الغيوم.
- (وَكَانَ بَرَّاقَ الثَّنَايَا) الثنايا: الأسنان التي في مقدمة الفَمِّ، اثنان من أعلى واثنان من أسفَل. (مِنْهُمَا … يَخْرُجُ كَالنُّورِ إِذَا تَكَلَّمَ)
- (ضَحِكُهُ تَبَسُّمٌ) أي: أكثَرُ ضحِكِه كان تبَسُّمًا بِلا قهقهة، وذلك لهيبته ووقاره (وَرُبَّمَا) أي: أحيانًا (أَبْدَى نَوَاجِذَ) أي: أظهَرَ أثناء تبسُّمِه نواجذه، وهي آخِر الأضراس، وقيل الأنياب، هذا أقرب إلى أن يكون الصَّواب، لأن الأضراس يصعُب أن تظهر عند التَّبّسُّم (كَدُرٍّ نُظِّمَا) الدرُّ: اللآلئ العظيمة، فأسنانه كأنَّها دُرٌّ مصفوف.
- (كَانَ جَهِيرَ الصَّوْتِ) أي: مرتفعُه، وهذه علامة على القوة في الجسد والشخصيَّة (فِيهِ صَحَلُ) أي: بُحَّة خفيفة، وهذه تعطي جمالًا في الصوت وثقة في المتكلِّم (وَنُطْقُهُ مُبَيَّنٌ) أي: كلامه واضح العبارات، (مُفَصَّلُ) أي: لا يسرده سردا فيُذهِبُ المعاني، بل يقف في أثناء كلامه مما يُفصِح عن المعاني.
- (وَكَانَ ذَا عَقِيقَةٍ) أي: شعر الرأس (إِنْ تَنْفَرِقْ … فَرَّقَهَا) من المنتصف (يَتْرُكُهَا إِنْ تَتَّفِقْ) أي: إذا صعُبَ فَرقُ شعره تركه.
- (شَعَرُهُ مُغْدَوْدِنٌ) «المغدودن: الشعر الطويل الناعم»[[12]] (يُوَفِّرُهْ … لِشَحْمَةِ الأُذْنِ) أي: لا يقصه، فيتركه يطول حتى بوازي شحمة أذنه، وقد يطول أكثر إلى أكتافه (وَطَوْرًا) أي: أحيانًا (يَضْفِرُهْ) أي: يجعله على شكل جدائل، وإن كان الحديث فيها لا يثبت، إلا أن رجال العرَب كان ذلك مما يفعلونه، وِمثل هذه الأمور تتبَع لعُرف المُجتَمَع.
- (وَكَانَ) أي: شعره (رَجْلاً) تفسيرها العبارة التالية (غَيْرَ جَعْدٍ مُفْرِطِ) أي: ليس شديد الجعودة (بَلْ كَانَ) شعره (بَيْنَ سَبَطٍ وَقَطَطِ) أي: ليس سبطًا أملسًا بشكل كبير كشعور النساء، ولا قططًا، أي مجعَّدًا، بل كان ناعمًا فيه تموُّج.
- (لَمْ يَبْلُغِ الْعِشْرِينَ شَيْبُ لِحْيَتِهْ… وَرَأْسِهِ) أي: كان عدد الشعر الذي شابَ في لحيته ورأسه أقل من عشرين شعرة، فقد كان في عنفقته، وهي الشعر الذي تحت الشفة الدُّنيا فيه شعرات بيض، وكان على جوانِب رأسه وفي مفرق رأسه بعض الشَّيب، فإذا دهن شعره بالزيت أو ببعض المواد لم يكن شيبه يظهر (وَكَانَ ذَا مِنْ حِلْيَتِهْ) أي: مما يزيده جمالًا.
- (وَكَانَ شَثْنَ) أي: خشن (قَدَمٍ وَكَفِّ) وهذا لا يعارض ما سبق مِن نعومة كفِّه، فهي ناعمة الملمس، إلا أنها ليسَت رِخوة كأيدي الأطفال، بل تشعر فيها بالقوَّة والصَّلابة (وَسَائِرَ الأَطْرَافِ) أي: أصابعه ممتدة ليس فيها تعرُّجات مخلَّة بجمالها (أَقْنَى الأَنْفِ) أي: أنفه فيه تقوّس، بعكس الأفطَس، وكانت أرنبة أنفه صغيرة.
- (وَوَاسِعَ الْجَبِينِ) المنطقة أعلى الحاجبين وسطها يسمى الجبهة وجانباها يسميان الجبينين، فكانت جبيناه واسعين (سَهْلَ الْخَدَّيْنْ) أي: خدوده ممسوحة ليس فيها بروز ولا انثناء (شَبْحَ الذِّرَاعَيْنِ) أي: عريض الذراعين، والذراع: مِن الأصابع إلى المِرفق (طَوِيلَ الزِّنْدَيْنْ) أي: الزِّندان عظمان في السَّاعد.
- (كَانَ عَرِيضَ الصَّدْرِ) هذا مفهوم (كَثَّ اللِّحْيَةِ) أي: كثيفها (عُنُقُهُ) أي: رقبته (كَمِثْلِ جِيدِ) أي: رقبة (دُمْيَةِ) أي: التِّمثَال، وشُبِّه به لنقائه وقلة الخطوط والتجاعيد فيه.
- (ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ) أي: المفاصل، كالأكتاف، والرُّكب، إذ لو كانت صغيرة مع جسم ممتلئ فهذا يُنقِصُ مِن الحُسن (جَلِيلَ) أي: عظيم (الْكَتِدِ) أي: أعلى الظهر، وهي عضلات الظهر العلوية (عَبْلَ) أي: عظيم (الأَسَافِلِ) أي: الفخذين والساقين (وَعَبْلَ الْعَضُدِ) العضد: ما بين المرفق والكتف.
- (أَجْرَدَ) أي: جسده خال من الشعر (ذَا مَسْرُبَةٍ دَقِيقَهْ) أي: شعر على شكل خط من منتصف الصدر إلى السُّرَّة (وَعُكْنَةٍ) العُكنَةُ: الانطواء في البطن (رَائِقَةٍ) أي: تروق لِمَن يراها (أَنِيقَهْ) الأنيق: هو ما يُعجِبُ النَّاظر إليه. والظاهر أن النَّبيَّ ﷺ كان ذا عضلات في بطنه، إذِ العُكنَةُ انطواء في لحم البطن، فلا تكون إلا مِن عضلات مشدودة أو بطن سمينة مرخيَّة، وجسد النبي ﷺ كان متماسكًا، فلا تكون عكنته إلا عن عضلات بارزة، هذا إن قُبِل الوارد في هذا، فقد روي ذلك عن أم هانئ، قالت: «فَنَظَرْتُ إِلَى عُكَنِهِ فَوْقَ إِزَارِهِ، وَكَأَنَّهُ طَيُّ الْقَرَاطِيسِ»[[13]] وفي رواية: «ما رأيت بطن رسول الله ﷺ قط إلا ذكرت القراطيس المثنية بعضها على بعض»[[14]] وإسناده تالف، والقراطيس الصحف المثنية. وعند البيهقي: «وكان له ﷺ عكن: ثلاث»[[15]]
- (بِمَنْكِبَيْهِ شَعَرٌ) أي: على كتفيه (وَبِأَعَا … لِي الصَّدْرِ مِنْهُ وَالذِّرَاعَيْنِ مَعَا) الذراع من المرفق إلى الأصابع.
- (وَخَاتَمُ النُّبُوءَةِ الَّذْ) أي: الذي (كَانَ لَهْ) خاتم النُّبوَّة: هو علامة في جسد النبي ﷺ يعرفُه بها أهل الكتاب (بِنُغْضِ) النُّغْضُ: حيث يتحرك لوح الكتف، وهو التقاء لوح الكتف مع ما يتصل به بقرب العمود الفقاري (يُسْرَاهُ) أي: الكتف الأيسر (كَزِرِّ الْحَجَلَهْ) الحَجَلَة الخيمة، والزِّرُّ معروف.
- (أَوْ مِثْلِ جُمْعٍ) أي: قبضة اليد، كما لو جهَّزتها للَّكم (حَوْلَهُ خِيلاَنُ) جمع خال: وهو الشَّامَة (مِثْلُ الثَّئَالِيلِ) الثآليل معروفة، وهي كتلة صغيرة كرأس المسمار أو أكبر بقليل تنمو على سطح الجلد (بِهِ تَزْدَانُ) أي تُزَيَّن. وخلاصة الأمر أنَّ هذا الخاتَم عبارة عن جلد بارزٍ في أعلى ظهره بين الفقرات ولوح الكتف، شبيه بالختم الدائري تحيط به نقاط سود.
- (كَانَ مَسِيحَ الْقَدَمَيْنِ) أي: ليس في قدميه عظام أو عروق بارزة (يَنْبُو) أي: يبتعد (عَنْ قَدَمَيْهِ الْمَاءُ إِذْ يُصَبُّ) أي: لا يوجد عليها تعرجات، فإذا صببت عليها الماء سال كله.
- (خُمْصَانُ الاَخْمَصَيْنِ) الأخمص الجزء المرتفع عن الأرض من باطن القدم، والمعنى أن أخمصيه مرتفعان عن الأرض غير متسطحان (ذَا حمُوُشَهْ … فِي سَاقِهِ) أي: نحافة (عَقِبُهُ) أي: الجزء الخلفي من قدميه (مَنْهُوشَهْ) أي: قليلة اللحم.
- (يُقْبِلُ فِي الْتِفَاتِهِ جَمِيعَا) أي: إذا التفت؛ لا يحرك رأسه وحده، بل يحرك جسده كاملًا، وهذا مما يعطي الهيبة والوقار، وينبئ عن القوة والنَّشاط (وَكَانَ هَوْنًا مَشْيُهُ) أي: كان مشيه هيِّنًا كما قال تعالى: ﴿وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً﴾ أي بالسكينة والوَقار، ذلك المشي الخفيف الذي ليس فيه ضرب الأقدام بالأرض ضربًا، ولا تبختر (ذَرِيعَا) أي: واسع الخطوة سريعها، وهذه صفة حميدةٌ إذا كانت طبعية، إمَّا إذا تصنَّعها الإنسان فإن مشيه سيكون مضطرب لا هونا.
- (يَزُولُ قَلْعًا إِنْ مَشَى) أي: لا يسحب رجليه على الأرض سحبًا، بل يرفعها بنشاط عن الأرض مما يظهر خفة جسده وقوته (وَيَخْطُو … تَكَفُّؤًا) التكفؤ: الميل، والمقصود أن جسده يميل قليلا للأمام عند المشي (كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ) أي: ينزل (مِنْ صَبَبٍ) أي: مِن مُرتَفَع.
- (وَكَانَ جُلُّ) أي: أكثَرُ (نَظَرِهْ … لَحْظًا) أي: لا يحدِّقُ بالشيء طويلًا، بل ينظر إليه نظرةً يسيرة بطرف عينه، وذلك إذا لم يكن له شأن به، اما إذا كان أمرًا ذو بال، أو أحد يكلمه فإنه يقبل عليه بجميع جسده كما مر معنا (وَمِنْ سِيمَاهُ) أي: صفاته (غَضُّ بَصَرِهْ) أي:
- (يَقْلِبُ كَفَّهُ إِذَا هُوَ عَجِبْ) أي: يجعل باطن كفِّه للأعلى، وهي حركة تعجُّب معروفة عند الناس (بِهَا) أي: بكفِّه (يُشِيرُ) بدلًا مِن الإصبع، وهذا أكثر في الأدب (وَيُشِيحُ إِنْ غَضِبْ) أي يحركها حركة مَن يطرد الغبار أو الذباب عن وجهه، وهذا من البيان بالحركات.
- (وَيَسْتَنِيرُ وَجْهُهُ إِذَا يُسَرْ) أي: يظهر السُّرور، وهو الفرح على وجهه، فتراه يتلألأ (كَأَنَّهُ فِي الْحُسْنِ قِطْعَةُ قَمَرْ) بل هو أجمل ﷺ.
- (وَغَالِبًا يُكْثِرُ مَسَّ لِحْيَتِهْ … عِنْدَ اهْتِمَامِهِ بِأَمْرِ أُمَّتِهْ) أي: إذا أصابه الهمُّ يمسِك بلحيته، وغالبًا لا يصيبه الهمُّ لأجل مال ولا طعام، بل لأمر دينه وأمته.
- (وَرُبَّمَا بِعُودٍ) أي: غصن شجر (أَوْ بِمِخْصَرَهْ) أي: عصا، أو عكاز (نَكَتَ فِي الأَرْضِ) أي: أثَّر في الأرض بطرف المِخصَرة، كان يضربها (لِسِرٍّ أَضْمَرَهْ) أي: أي إذا كان يدور في خاطره شيء.
- (وَكَانَ يَتَّكِي عَلَى وِسَادَهْ) أي: أسند جانبه عليها (عَلَى الْيَسَارِ بَعْضُهُم أَفَادَهْ) أي: بعض الرواة زاد في الخبر أن الوسادة كانت عن يساره.
- (وَرُبَّمَا اسْتَلْقَى) على ظهره، في المسجد وغيره. (وَرُبَّمَا احْتَبَا) أي: يثني ركبتيه ثم يضمهما إلى صدره ويلف يديه على ساقيه، أو يربط رجليه بظهره بقماشة أو نحوها بدل يديه (بمَسجِدٍ) أي: حينما يجلس في المسجد وغيره (وَالْقُرْفُصَا كَالاِحْتِبَا) معناهما واحد، إلا أنه في عصرنا صارت القرفصاء تطلق على جلسة أخرى لا توضع فيها الأليتان على الأرض.
- (يَجْلِسُ حَيْثُ مَجْلِسٌ بِهِ انْتَهَى) أي: لا يطلب من الناس أن يفسحوا له، أو يقيم أحدًا ليجلس مكانه، بل حيثما وصل جلس (صَلَّى عَلَيْهِ رَبُّهُ بِلاَ انْتِهَا) أي: أدام عليه صلواته دون حد.
اللهم اجمعنا على اتِّباعه في الدُّنيا، ومعه في الآخرة
والحمد لله
[[1]] [أعلام رسول الله المنزلة على رسله (ص172)]
[[2]] «وفي الحديث (الريح من روح الله) أي من رحمته». [الغريبين في القرآن والحديث (3/ 787)]
[[3]] [العين (7/ 394)]
[[4]] رواه مسلم
[[5]] [العين (7/ 394)]
[[6]] [خلق الإنسان (ص23)]
[[7]] [المحكم والمحيط الأعظم (4/ 253)]
[[8]] [القاموس المحيط (ص1134)]
[[9]] [غريب الحديث – ابن قتيبة (1/ 500)]
([10]) «ويُقالُ: النَّعْتُ وصف الشيءِ بما فيه إلى الحسن مذهبُه، إلا أن يتكلّفَ متكلّفٌ، فيقول: هذا نعت سوء». [العين (2/ 72)] «النعت: وصف الشيء بما فيه من حسن، ولا يقال في القبيح إلا بتكلف بأن يقال: نعت سوء، والوصف يجيء في الحسن والقبح». [مجمع بحار الأنوار (4/ 733)]
[[11]] [التلخيص في معرفة أسماء الأشياء (ص250)]
[[12]] [الجراثيم لابن قتيبة (1/ 178)]
[[13]] [معجم أبي يعلى الموصلي (ص43)]
[[14]] [مسند أبي داود الطيالسي (3/ 190)]
[[15]] [دلائل النبوة للبيهقي (1/ 304)]