الكريسماس

يعد الكريسماس واحدًا من أكثر الاحتفالات انتشارًا حول العالم، فينبغي لنا أن نعرف كيف بدأ هذا الاحتفال؟ وما هو أصل التسمية؟ وما قول المسلمين في مثل هذا الأمر

بسم الله

أصل التسمية:

تعود كلمة “كريسماس” إلى الكلمة الإنجليزية القديمة “Cristesmæsse”، والتي تعني حفل المسيح. يعتبر الكريسماس احتفالًا نصرانيًّا يحتفلون به في 25 ديسمبر من كل عام، ويعتبرونه ذكرى لميلاد ربهم يسوع المسيح. لكن هل هو فعلا احتفال نصراني أم وثني؟ وماذا عن أمره في الإسلام

 

بداية الاحتفال:

ليس للكريسماس أصل في كتب أهل الكتاب، بل قد ذكر إنجيل لوقا الفصل2عدد8إلى11 أن الرعاة كانوا يذهبون للحقول ليلا وقت ولادة يسوع، وهذا لا يفعله الرعاة إلا في الربيع والصيف، وفي الإسلام قال تعالى: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا﴾ وموسم الرطب يكون في الصيف. فتاريخ الاحتفال أساسًا لا يوافق ميلاد المسيح ﷺ.

فما أصل هذا العيد؟

أصله يعود إلى مهرجانات الانقلاب الشتوي الوثنية حيث كان الرومان الوثنيون يحتفلون بعيد إله الشمس المسمى (سول إنفكتوس) في 25 ديسمبر، ويقولون إنه يوم ميلاده، أو يوم انتصاره على الظلام. وهذا الوثن كان يُعتبر إلهًا رمزيًا للإمبراطورية الرومانية.

جاء في دائرة معارف الكتاب العالمي‏: «لم يحتفل المسيحيون الاوَّلون بولادة [يسوع] لأنهم اعتبروا الاحتفال بولادة ايّ شخص عادة وثنية» أي أنهم في هذه النقطة كانوا أهدى من بعض المتصدرين للمشيخة. وهذا من ضمن تعاليم دينهم، كما في افسس ٥عدد‏​١١‏:‏ «ولا تشتركوا في اعمال الظلمة غير المثمرة» وهذا أيضا عندنا، في قوله تعالى ﴿والذين لا يشهدون الزور﴾‏

ولهذا قد يستغرب البعض ما جاء في كتاب “قصة العادات لـ”تشارلز باناتي” (ص64): « أصدرت محكمة ولاية “ماساتشوستس” العليا قراراً في عام 1659 جعلت فيه كل من يستغل يوم 25 كانون الأول للإحتفال بأي شيء لا يمت لعيد الميلاد بصلة آثماً يستحق العقاب، وفرضت الغرامات على المخالفين. بقيت الولايات المتحدة على هذه الحال حتى حلول القرن التاسع عشر عندما تدفق المهاجرون الإيرلنديون والألمان وقوضوا المعتقد المتزمت»

واحتج المحتفلون بحجة شبيهة بحجج الصوفية، فقال الشاعر “هنري ودزورت لونغ فيلو”: “نحن الآن في مرحلة تطور فيما يخص عيد الميلاد في نيوإنكلند، إننا نرفض أن تزيل مشاعر المتزمتين البهجةَ على نحو متزايد كل عام»

بل حتى لم يكن النصارى مهتمين بتحديد تاريخ ميلاد إلههم، يقول المؤرخ الفرنسي لوران تيستو: «ولم يطرح بالنسبة لهم [أي النصارى الأوائل] سؤال تاريخ ميلاده»

وحيث أنهم لا يعرفون موعد ولادة إلههم يسوع فقد اعتمدوا ذلك اليوم الوثني، كما جاء في دائرة المعارف البريطانية. وقال أنس فريحة في في كتابه “دراسات في التاريخ” ص19: «من أهم العوامل الفعّالة التي عملت على تثبيت الميلاد عيدًا كنسيًّا،‏ في منتصف القرن الرابع» وذكر أمورًا، منها: «رغبة الكنيسة في تنصير الأعياد الوثنية».‏

واعتماد هذا اليوم في أكبر مجمع نصراني ألا وهو مجمع نيقية عام 325م وهو المجمع الذي قرروا فيه عقيدة الثالوث.

لكن الطوائف النصرانية اختلفوا في تحديد يوم الاحتفال، فالكنائس الأرثوذكسية يحتفلون في 7 يناير/كانون الثاني، وتحتفل الكنائس الأرمنية به في 6 يناير، لكن مع أنهم يساكنونا في بلادنا إلا أن المنتسبين للإسلام يحتفلون مع الكنيسة الكاثوليكية تبعا للثقافة الغربية.

 

فصل: الطقوس الوثنية في هذا العيد

كما أن أصل هذا العيد وثني، فحتى طقوس الاحتفال به اقتبسها النصارى من الوثنيين، كما سأبين لك

1- الشموع وهدايا الأطفال: أخذوا هذا من طقوس عيد زحل، وهو مهرجان روماني قديم كان يقام بين 17 و 23 ديسمبر لتكريم الوثن المسمى زحل، الذين يعتقدون أنه إله الزراعة والخصوبة. وكانت تقدم فيه الهدايا للأطفال وتُضاء الشموع. [كما في دائرة المعارف الاميركية (‏١٩٧٧)‏ج٦ص ٦٦٦]

2- اضواء الميلاد، وشجرة الميلاد:‏ بحسب دائرة معارف الدين،‏ كان الاوروبيون يزينون بيوتهم «بأضواء ونباتات دائمة الخضرة من جميع الانواع» احتفالا بالانقلاب الشتوي وطردا للارواح الشريرة.‏

3- تعليق نبتة الدَّبَق: بحسب دائرة المعارف الاميركية‏ «اعتقد الدَّرْويديون ان نبتة الدِّبق او الهَدال mistletoe لها خصائص سحرية.‏ وكانت شجرة البهْشية الدائمة الخضرة تُعبد باعتبارها بشيرا برجوع الشمس» وفي الموسوعة العربية العالمية: «كانت الشعوب الأوروبية القديمة تستخدم الدبق في طقوسها الدينية.‏ ومن المحتمل أن تكون عادة استعمال الدبق في عيد الميلاد انبثقت من تلك الممارسة»

4- شجرة الميلاد: فبحسب كتاب تاريخ حضارات الشرق المخفي (صفحة 640): «أما عادة تزيين شجرة عيد الميلاد فهي عادة سابقة للمسيحية ، مرتبطة بالعبادات الوثنية»

 

الخلاصة

تبين في هذا البحث أنه عيد وثني، بطقوس وثنية، أدخِلَ على دين النصارى الذين يعبدون بشرا وملاكًا، كم هو عجيب أن تجد مسلما يحتفل به، أو يهنئ النصارى به.

تخيل أن صديقك ادعى أنه زنا ببنت جارك، فذهبت أنت وجلست في بيت جارك هذا، واتصلت على صديقك وهنأته على زناه ببنت جارك، ثم قلت لجارك: «أنا لا أعتقد أنه زنا بها، ولكني هو صديقي، وهو يعتقد أنه زنا بها، وهو مسرور بفعله، ولهذا أنا أهنئه» هل فعلك هذا سليم؟ وهل تبريرك له قيمة؟ إن قلتَ: «لا» فكيف تعيش في مملكة الذي ﴿لم يلد ولم يولد﴾ ﴿ولم يكن له شريك في الملك﴾ وتهنئ الذين ﴿قالوا اتخذ الله ولدا﴾ بدلا من أن تدعوهم لتقديسه وتوحيده وتأخذ بأيديهم إلى الإيمان.

 

حكم المشاركة والتهنئة في هذه الأعياد

روى ثَابِتُ بْنُ الضَّحَّاكِ قَالَ: «نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ ‌أَعْيَادِهِمْ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَوْفِ بِنَذْرِكَ، فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» ففي الحديث بيان وجوب مفارقة أعياد المشركين.

قد فسر جماعة من السلف قول الله تعالى ﴿وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ بأنها في المشاركة في أعياد المشركين، وهذا مروي عن الضحاك وأبي العالية وطاوس والربيع بن أنس والمثنى بن الصباح.

وقال الحسن البصري: «هو الشعانين» وهو عيد للنصارى.

قال الإمام مالك: «وَلَا يَبِيعُ شَاتَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَشْتَرُونَهَا لِيَذْبَحُوهَا لِأَعْيَادِهِمْ؟ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُكْرِي دَابَّتَهُ مِنْهُمْ إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ إنَّمَا اسْتَكْرَوْهَا لِيَرْكَبُوهَا إلَى ‌أَعْيَادِهِمْ». [«المدونة» (3/ 435)]

«وقال عبد الملك بن حبيب من أصحاب الإمام مالك: فلا ‌يعاونون ‌على ‌شيء ‌من ‌عيدهم؛ لأن ذلك من تعظيم شركهم وعونهم على كفرهم. وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك وهو قول مالك وغيره: لم أعلم أنه اختلف فيه». [«مجموع الفتاوى» (25/ 326)]

والإمام أحمد منع من كانت له جارية أن يأذن لها بالذهاب إلى أعيادهم كما في  [أحكام أهل الملل (995)] فكيف بالمسلم هو أن يشارك

وقال ابن تيمية: «فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كره نوعًا من التشبه بهم في عاشوراء فكيف بأعياد ‌الشعانين والخميس وغير ذلك من أعياد الكافرين؟ وقد ذهب طائفة من العلماء إلى كفر من يفعل خصائص عيدهم». [«المستدرك على مجموع الفتاوى» (3/ 257)]

وختامًا

هل النصارى يحتفلون بميلاد المسيح عيسى ابن مريم رسول الله؟ لا بل يحتفلون بميلاد الرب يسوع كما يقولون هم.

التسجيل في الجريدة الإلكترونية

عند التسجيل ستصلك مقالات الشيخ الجديدة, كل مقال جديد يكتبه الشيخ سيصلك على الإيميل

(Visited 698 times, 1 visits today)
الكريسماس
تمرير للأعلى