بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
المخالفون لهم أنواع
أولا: باعتبار مخالفتهم
1- مخالفة كفرية: أي تصل مخالفته إلى الكفر أو الشرك. مثال: دعاء الموتى، إنكار السنة، خلق القرآن، إنكار العلو.
2- مخالفة بدعية: ولها نوعان
—–أ- الابتداع العقدي: كإنكار الحد، ولفظ المكان، وأثر مجاهد.
—-ب- الابتداع الفقهي: كاختراع أوراد.
3- مخالفة فقهية: ولها نوعان
—–أ- مخالفة شاذة: أي تخالف ما حسمه النص، أو الإجماع. كالقول بعدم وقوع طلاق الحائض.
—-ب- مخالفة اجتهادية: أي مخالفته في مسألة لا يحسمها نص أو إجماع. كحكم النقاب.
ثانيًا: باعتبار المخالف
1- يتبنى هذا المخالفة، ويسعى في نشرها، والخصام لأجلها.
2- يتبنى هذه المخالفة ولا يسعى لنشرها ولا يخاصِم عليها. وهذا على ضربين
—–أ- يتبناها بناء على أصول فاسدة
—-ب- يتبناها بناء على خطأ وقع فيه.
منهج الرد عليهم
فإذا فهمنا هذه الأنواع نعرف كيفية التعامل مع المخالف.
فأمَّا الشرك فلا هوادة فيه. وأمَّا ما سِواه: فليس المخالف المتبني للمخالفة على سبيل الخطأ كمن يتبناها على أصول فاسدة، وليس هذا الأخير كمن يتبناها ويخاصم عليها.
أولا المخطئ:
المخطئ يُحذَّرُ مِن خطئه دون ذكره، ويوصل له النصح الخاص. «عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة”». [سنن ابن ماجه (ص546 ت هادي)]
قيل لابن المبارك: إن فلانا فسر كذا وكذا مما وافق أهل البدع «فقال ابن المبارك: جهل الشيخ معنى الآية» ثم قال: «لا تفشوا هذا، عن الشيخ تدعيه الجهمية ورآه منه غلطا». [مسند إسحاق بن راهويه (3/ 674)]
وفي هذا من الخير أمور:
1- ترك مجال له أن يتراجع، فأمَّا إن تُكُلِّم فيه فإنَّ مهاجمته قد يستغلها الشيطان لتثبيته على المخالفة، وإحراجع من الرجوع.
2- عدم تحويله إلى مخاصم داع إلى مخالفته، وهذا مما قد يضلخ ويضل من يسمع له.
إلا إذا اتُخِذَ قُدوة في هذه المخالفة، فلا بأس أن يُسمَّى. وتكون حدة الكلام فيه بحسب حاله العامة وشدة المخالفة نفسها.
ثانيا الداعية:
وأمَّا من كان داعية إلى مخالفته، مخاصما عليها، فإنَّه يسمى ، وتكون الشدة معه واللين بحسب درجة مخالفته.
قال عبد اللَّه: قلت لأبي [أحمد بن حنبل]: ما تقول في أصحاب الحديث، يأتون الشيخ لعله يكون مرجئًا، أو شيعيًّا، أو فيه شيء من خلاف السنة، أينبغي أن أسكت فلا أحذر عنه، أم أحذر عنه؟ قال: إن كان يدعو إلى بدعة، وهو إمام فيها ويدعو إليها، قال: نعم تحذر عنه. [مسائل عبد اللَّه (1591)]
قال ابن قدامة: «وَابْن عقيل [يريد قبل توبته] من أهل الْكَلَام وَهُوَ فِي هَذِه الْحَالة ينصر مَذْهَبهم فَلذَلِك تكلمنا عَلَيْهِ وَذكرنَا عيوبه لدُخُوله فِي جُمْلَتهمْ ودعايته إِلَى طريقهم». [تحريم النظر في كتب الكلام (ص42)]
أما الأخطاء العابرة
فإن ما كان من قبيل الخطأ العابر، وزلة اللسان، والخطأ في قراءة نص، أو وهم، فإن التعليق عليها لا يكون إلا عابرًا، وأما أسلوب الذين يتخذونها سيرة ويتقممونها من كلام المؤمنين لإشاعتها والتهويل فيها، فهذا كما قال ابن القيم: «ومن النَّاس من طبعه طبع خنزيرٍ يمرُّ بالطّيِّبات فلا يلوي عليها، فإذا قام الإنسان عن رَجِيعه قَمَّه، وهكذا كثيرٌ من النَّاس، يسمع منك ويرى من المحاسن أضعافَ أضعافِ المساوئ فلا يتحفَّظها ولا ينقلها ولا تناسبه، فإذا رأى سقطةً أو كلمةً عوراءَ وجد بُغيته وما يُناسبه فجعلها فاكهته ونُقْلَه.». [مدارج السالكين (2/ 9 ط عطاءات العلم)]
والله ولي التوفيق