بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هؤلاء الذين أحيَوا سنة أبرهة بن الأشرم الذي بنى كعبة في اليمن ليضاهي بها بيت الله تعالى، فأبطل الله كيده وصارت كعبته هذه مزبلة.
ثم بنى بعض المنافقين مسجدًا وذهبوا ليُخادعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطلبوا منه أن يصلي فيه، إلا أن الله تعالى أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمكرهم، وأنهم بنوه ليكون وكرًا للمنافقين، وأرادوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي فيه ليستقطبوا بذلك ضعفاء القلوب ويفتنوهم عن الدين، فأنزل الله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا}
وهؤلاء والله يحيون سنتهم، وسيلكون سبيلهم، بنوا معبد الضرار هذا، وسموه على اسم كبير منافقي زماننا، داعية العَلمانية والإنسانَويَّة، وأرادوا أن يجعلوه وكرًا للمنافقين والمارقين، ويهدموا دين الله تعالى.
فلمَّا تنبه المسلمون لخطتهم، ونبهوا على نفاقهم وملتهم؛ ذهب دعاتهم يقولون للناس: هذا بيت إبراهيمي وهو بناءٌ فقط، وليس دينا جديدًا، وزعموا أنهم ضد فكرة دمج الأديان، وغير ذلك من دعاوى نَعرِف ما وراءها.
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}
{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}
لقد رأينا تدرجهم في أكثر البدع
فذهبوا يدعون إلى الترحم على موتى غير المسلمين، ثم انتقلوا من ذلك إلى الصلاة عليه.
وراحوا يدعون إلى تسويغ تهنئة الملل الأخرى بأعيادهم، ثم صاروا إلى وصف من يمنع من تهنئتهم بالمتطرف، ثم ذهبوا إلى الدعوة إلى الاحتفال بها.
وهذه خطوات الشياطين التي حذرنا الله تعالى من اتباعها، إذ قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}
فقد بدأت دعوات دمج الأديان قديمًا، وقد عقدوا لها في أسبانيا مؤتمرا في فبراير ١٩٨٧ م وسموه (المؤتمر الإبراهيمي) وأسسوا جمعية سموها (المؤمنون متحدون) ومولوها بـ (000، 800$) وأخرى سموها (نادي الشباب المتدين)
وفشلت محاولتهم واندثرت. وكل مدة يحاولون ويفشلون.
فلجأوا إلى فكرة التدرج، فعملوا بعض المشاريع، منها جمع التوراة والإنجيل والقرآن في كتاب أصدروه في 29 فبراير 1996
فسعَوا إلى أن تكون الخطوة الأولى هي تشويه الدين، من خلال تركيز الإعلام الإخباري على أخطاء الجماعات الإسلامية، والتخويف منها في الأعمال الدرامية، ثم ربط عدد من المصطلحات الشرعية بهذه الجماعات، مثل مصطلح الشريعة، والحكم بما أنزل الله، والكفر، والردة، بل حتى مصطلح حرام، وأي مصطلح لا يناسب دينهم الجديد.
ثم إدخال فكرة تهوين مسائل العقيدة، وأنها مسائل عفا عليها الزمن، وأن المهم الانشغال بالنسك، والأخلاق.
ثم لابد من أن يجهزوا المسلمين نفسيًّا لقبول كل تحريف لدين الله تعالى، وذلك من خلال دعم الأشعرية إعلاميًّا لبث فكرهم القائم على تحريف نصوص الكتاب والسنة والتشكيك بحجيتها. ومن ذلك دعم التوجه القائم على نقض إجماعات أهل العلم بحجة الاجتهاد وفقه العصر وفقه المصالح وفقه الأقليات، وهذا يمثله جماعة محمد عبده ومحمد الغزالي السقا والقرضاوي.
دعم منكري السنة، ومحرفي الدين الذين مهدوا لهم بكل ما سبق. حتى يصلوا إلى سلخ المسلمين عن دينهم، ليكونوا قاعدة داعمة لمشروعهم، بل ليستخدموهم في محاربة البقية المسلمة التي سيطلق عليها ألقاب، مثل: مشددون، متطرفون، دواعش، تكفيريون، خوارج، إخوانيون، وهابيون، وغيرها من ألقاب صنعها إعلامهم لاستخدامها ضد البقية التي تتمسك بالدين.
ومن أجنداتهم أنهم لا يحرقون كل أوراقهم، بل يدفعون ببعض الدمى التي تروج مشاريعهم إلى أن يتخذوا مواقف طيبة في نظر الناس، لتحسين صورتهم، أنظر مثلا إلى شيخ الأزهر، بعد أن أسقطوه لتأييده النظام الحاكم؛ لمَّا وجدوا أنه قابل لأن يبيع آخرته بدنياهم؛ عادوا فلمعوا صورته وزعموا أنه يقف في وجه النظام الحاكم.
وكذلك بعد أن قال إنه يبارك كعبة أبرهة ذهب ينكر ما يسمى بالديانة الإبراهيمية، ويقول إنها تصادر حرية العقيدة، فحسن صورته عند من لا يفهم، فمن كان مغفلا يرضى بكعبة أبرهة؛ رضي بها تبعا لشيخه من إنكاره دين الدجال، والذي ضد كعبة أبرهة؛ قال إن شيخه صار ضدها. مع أن المسجد أساسًا على اسمه.
وبالنهاية هذا المشروع هو أحد المشاريع التي تؤسس لدين الدجال، والترويج له أو الرضى به هو ترويج لهذه الديانة.
أنظر إلى ما يقوله وسيم يوسف الذي كانت وظيفته الترويج لهذا المشروع، فقد قال: (البيت الإبراهيمي سيكون منارة النور والتعايش بين الأديان، دائماً ما كنا نسمع عن الحروب الدينية والقتل باسم الدين، واليوم أبوظبي تسمعكم صوت السلام وصوت الحياة باسم الأديان. البيت الإبراهيمي صوت الله للجميع فطرق الله شتى لكنها توصل لله فأنت أخي المسلم وأخي المسيحي وأخي اليهودي)
فهو يشير إلى أن المسألة مسألة تآخي، وأن هذا البيت بما فيه من تكذيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتكذيب للقرآن هو صوت الله تعالى، فهذا واضح جدا أنه مخطط لدمج هذه الأديان.
فهذا مسجد ضرار، مسجد سوء، وجب الحذر منه وتنبيه الناس إلى هذا الخطر العظيم.
وهنا أوجه رسالة إلى المشايخ والعلماء، أصحاب السمو، والسعادة، وفضائل الشيوخ، وأعلمي أهل الأرض، وأئمة المسلمين في هذا العصر، أبناء تيمية زمانهم، وبقايا السلف، وأقول لهم: والله لم ينفعكم ما يقال فيكم ما لم تقفوا وقفة حق لله تعالى، وتحذروا الأمة مما يكاد لها.
والله إن سكوتكم ما لم تكونوا مكرهين خيانة وظلم، فواجب العالم أن يبين لعباد الله الحق ويحذرهم من الباطل، أين دوركم في ذلك، كل يوم نسمع لكم مقطعا تجيبون على أسئلة: ما رأيك بفلان، وما قولك في علان، وأنتم ساكتون عما يكاد للأمة بأسرها. ها قد صاح بكم واجبكم، فماذا أنتم مجيبون.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.