هل أهل السنة أشعرية وماتريدية وحنابلة

هل أهل السنة أشعرية وماتريدية وأهل الحديث

ظهر هناك من يقول بأن أهل السنة ثلاثة، أشاعرة وماتريدية وأهل الحديث، وبعضهم يقول بدلا من أهل الحديث (الحنابلة)
فما حقيقة هذا القول؟

هذا الثالوث الذي يروجه المميعة منتقض بالكتاب والسنة والعقل والأدلة التاريخة ونصوص العلماء، ولكن سأحاول الاختصار لتسهيل وصول المعلومة للمتلقي. وسأذكر ثلاثة وجوه فقط للرج

الوجه الأول:

سأبدأ بكلمة لابن تيمية تمثل تحديًا لم يستطع أحد أن يرده عليه لأكثر من سبعمئة سنة. فلما حاكمه الأشعرية والماتريدية بسبب تأليفه كتاب العقيدة الواسطية، قالوا له: «أنت صنفت اعتقاد الإمام أحمد فتقول هذا اعتقاد أحمد» فأجابهم: «ما جمعت إلا عقيدة السلف الصالح جميعهم ليس للإمام أحمد اختصاص بهذا، … وهذه عقيدة محمد ص. وقلت مرات: قد أمهلت كل من خالفني في شيء منها ثلاث سنين فإن جاء ‌بحرف ‌واحد عن أحد من القرون الثلاثة … يخالف ما ذكرته فأنا أرجع عن ذلك». [مجموع الفتاوى (3/ 169)]
مر أكثر من سبعمئة سنة ولم يأتي أهل سنة صاحب الثالوث بحرف واحد من السلف يؤيد عقيدتهم على عقيدتنا. فسؤالي لصاحب الثالوث: كيف يكون هؤلاء الذين لم يستطيعوا الإتيان بحرف واحد عن السلف يؤيد معتقدهم أن يكونوا من أهل السنة؟ وأي سنة هذه التي كانت غائبة عن الصحابة وتلاميذ الصحابة وتلاميذ تلاميذ الصحابة؟ ثم تأتي بها الأشعرية والماتريدية وتصير سنة؟
ما هي والله إلا سنة إبليس.

الوجه الثاني:

دعونا نمهلهم ثلاث سنين ليجيبونا عن المعيار الذي على أساسه صنفوا هؤلاء الثلاثة أهل سنة. ما هي القاعدة التي اعتمدتموها في هذا التصنيف؟
وهل أدخلتم في أهل الحديث السلفية الجهادية والمدخلية والحدادية والسرورية أم لا؟
وهل أدخلتم في الأشعرية الكوثرية والأحباش أم لا؟
وهل أدخلتم في الماتريدية الديوبندية والبريلوية أم لا؟

في الثالوث هذا جعلوا أهل السنة أشعرية وماتريدية وحنابلة، بالتالي أخرجوا الخوارج والنواصب، والجهمية، والسالمية من أهل السنة. وذلك بعد معرفتنا بأنه لا جواب عندهم عن سؤالنا السابق.
فإذا سألناهم عن الفرق التي أخرجوها، لماذا أخرجوها، فلا يكادون أن يأتوا ببدعة لفرقة من الفرق، إلا وعند الأشعرية ما هو شر منها أو مثلها.
فنسألهم عن الخوارج، فإن قالوا: (أخرجنا الخوارج لأنهم يكفرون مرتكب الكبيرة) قلنا لهم: فأهل سنتكم شر منهم فإنهم يكفرون فاعل الطاعة، فقد كفرونا بأننا نقول بأن الله فوق عرشه، وكفرونا لإثباتنا صفاته. فمن كفر الذي يطيع الله شر بألف مرة ممن يكفر من يعصي.
ونسألهم عن الجهمية، فإن قالوا: (إن الجهمية قالوا بأن الله في كل مكان، وهذا يلزم منه كذا وكذا) قلنا، فإنهم على الأقل أثبتوا إلها، فماذا أثبت أهل سنتكم حينما قالوا إنه لا داخل العالم ولا خارجه؟ لم يثبتوا إلا العدم، وقد نقل البخاري في خلق أفعال العباد عن الحسن بن موسى الأشيب: «الجهمي إذا ‌غلا، قال ليس ثم شيء وأشار الأشيب إلى السماء». [(ص37)] فبين أن نفي أن يكون الله في علوه هو ليس قول الجهمية، بل قول غلاتهم. وهذا عكس ما يقال عند عامة الناس من أن هذا أخف من قول الجهمية
فنسألهم عن النواصب، فإن قالوا: (ناصبوا أهل بيت النبي ص العداء) فلنا لهم: هذه بدعة كبيرة، فماذا تقولون في الأشعرية الذين أحبوهم ولكن دعوهم من دون الله، فيقولون (مدد يا مولانا الحسين)
ونسألهم عن السالمين، فإن قالوا: (إنهم قالوا إن حرف القرآن غير متعاقبة) قلنا: أهل سنتكم قالوا إن القرآن الحقيقي ليس فيه حروف أصلا، أما الذي فيه حروف فهو الدال، وهو مخلوق يقال له مجازا: القرآن.

الوجه الثالث:

قال الغزالي في فيصل التفرقة ط دار البيروتي (ص26): «فالحنبلي يكفر الأشعري زاعماً أنه كذب الرسول في إثبات الفوق لله تعالى، وفي الاستواء على العرش، والأشعري يكفره زاعماً أنه مشبه»
فكيف اجتمع في عقل صاحب الثالوث أن فرقتين يكفر بعضها بعضًا كلاهما من أهل السنة؟
وإن كنت لا تصدق الغزالي، فسأنقل لك مثالا لأئمة معتمدين عندهم:

قال الشيرازي الأشعري أبو إسحاق:
“فمن اعتقد غير ما أشرنا اليه من اعتقاد أهل الحق المنتسبين الى الإمام أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه فهوكافر. ومن نسب اليهم غير ذلك فقد كفرهم فيكون كافرأ بتكفيره لهم”
فهذا تكفيره لنا وللماتريدية

وقال قال أبو معين النسفي الماتريدي الحنفي (ت508 هـ) “والله تعالى نفى المماثلة بين ذاته وبين غيره من الأشياء، فيكون القول باثبات المكان له ردا لهذا النص المحكم- أي قوله تعالى ﴿ليس كمثله شيء﴾ – الذي لا احتمال فيه لوجهٍ ما سوى ظاهره، ورادُّ النص كافر، عصمنا الله عن ذلك” [تبصرة الادلة (1/169)]
فهذا تكفيره لنا، وأما تكفيرهم للأشعرية

فقال ابن مارة الماتريدي الحنفي: وذكر الشيخ الإمام أبو حفص السفكردري رحمه الله في فوائده أنه لا ينبغي للرجل الحنفي أن يزوج ابنته من شفعوي المذهب، وعن بعض مشايخنا أنه يجوز لنا أن نتزوج بناتهم، ولا يجوز لنا أن نزوج بناتنا منهم. وعن الشيخ الإمام الجليل أبي بكر محمد بن الفضل أن من قال: أنا ‌مؤمن ‌إن ‌شاء ‌الله إنه يكفر في الحال، فعلى هذا القياس لا يجوز المناكحة بيننا وبينهم أصلاً.. [المحيط البرهاني (3/ 171)]
وقوله حنفي يعني ماتريدية، وقوله شفعوي يقصد أشعري، وهذا اصطلاح معروف.

وأما تكفير أهل الأثر لهما، فقد نقل أبو عبد الله الحاكم (صاحب المستدرك) عن ابن خزيمة بإسناد صحيح «‌لم ‌يقر ‌بأن ‌الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته، فهو كافر بربه يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه، وألقي على بعض المزابل حيث لا يتأذى المسلمون، والمعاهدون بنتن ريح جيفته، وكان ماله فيئا لا يرثه أحد من المسلمين، إذ المسلم لا يرث الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم». [معرفة علوم الحديث للحاكم (ص84)]
ونقل هذا الكلام الجوزقاني في الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير (1/ 212)، وابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص185)] والذهبي في العلو (ص207)] وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص293) ولم ينكر ذلك أحد منهم

فإن قال قائل: هذا تكفير مطلق، وإنهم قد يعذرون أفرادا، فليست هذه مسألتنا، إنما نحن نتكلم عن التباين بين هذه الملل التي جعلتها في ثالوث وقلت إنها كلها من أهل السنة، فأي سنة هذه التي تتكلمون عنها؟ قال تعالى {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} فلا شك ولا ريب أن سنتكم المثلة هذه ليست سنة الهدى النبوية، إنما سنة الجناعات الحزبية التي تتحزب على السياسة الديمقراطية وتجعل العقيدة وراءها ظهريا.

ونختم بتحد، فإن كان ابن تيمية أعطى خصومه ثلاث سنين، فمرت سبعمئة سنة فلم يجيبوه، فنحن نمنحكم عشر سنين أن تأتونا بعالم واحد من الصحابة أو التابعين، أو تابعيهم، أو تبع الأتباع قال عن شخص منكر للصفات، بعد علمه بإنكاره للصفات بأنه سني، فضلا عن أن يقول عنه إمام وما شابه مما توسعتم به، أو عالم منهم قال إن أهل السنة أكثر من فرقة، فإن أتيتمونا به؛ راجعنا قولنا، وإن لم تأتونا به؛ فاعلموا أنكم مفتتحو بابَ ضلالة على الأمة.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون
وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين

التسجيل في الجريدة الإلكترونية

عند التسجيل ستصلك مقالات الشيخ الجديدة, كل مقال جديد يكتبه الشيخ سيصلك على الإيميل

(Visited 17 times, 2 visits today)
هل أهل السنة أشعرية وماتريدية وحنابلة
تمرير للأعلى