بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله
أما بعد
فيوجد كتاب بعنوان اعتقاد الإمام المنبل أحمد بن حنبل، لأبي الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي ت410هـ زعم كاتبه انه يحتوي على معتقد الإمام أحمد، وقد فرح الجهميَّة به لأنه نقل عن الإمام أقوالًا لم يقلها رحمه الله تعالى، فصاروا ينقلون بعض الثناءات على التميمي ليروِّجوا بها كتابه هذا.
فسأجمِل الكلام عنه في نقاط ثم أدلل على بعضها.
* التميمي لم ينقل عن الإمام أحمد بأسانيد، بل كتب كلاما بعباراته وكان كثير منها على طريقة وبعبارات أهل الكلام ونسبه للإمام.
* ما فرح به الجهميَّة مِن كلام كتبه التميمي هو مخالف لِما نقله تلاميذ أحمد عنه، ومخالف لِما نقله فضلاء تلاميذهم كالخلَّال وغيره، ويخالف معتقدهم، فيتضح بذلك فساد كلام التميمي.
* التميمي لم ينقل عن كتابه هذا علماء أهل السنّة كاللالكائي والآجري وابن بطة والصابوني وغيرهم، وهذا يدل على أن كلامه غير معتبر عند علماء أهل السنة.
* التميمي يميل لأهل البدع، مِن الأشعريَّة الكلَّابيَّة كما نقل ابن عساكر «تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري» (ص221): «وَحضر الشَّيْخ أَبُو الْفضل التَّمِيمِي يَوْم وَفَاته العزاء حافيا مَعَ إخْوَته وَأَصْحَابه وَأمر أَن ينَادى بَين يَدي جنَازته هَذَا نَاصر السّنة وَالدّين هَذَا إِمَام الْمُسلمين» والباقلَّانيُّ أشعري كلابي يقول بخلق القرآن، وهذا يصفه بالإمامة وقال ابن عساكر «وَكَانَ يزور تربته كل يَوْم جُمُعَة فِي الدَّار»
* الجهميَّة الذين عظموا التميمي لأنه وافقهم في عباراته، فإنه خالفهم في أخرى، فهل يقرون له بها؟
فقد قال: «والقرآن ليس فيه مجاز عند أصحابنا، واستدل بأن المجاز لا حقيقة له، ثم قال: فأما قوله: “واسأل القرية … والعير” فيجوز أن تكلم الجمادات الأنبياء، ثم قال: وسمعت قول الخرزي رحمه الله، وقد قيل: قوله: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْعِجْلَ} ، أو حب العجل؟ فقال: قيل: العجل في نفسه، مثل القرية والعير سواء.» «العدة في أصول الفقه» (٢/ 697) والجهميَّة يقولون إن أنكار المجاز قول الحشوية المجسِّمة التيمية الوهابية الظاهرية، فكيف يمدحونه!
ونسب لأحمد قائلا «وَمذهب أبي عبد الله أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ أَن لله عز وَجل وَجها لَا كالصور المصورة والأعيان المخططة بل وجهة وَصفه بقوله {كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه} وَمن غير مَعْنَاهُ فقد ألحد عَنهُ وَذَلِكَ عِنْده وَجه فِي الْحَقِيقَة دون الْمجَاز وَوجه الله بَاقٍ لَا يبْلى وَصفَة لَهُ لَا تفنى وَمن ادّعى أَن وَجهه نَفسه فقد ألحد وَمن غير مَعْنَاهُ فقد كفر» [ص17 .العلمية]
والجهمية يقولون: إن الوجه يُراد به الذات، وفي هذه العقيدة (وَمن ادّعى أَن وَجهه نَفسه فقد ألحد) فنطالبهم بأن يقروا على أنفسهم بالإلحاد.
والجهمية يقولون أن البخاري أوَّل وجه الله وقال إنه ملك الله، وفي هذه العقيدة (وَمن غير مَعْنَاهُ فقد كفر) فنطالبهم بالتصريح بأن البخاري ملحد، أو بالتصريح بأنَّه لم يغير معنى الوجه.
فإن لم يفعلوا فليس لهم أن يشغبوا على المسلمين بهذا الكتاب.
تنبيه: كتاب التميمي في المكتبة الشاملة مسمى (عقيدة الامام أحمد رواية الخلال) وهذا خطأ فادح.
هذا والله أعلم