النقاب في الحج والعمرة

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

صورة المسألة: النقاب نوع خاص من أنواع ما تغطي به المرأة وجهها، كما أن الانسان يغطي فخذه بالبنطال، والسروال، والقميص (الثوب)، والمعطف الطويل، والإزار، والتنورة. فإذا قلنا إن الرجل يحرم عليه لبس التنورة لأنه تشبه بالنساء، فلا يعني أنه لا يغطي فخذه. ومنعه من أنواع معينة من اللباس في الحج، لا يعني أنه لا يستر ما أمره الله بستره. 

أما النقاب فهو غطاء الوجه المنقوب عند العين، والبرقع: هو غطاء الوجه المشدود على الرأس، وهذان ممنوعان، وتغطية الوجه بغير هذا غير ممنوعة، بل هي لازمة عند وجود الرجال. قال ابن حزم ([1]): إنَّمَا نَهَاهَا عَنْ النِّقَابِ؛ وَلَا يُسَمَّى السَّدْلُ نِقَابًا فَإِنْ كَانَ ” الْبُرْقُعُ ” يُسَمَّى نِقَابًا، لَمْ يَحِلَّ لَهَا لِبَاسُهُ؛ وَأَمَّا اللِّثَامُ فَإِنَّهُ نِقَابٌ بِلَا شَكٍّ؛ فَلَا يَحِلُّ لَهَا. ([2]) ويشهد لهذا ما رواه جعفر الصادق، عن محمد الباقر عن علي رضي الله عنه: كَانَ يَنْهَى النِّسَاءَ عَنِ النِّقَابِ وَهُنَّ حُرُمٌ، وَلَكِنْ يَسْدُِلْنَ الثَّوْبَ عَلَى وُجُوهِهِنَّ سَدْلاً ([3]) 

 

نقل عنهم الكشف فقط

الحكم بن عتيبة الكندي، وحماد بن أبى سليمان ([4]) 

تغطّي وجهها عند وجود الرجال

رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ، وعليّ ([5])، وَعَائِشَةَ ([6])، وأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ([7])، وابن عباس ([8])، وفَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بن الزبير بن العوام ([9])، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وطَاووس ([10])، وَمَالِكٌ، وابن جريج ([11])، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ ([12])، وَإِسْحَاقُ، وأحمد بن حنبل ([13])، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ. ([14]) 

الإجماع:

 

قال ابنُ عبدِ البَرِّ: «أجمَعُوا على أنَّ المرأةَ تَلْبَسُ المَخِيطَ كُلَّه، والخِفَافَ، وأنَّ لها أنْ تُغطِّيَ رأسَها، وتستُرَ شَعْرَها؛ إلا وجهَها، فتَسْدُلُ عليه الثوبَ سَدْلاً خفيفاً تُسْتَرُ به عن نظرِ الرجالِ» ([15]) 

ابن رشد: “وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ إِحْرَامَ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا، وَأَنَّ لَهَا أَنْ تُغَطِّيَ رَأْسَهَا وَتَسْتُرَ شَعْرَهَا، وَأَنَّ لَهَا أَنْ تَسْدِلَ ثَوْبَهَا عَلَى وَجْهِهَا مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا سَدْلًا خَفِيفًا تُسْتَرُ بِهِ عَنْ نَظَرِ الرِّجَالِ إِلَيْهَا” ([16]) 

قال ابنُ قُدَامةَ: فَأَمَّا إذَا احْتَاجَتْ إلَى سَتْرِ وَجْهِهَا، لِمُرُورِ الرِّجَالِ قَرِيبًا مِنْهَا، فَإِنَّهَا تَسْدُلُ الثَّوْبَ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا… وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا ([17]) 

وقال ابن حجر: أجمعوا على أن المرأة المحرمة تلبس المخيطَ كله والخِفافَ، وأن لها أن تغطي رأسها وتستُر شعرها إلا وجهها، فتسدل عليه الثوب سدلًا خفيفا تستتر به عن نظر الرجال الأجانب ([18]) 

عن أبي الشَّعْثاءِ، عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ أنَّه قال: «تُدْلِى الجلبابَ إلى وجهِها، ولا تضرِبُ به، قلتُ: وما «لا تَضْرِبُ به»؟ فأشارَ لي، كما تَجلْبَبُ المرأةُ، ثمَّ أشارَ لي: ما على خَدِّها مِن الجلبابِ، قال: تَعْطِفُه، وتَضْرِبُ به على وجهِها؛ كما هو مسدولٌ على وجهِها» ([19]) 


 

 

([1]) انقل قوله لأنّه لأن المسألة من باب توضيح معنى النقاب والسدل، ولا اذكر رأيه هنا لأنه ليس من السلف، وكلامنا عن السلف.

([2]) المحلى ج5ص78

([3]) ابن أبي شيبة (14922)

([4]) ابن أبي شيبة [14928- 14545]- حَدَّثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَكَمَ وَحَمَّادًا عَنِ النِّقَابِ لِلْمُحْرِمَةِ؟ فَكَرِهَاهُ وَقَالاَ: تُخْرِجُ وَجْهَهَا لِلَّهِ.

([5]) علي: ابن أبي شيبة (14922) حَدَّثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَنْهَى النِّسَاءَ عَنِ النِّقَابِ وَهُنَّ حُرُمٌ، وَلَكِنْ يَسْدُِلْنَ الثَّوْبَ عَلَى وُجُوهِهِنَّ سَدْلاً. قلت: أرسله محمد الباقر محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب

([6]) جاء في مسائل أبي داود (731) قال حدثنا أحمد قال حدثنا هشيم قال أخبرنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود قال: قالت عائشة: تسدل المحرمة جلبابها من فوق رأسها على وجهها. قلت: صحيح، إسناده متصل، ورجاله أئمة كبار. 

([7]) روى ابن خزيمة (2690) عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتُ: كُنَّا نُغَطِّي وُجُوهَنَا مِنَ الرِّجَالِ، وَكُنَّا نَمْتَشِطُ قَبْلَ ذَلِكَ.. قال الأعظمي: إسناده صحيح، ورواه الحاكم (1668) وقال: : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ

([8]) “مسائل أبي داود” (732).

([9]) روى مَالِكٌ (1176) عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ أَنَّهَا قَالَتْ: كُنَّا نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ. وَنَحْنُ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.

([10]) طاووس: ابن أبي شيبة (14923)

([11]) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ت150. ى قال أبو داود: ثنا أحْمَد قال: ثنا يحيى وروحٌ، عن ابن جريج قال: آخر ما قال لي عطاءٌ: أخبرني أبو الشعثاء أن ابن عباسٍ قال: تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به، قال روح في حديثه: قُلْتُ: وما لا تضرب به؛ فأشار لي: كما تجلبب المرأة، ثم أشار لي ما على خدها من الجلباب قال: تعطفه وتضرب به على وجهها كما هو مسدول على وجهها. [مسائل أبي داود (732)]

([12]) الأم ج2ص222 ، قال: وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تُجَافِيَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهَا تَسْتَتِرُ بِهِ وَتُجَافِيَ الْخِمَارَ ثُمَّ تَسْدُلَهُ عَلَى وَجْهِهَا لَا يَمَسُّ وَجْهَهَا

([13]) قال:  لَا تخمر وَجههَا وَلَا تنتقب والسدل لَيْسَ بِهِ بَأْس، تسدل على وَجههَا [مسائل صالح: 261] وقال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه [أحمد بن حنبل] عن المرأة المحرمة، تسدل ثوبها على وجهها؟ قال: تسدله على وجهها إذا لقيت الرفاق، فإذا جاوزت الرفاق، كشفت عن وجهها، ولا تغطيه عمدًا. [مسائل ابن هانئ (787)]

([14]) قال ابنُ قُدَامةَ: وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: «وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ» . فَأَمَّا إذَا احْتَاجَتْ إلَى سَتْرِ وَجْهِهَا، لِمُرُورِ الرِّجَالِ قَرِيبًا مِنْهَا، فَإِنَّهَا تَسْدُلُ الثَّوْبَ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا 

([15]) انظر: «التمهيد» (15/ 108)، و «الاستذكار» (11/ 28 – 29).

([16]) بداية المجتهد ج2ص92

([17]) المغني ج3ص301

([18]) فتح الباري ج3ص475

([19]) أخرجه الشافعي في «مسنده» (1/ 303 رقم 788)، وفي «الأُم» (3/ 370 – 371)، وأبو داود في «مسائل الإمام أحمد» (732). ولم يذكُرِ الشافعيُّ: «أبا الشعثاء».

التسجيل في الجريدة الإلكترونية

عند التسجيل ستصلك مقالات الشيخ الجديدة, كل مقال جديد يكتبه الشيخ سيصلك على الإيميل

(Visited 119 times, 1 visits today)
النقاب في الحج والعمرة
تمرير للأعلى