النقشبندية ([1])
الطريقة النقشبندية هي إحدى الطرق الصوفية التي تنتسب إلى الشيخ بهاء الدين نقشبند
وهي من أكثر الطرق الصوفية انتشارًا وتأثيرًا في العالم الإسلامي. تمتاز هذه الطريقة بتركيزها على التصوف القلبي والروحي مع الالتزام بالشرع والابتعاد عن كثير من المظاهر الصوفية التي قد تُعتبر بدعًا عند البعض.
المؤسس
المؤسس هو الشيخ بهاء الدين نقشبند المولود في بخارى عام 718هـ، وتوفي عام 791هـ
قال عنه السيوطي: «قدوة الْأَوْلِيَاء خواجه بهاء الدّين نقشبند رضي الله عنه». [شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره (ص239)]
وقال حاجي خليفة: «وله طريقة معروفة بين المشايخ تفرد بالذكر الخفي». [سلم الوصول إلى طبقات الفحول (5/ 373)]
وكلمة نقشبند فارسية مؤلفة من مقطعين، نقش، وهو كالعربية، «بند» وهو الربط. وقيل إنه لُقِّب بهذا لأنه ينقش الذكر في القلب ويربطه بالله.
وأما أتباعه فهم يقولون فيه كلاما عجبا، فمما قاله عنه عبد المجيد الخاني: «لو لم تختم النبوة لكان نبيا … لم يبق أحد إلا استمد من أمداده حتى وحوش الفلا، فهو الغوث الأعظم» [الحدائق ث180]
وزعم أنه قد فني في الله تعالى فقال: «فحصل لي غيبة، لتصلت بالفناء الحقيقي، وحقيقة الفناء في الله عزّ وجلّ. ورأيت في صورة نجم في بحر من نور بلا نهاية وإني انمحيت فيه ولم يبق بي من الحياة الظاهرة أثر، ففزع الحاضرون وبكوا في تلك الحالة عليّ، ثم بعد ست ساعات رُدّت اليَّ بشريتي شيئاً فشيئاً» [الحدائق ص185]
وقال وهو يتكلم عن شدة تواضعه: «كنت إذا لاقاني في الطريق كلب وقفت حتى يمر هو أولاً لئلا أتقدم عليه، عليه. ولم أزل كذلك سبع سنين، ثم بعد ذلك أمرني [أي شيخه] أن أشتغل بخدمة كلاب هذه الحضرة بالصدق والخضوع وأطلب منهم المدد، وقال لي: “إنك ستصل الى كلاب منهم تنال بخدمتهم سعادة عظيمة”… وصلت مرّة الى كلب فحصل لي من لقائه أعظم حال. فوقفت بين يديه واستولى عليَّ بكاءُ شديد، فاستلقى في الحال على ظهره ورفع قوائمه الأربع نحو السماء، فسمعت له صوتاً حزيناً وتأوّهاً حنيناً. فرفعت يدي تواضعاً وانكساراً وجعلت أقول أمين حتى سكت وانقلب»[الحدائق ص185]
وفتحوا مصحفًا أمامه فخرج قول الله تعالى ﴿وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد﴾ فقال: «أرجو أن أكون ذلك»[الحدائق ص187]
وقال الشيخ صلاح مؤلف مناقب المؤسس: «كان سيدنا البهاء قدّس الله سرّه يوماً مع أصحابه فقال: “إن التعلق بالسِّوى حجاب عظيم للسالك” قال: فخطر ببالي ساعة إذ أن التعلق بالإيمان والإسلام أيضاً كذلك. قال: فالتفتَ في الحال اليَّ وتبسَّم ثم قال: أما سمعت قول الحلاج قدّس الله روحه: (كفرتُ بدين الله والكفرُ واجبُ *** لديّ وعند المسلمين قبيح)» [الحدائق ص190]
لكنهم يزعمون أن المؤسس هو أبو بكر الصديق
اخترعوا إسنادًا لطريقتهم إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قم قالوا: أجازه الرسول ﷺ، ورسول الله مجاز من الله تعالى. [كما ذكروا في موقع شيخ الطريقة ناظم حقاني]
ومعلوم أن أبا بكر لم يسمع بطريقتهم وإلا فهذه مدونات المسلمين، أخرجوا لنا منها من الذي نقل هذه الطريقة عنه؟
بل إن الطرق لم تظهر إلا بعد الصحابة بقرون -كما مر معنا في مبحث الصوفية- إضافة إلى بدعهم التي لا يرتضيها مسلم كما سيأتي بإذن الله.
أضف أن مفهوم الإجازة لم يظهر إلا في القرن الثالث.
وعندهم إسنادان إلى علي رضي الله عنه، ولكن الأشهر أنها منقولة عن أبي بكر الصديق.
يقولون: «اعلَمْ أن الطريقة العلية النقشبندية قدّس الله أسرار سُراتها النديّة هي طريقة الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم على أصلها لم يزيدوا فيها ولم يُنقصوا منها» [الحدائق الوردية في حقائق أجلاء النقشبندية ص7]
وقال: «في قوله: “ماصَبَّ الله في صدري شيئاً إلّا وصببتُهُ في صدر أبى بكر” الذي هو واسطة هذا العقد ومؤسس هذا المجد» [ص8] وهذا حديث كذب.
وقد زعم محمد أمين زاده الكردي أن الله تعالى هو الذي وضع علم التَّصَوُّف [تنوير القلوب ص406]
وبالنسبة للأسانيد فيبدو أنهم كانوا مشهورين بتزويرها، فحكى عبد المجيد الخاني أنه لمَّا قدم ابن الجزري المقرئ المشهور إليهم قيل له إن محمد بارسا (أحد تلاميذ المؤلف) يحدث بأحاديث لا يعرف أحد سندها، وسأله الجزري عن أسانيده فحكاها فلم يعرفها ابن الجزري، ولكنهم ذكروا كرامة أنجتهم من هذه الورطة وهي أنه أخبر القاضي أن كتابا عند القاضي في خزانته ووصف له مكانه وشكله فيه هذه الأسانيد، وكان القاضي يرى هذا الكتاب معتمدًا [الحدائق ص200] ولو كان هذا الكلام صحيحًا فلماذا لم يعلم القاضي أن أسانيد هذا الرجل موجودة في كتابه، ولم يعلم أحد من محدثي البلد بهذا الأمر، ولماذا استعانوا بابن الجزري، ولماذا لم يعلمها ابن الجزري.
ولا يُستبعد أن المؤسس هو إبليس، ولا أقول هذا تشنيعًا، ولكن لأن المؤسس وتلامذته وخلفاءهم جاء عنهم أنهم يقولون: «سمعت صوتا يقول كذا» ويأخذون من هذا الصوت دينًا، وهم يقولونها إيهامًا أنه الله أو مَلَكٌ من الملائكة، ولا شك أنه شيطان.
أهمية الطريقة
أما عن الطرق عموما فإنَّهم يكفِّرون منكرها، قال البغدادي: «وإياك أن تقول: طرق الصوفية لم يأت بها كتاب ولا سنة فانه كفر» [الحديقة الندية في الطريقة النقشبندية لمحمد بن سليمان البغدادي ص ٣١]
وأما طريقتهم، فقال شاه نقشبند: «العزيز المعرض على طريقتنا على خطر من دينه»[الحدائق ص8]
وقد عرضنا في موضوع التصوُّف أن غايتهم وهدفهم هو الفناء، فإن النقشبندية زادوا عليهم فقالوا: «البقاء بعد الفناء» وذلك أنهم قسموا السالكين إلى قسمين؛
- سالك مجذوب: يستدل على الله بآياته وأسمائه وصفاته.
- ومجذوب سالك: يشهد الله أولا على قدرِ استعداده، ثم يُرَدُّ الى شهودِ الصفات، ثم يرجع الى التعلَّق بالأسماء، ثم إلى شهود الآثار، عكس ما كان السالك الأول عليه.
وهم من هذا النوع الثاني بزعمهم.
مباني الطريقة
القواعد الثمانية
تقوم الطريقة على قواعد ثمانية، وهي:
1 – هوش دردم، 2 – نظر بر قدم، 3 – سفر دروطن، 4 – خلوت در انجمن، 5 – ياد كرد، 6 – بازگشت، 7 – نگاهداشت، 8 – ياد داشت.
وهم يتعلمونها بالفارسية كإمامهم المؤسس، ثم يشرحونها.
- “هوش دردم” عقلي يؤلمني: يقصد بها الحفاظ على الوعي الداخلي ومراقبة الأنفاس لتجنب الغفلة.
- “نظر بر قدم” – أنظر إلى قدميك. تعني التركيز على خطوات السالك الروحية وعدم التشتت بالأمور الدنيوية.
- “سفر در وطن” – السفر في الداخل: تشير إلى الرحلة الداخلية لتطهير النفس والارتقاء بالصفات الروحية. أو سفره من عالم المخلوق إلى عالم الخالق.
- “خلوت در انجمن” – العزلة مع المجموعة: عني أن يكون القلب مع الله حتى أثناء التواجد بين الناس.
- “يادكرد” – الذكر الدائم.
- “بازكشت” – العودة: العودة إلى الله بعد الذكر والمناجاة القلبية.
- “نكاه داشت” – المحافظة: الحفاظ على القلب من الخواطر التي تشوش الذكر والحضور.
- “ياد داشت” – الملاحظة أو التسجيل: الحضور القلبي الدائم مع الله والانتقال إلى حالة المشاهدة الروحية.
ومما يميز النقشبنديين كثرة تردادهم عبارة “أنت مقصودي ورضاك مطلوبي، قال
عنها ركن الدين علاء الدولة: «ينبغي للسالك أن يقول: “إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي” وإن لم يجد في نفسه الصدق في الطلب فإنه تظهر فيه حقيقة الصدق بالمداومة على هذه الكلمة» [رشحات ص61]
آداب الطريقة
للطريقة عشرة آداب؛
- دوام الطهارة.
- استقبال القبلة في مكان خال.
- الجلوس متوركا عكس تورك الصلاة
- الاستغفار خمسًا، أو خمس عشرة، أو خمسا وعشرين.
- قراءة الفاتحة مرة، والإخلاص ثلاثًا، وإهداء ثةوابها لروح النبي ﷺ وأرواح مشايخ الطريقة.
- تغميض العينين والصاق الشفة بالشفة واللسان بسقف الحلق.
- رابطة القبر وهي عبارة عن ملاحظة الموت بان تصور نفسك كأنك متّ وغسلت وكفت وحملت الى القبر ووضعت فيه وانصرف عنك الناس.
- رابطة المرشد وهى عبارة عن ربط القلب بالشيخ الكامل وطلب الفيض منه لانه الواسطة الى الله.
- ذكر اسم الله بالقلب مع استحضار مراقبته.
- انتظار نتيجة الذكر عند الانتهاء قبل ان يفتخ عينيه، كأن تصيبه جذبة، أو ما شابه.
الذكر الخفي
الذكر عند النقشبنديين هو ذكر خفي في القلب فقط، قال محمد أمين الكردي: «اعلم ان الذّكر نوعان قلي ولساني وقد اختار ساداتنا النقشبندية الذكر القلبي»[الهداية ص6] ([2]) ولهم فيه طرق غريبة، قال الكاشغري: «إن طريق تعليم الذكر هو أن يقول الشيخ أولًا بقلبه: “لا إله إلا الله محمد رسول الله” ويحضُر المريد بقلبه ويجعله في مقابلة قلب شيخه، ويغمض عينيه، ويضم شفتيه، ويلصق لسانه بحنكه الأعلى، ويضع أسنانه بعضها على بعض، ويحبس نفسه، ويشرع في الذكر بالتعظيم والقوة التامة موافقاً لشيخه بالقلب لا باللسان، ولا يترك نفسه حتى يقول في نَفَس واحد ثلاث مرات ليصل أثر حلاوة الذكر إلى قلبه» [رشحات ص60]
الرابطة الشريفة
الرابطة بحسب تعريفهم: «الفناء في الشيخ المرشد المسبب للفناء في الله» [كتاب الرابطة النقشبندية لعبد الرحيم محمد معصوم الخزنوي]
وهم يريدون نفي كل أنواع الروابط والتمسك بربط القلب بالشيخ، ويقولون إن هذا لأن الشيخ يذكرك بالله، ويذكرون حديثا عند ابن ماجه «خياركم الذين إذا رؤوا ذكر الله» والحديث يراد به أن هؤلاء لكثرة كلامهم عن الله؛ من يراهم يتذكر الله، لا أن نستحضر صورهم عند ذكر الله.
الرابطة باختصار هي أن المريد إذا أراد الدخول في الذكر يستقبل القبلة، ويتورك عكس تورك الصلاة، ويكون بين المغرب والعشاء، يغمض عينيه ويستغفر الله، ويتخيل صورة الشيخ على هيئة حسنة، يخرج من جبينه هور نحو قلب المريد، ثم يتوسع النور ليشمل جسده كاملا ثم يستغفر.
وعندهم رابطة خيالية، هي أن يتخيل شيخه معه حيثما ذهب، فكأنهم جعلوها بديلا عما جاء في الحديث «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» فصاروا يستحضرون الشيوخ، بل إن المريد يستحضر شيخه في كل مكان حتى عندما يبول. [الرابطة ص37]
والرابطة عندهم لها مزية عظيمة، يقول شيخهم الخواجة أحرار عن الرابطة أنها: «أولى للمريد من اشتغاله بالذكر» [المكتوبات 1/160]
الختم (ختم الخوجكان)
طرقة في الدعاء مخصوصة، يجتمعون في مكان خالٍ ليس فيهم أمرَد، ويجلسون توركا عكس تورك الصلاة، ويغمضون أعينهم، ويستحضرون صورة الشيخ، ويستغفرون ويقرؤون عددا من السور والأذكار بعدد محدد، ويهدون ثوابها لرسول الله ﷺ ومشايخ الطريقة، ويدعون الله أن يجعلهم من المنسوبين لهؤلاء المشايخ، ويدعون لأنفسهم، فأرواح المشايخ تعينهم فهي تعين من يستعين بهم. وتقضى بهذا الحاجات، وترفع الدرجات.
فإذا قرأ سلسلة المشايخ (أي أسماء شيوخ الطريقة) يفرج همه وغمه ويشفى من مرضه.
كلمة التوحيد
علمهم شيخهم البيرمسي طريقة في ذكر الشهادة وهي برسمها التي في أول الشهادة على الجسد روحيًّا، قال: وهو أن يبتدئ رأس ألف «لا» من تحت السرّة وكرسي «لا» على صدره محاذي الثدي الأيمن ورأس «لا» الثاني على القلب الصنوبري و«إله» تتصل بكرسي «لا» محاذي الثدي الأيمن «إلا الله محمد رسول الله» تعتبر متصلة بالقلب. ويحفظ الكلمة الطيبة على هذا الشكل ويكون مشتغلاً على الدوام»[الحدائق ص202] فكيف خفي هذا عن كل الأمة بينكم وبين أبي بكر الصديق الذي تنسبون له طريقتكم؟
عقائدهم
الفناء
يعتقدون بحقيقة الفناء الذاتي، وهي التجرد عن الصفات البشرية والاندماج في صفات الله تعالى، فقد سئل المؤسس عن معنى قول بعض شيوخهم “الصوفي غير مخلوق” فأجاب: «للصوفي في بعض الأوقات حالاً لا يكون فيها هو، فهذا الكلام بالنسبة الى ذلك الوقت وإلاّ فالصوفي مخلوق» وسُئل عن قولهم “إذا تم الفقر فهو الله” فقال: «هذا إشارة الى الفناء ومحو الصفات وأنشد: وإذ فنيت مَن بقي لم يبق إلاّ الله» [الحدائق ص187]
ومن كلام ابن العطار البخاري تلميذ المؤسس: «فإن التواضع للخلق لا يجوز إلاّ إذا نظرت إليهم بأنهم مظاهر للحق تبارك وتعالى، فيكون التواضع حينئذ الى الظاهر بهم لا إليهم» [الحدائق ص206] فإن أراد أن شيوخه هم مظاهر الله فهذا يتفق مع قول شيخه، وإن أراد جميع الخلق فهو القول بوحدة الوجود.
وقال حسن ابن علاء العطار: «اعلم أنّ طريق سلوك الطائفة العليّة العلائية» أي طريقة والده «أقرب السبل الى المقصد الأسنى وهو الله سبحانه وتعالى، فإنه يرفع حجب التعينات عن وجه الذات الأحدية السارية في الكل بالمحو والفناء في الوحدة»[الحدائق ص207]
وقد قال مولاهم عبد الرزاق الكاشاني: «بسم الله، أي: بالإنسان الكامل» [رشحات عين الحياة ص180]
كفر من عبد الله طلبا للجنة وخوفًا من الله
قال عبد المجيد الخاني: (قلت) لا يخفى أن الإيمان يردُ لمعانٍ منها الجزاء… وإن أهل الله لا ينظرون في أعمالهم إلاّ الى الله. قالت رابعة العدوية: “ماعبدتك طمعاً في جنّتك ولا خوفاً من نارك ولكن لوجهك الكريم”. فصرف العبادة لغيره تعالى شركُ خفي، كما قال سيدنا الشيخ أرسلان الدمشقي: “كلك شرك خفي والكفر به على المخلصين واجب، لأن مَن عبده لأجل الجنة والنار فقد عبد الجنة والنار وهو طاغوت وقد قال تعالى ﴿ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى﴾”» [الحدائق ص190]
الاستغاثة بالمخلوقين
الاستغاثة كما هو معلوم إن كانت مِن حس حاضِرٍ قادرٍ فهي طلب، وإن كانت من غائب كانت نوعًا من الدعاء، وسمي لأنها طلب النجاة من مكروه حاصِل، وهذه الاستغاثة مشروعة عندهم، ويفعلونها مع الموتى، وقال عبد المجيد الخاني مادحًا تلميذ المؤسس علاء العطار: «ومقامه يُقصد ويُستغاث به رضي الله»[الحدائق ص207]
خرافاتهم
تحضير الأرواح
عندهم مبدأ تحضير الأرواح، فشيوخهم يُحَضِّرون أرواح مشايخ الطريقة الموتى، ويأخذون منهم البيعة. كما أن هذه الأرواح لها قدرات أخرى، فيطلبون منهم الشفاء وغيره.
ويقولون: «وأقل ما يحصل للمريد إذا دخل في سلسلة القوم بالتلقين أن يكون إذا حرّكَ السلسلة تُجاوبهُ أرواح الأولياء من شيخه الى رسول الله ﷺ الى حضرة الله عزّ وجلّ.» [الحدائق 9]
ولمَّا مات المؤسس جاء إلى أحد مريديه في المنام فتبيَّن للمريد أنَّه لا فرق في مدده في حياته وبعد وفاته [الحدائق ص199]
وقال علاء الدين العطار أحد تلاميذ المؤسس: «القرب من قبور الصالحين له تأثير كبير، ومع ذلك فالتوجه الى أرواحهم المقدسة أولى منه» [الحدائق ص206]
وقال: «ثم الأدب في زيارة القبور أن تتوجه الى الله تعالى وتجعل أرواح أصحابها وسيلة اليه تعالى» [الحدائق ص206] وقال: «ولا تترك التوجه الى أرواحهم لئلا تنقطع عن نظرهم.» [الحدائق ص207]
وقال محمد أمين الكردي: «فإن أرواح المشايخ ببركة هذا الوِرد يعينون من استعان بهم» [الهداية ص15]
الكعبة تزور الأولياء
قال ابن عابدين الأشعري النقشبندي: «وفي البحر عن عدة الفتاوى: الكعبة إذا رفعت عن مكانها لزيارة أصحاب الكرامة ففي تلك الحالة جازت الصلاة إلى أرضها». [حاشية ابن عابدين (1/ 432)] فهم يرون أنها تزور أولياءهم زيارة حقيقية حتى ناقشوا أمر الصلاة في هذه الحال.
قال محمد المعصوم: «لما دخلت المسجد الحرام رأيت جماعة من الرجال والنساء على غاية من الحسن يطوفون معي باشتياق وتقرب شديد بحيث يقبلون البيت ويعانقونه في كل وقت. أقدامهم على الأرض ورؤسهم بلغت عنان السماء، فتبين لي أن الرجال ملائكة والنساء من الحور العين. ورأيت الكعبة تعانقني وتقبلني باشتياق تام … ولما فرغت من الحج جاءني مَلَكٌ بكتابٍ بقبول الحج من رب العالمين … ولما دخلت المدينة المنورة، فلما وقفت رأيت النبي ﷺ قد خرج من الحجرة المطهرة وعانقني … ثم ظهرت نسبتي: ورأيت جميع العالم من العرش إلى الثرى منورا من نوري. قال الخاني: «وكان هذا الشيخ يوصل الطالب إلى الفناء في أسبوع»» [الحدائق الوردية في حقائق أجلاء الطريقة النقشبندية ص 195 المواهب السرمدية 213 الأنوار القدسية 196 جامع كرامات الأولياء 1/ 204].
خرافة
وقال علاء الدين العطّار: «كنت عند حضرته في يوم غيم، فقال لي: هل دخل وقت الظهر؟ فقلت له: لا، فقال: أنظر الى السماء. فنظرت؛ فلم أجد حجاباً أصلاً ورأيت جميع ملائكة السموات مشتغلين بصلاة الظهر. فقال: ما تقول هل صار وقت الظهر؟ فخجلت مما صدر مني واستغفرت منه» [الحدائق ص195]
مجيء الحوريات عند موته
قالوا: «لما دُفن الشيخ فُتح من جهة وجهم ل طاقة الى الجنة، فدخلت عليه حوريتان وسلمتا عليه وقالتا “نحن منذ خُلقنا لك أكرم الكرماء ننتظر خدمتك”. فقال إني عاهدتُ الله تعالى أن لا ألتفت الى شيء من الأشياء مالم أتشرف برؤيته بلا كيف ولا مثال، وأشفع بجميع من اتصل بي وسمع مني القول الحق وعمل به»[الحدائق ص199] ولا ندري كيف عرفوا هو بما جرى بينه وبين الحور العين.
قدسية الشيوخ عندهم
ينقلون عن الشعراني قوله: «مَن لم يَعلَم آباءه وأجداده في الطريق فهو أعمى وربما انتسب لغير أبيه، فيدخل في قوله ﷺ: «لعن الله من انتسب لغير أبيه» [الحدائق 9]
وهم عند مشايخهم خَدَم، وكلامهم في هذا كثير، قال الكاشفي الهروي: «يسافر في البداية إلى أن يوصل نفسه إلى صحبة مرشد كامل، فبعد ذلك يكون مقيماً في خدمته، ملازماً لصحبته، فإن وجد في دياره مرشد كامل من هذه الطائفة يترك السفر بالكلية ويبادر إلى خدمته»[رشحات عين الحياة ص58] قلت: قد يعين التلميذ شيخه، وهذا أمر حسن، لكن التأصيل لمسألة الخدمة هذه تفوح منها رائحة المصلحة الشخصية، وإذلال العباد.
الشيخ يحيي ويميت
اعترف السرهندي أن مريدي الطريقة يقولون «الشيخ يحيي ويميت، وأن الإحياء والإماتة من لوازم مقام المشيخة» [الطريقة النقشبندية للدمشقية ص27]
الطاعة المطلقة للشيخ
يحكون عن المؤسس، قال لنجم الدين دَادَرُك: «أتمتثل كل ما آمرك به؟ قال: نعم. قال: فإن أمرتك بالسرقة تفعلها؟ قال: لا، لأن حقوق الله تكفّرها التوبة([3]) وهذه من حقوق العباد. فقال: إن لم تمتثل أمرنا فلا تصحبنا. ففزع نجم الدين فزعاً شديداً وضاقت عليه الأرض بما رحبت وأظهر التوبة والندم وعزم على أن لا يعصي له أمرًا» [الحدائق 196] وحكوا شيئًا من الخرافات أنه إذا أمر بالسرقة فذلك خير، كما في قصة موسى والخضر لما خرقا السفينة. وهذا باطل فالخضر فعل ذلك بوحي من الله عالم الغيب والشهادة ومالك الملك، وموسى أطاعه بوحي فكانت الطاعة لله. ولا يجوز أن يطاع أحد في معصية الله.
تقديس الشيخ
يخرج النقشبنديون عن حد أدب التلميذ مع شيخه إلى درجة التقديس.
قال محمد أمين: «يوقر المريد شيخه ويعظمه ظاهرا وباطنا ولا يعترض عليه فيما فعله ولو كان ظاهره حراما، ولا يؤول ما خفي عليه بل يسلم له ولا يقول: لمَ فعلتَ كذا لان من قال لشيخه “لِمَ” يفلح أبدا» [الهداية ص13]
وقال: «وأن يجزم أنه لا يحصل مطلوبه إلا على يد شيخه» وقال: «أن يكون راضيا بتصرف الشيخ في أموره منقادا له مسلما لأوامره مبادرا لامتثاله بلا إهمال ولا تأويل» وقال: «ان يحفظ شيخه في غيبته كفظه في حضوره وأن يلاحظه بقلبه في جميع أموره سفرا وحضرا ليحوز بركته» وقال: «أن يرى كل بركة حصلت له من بركات الدنيا والآخرة ببركته» وقال: «أن يقدم محبته على محية غيره» إلى قوله: «متى حصلت له محبة الشيخ حصلت له محبة الله لأنه الواسطة» وقال: «أن لا يعاشر من كان يكره شيخه، ويحب من يحب شيخه» وقال: «وأن لا يسافر ولا يتزوج ولا يفعل فعلا من الأمور المهمة إلا بإذنه» [الهداية ص13] وهذا في الواقع يفوق تعامل الصحابة مع رسول الله ﷺ.
ومن تقديسهم لشيوخهم أنهم لا يمدون أرجلهم لجهة فيها الشيخ، وليس المقصود في حضرته، بل حتى لو كنت في بيتك وتعرف أين الشيخ، فلا تمد رجلك، وحكوا عن إنسان خالف هذا الأمر فمد رجله إلى جهة مدينة قصر العرفان التي يسكنها المؤسس فلدغته حية أو عقرب. [الحدائق ص179] ولا ندري هذا العقرب لماذا لا يلدغ من يمد رجله تجاه المدينة أو مكة.
أولياؤهم يعلمون ما في القلوب
قال نظام الدين خاموش: «احفظوا الخواطر من الألواث فإن أولياء الله جواسيس الخواطر يعلمون ما خطر لكم والله تعالى منهم أعلم» [الحدائق ص210] ولا شك أن هذا لم يثبت لأكمل الخلق بعد الأنبياء، أعني الصحابة رضي الله عنهم، حتى أن النبي ﷺ قال لأسامة بن زيد «أشققت عن قلبه» استبعادًا لأمر الاطِّلاع على القلوب.
أولياءهم يميتون ويُحيون الموتى
سئل المؤسس: «الى أي مدى تنتهي العبودية؟» فقال: «تنتهي الى درجة إذا قال صاحبها لأحد مُتْ؛ مات في الحال» وأمات هذا السائل ثم أحياه [الحدائق ص193]
خاتمة
إن أهل السنة يؤمنون بكرامات الصالحين، ولكن الذي يأمر الناس بطاعته في السرقة، ويزعم أنه يحيي ويميت، وأنه يفنى في الله فناء ذات، فهذا ما هو إلا دجال من الدجاجلة، فإن وقعت منه أمور تخالف سنن الله الكونية فإنها من جنس ما يقع للدجال، لا من جنس ما يقع للصالحين.
وإن أهل السنَّة يوقرون شيوخهم لا إلى درجة التقديس حتى لا يمدون أرجلهم إلى جهة فيها مدينة يجلس فيها الشيخ.
إن خرافات هذه الطريقة، وبدعها الواضحة في العقيدة والعبادة، وكذبها في الإسناد لأدلة واضحة على وجوب الحذر منها.
وأختم بقاعدة عندهم: «لا يكون الصديق صديقا حتى يشهد عليه سبعون صِدّيقا بأنه زنديق» [الرحمة الهابطة في ذكر اسم الذات وتحقيق الرابطة ص45] وأنا تبعًا للسبعين صديقًا أشهد عليكم بأنكم زنادقة.
- الحدائق الوردية في حقائق أجلاء النقشبندية. لعبد المجيد بن محمد الخاني.
- رشحات عين الحياة. للواعظ الهروي.
- الهداية الخيرية في الطريقة النقشبندية. لمحمد أمين الكردي.
- الطريقة النقشبندية للشيخ عبد الرحمن دمشقية
([2]) قال إبراهيم الحربي: قَوْلُهُ: «خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ» ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الذِّكْرَ: الدُّعَاءُ، وَقَالُوا: خَيْرُهُ مَا أَخْفَاهُ الرَّجُلُ ، وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ الشُّهْرَةُ ، وَانْتِشَارُ خَبَرِ الرَّجُلِ. [غريب الحديث – إبراهيم الحربي (2/ 845)]
قال ابن حبان: «ذكر البيان بأن ذكر العبد ربه جل وعلا بينه وبين نفسه أفضل من ذكره بحيث يسمع صوته.». [صحيح ابن حبان: التقاسيم والأنواع (1/ 345)]
قال ابن تيمية: «وأكمل الذكر بالقلب واللسان، ثم بالقلب، ثم باللسان». [المستدرك على مجموع الفتاوى (3/ 99)]
([3]) وكأنه راض بمعصية الله تبعا لأمر الشيخ.