مناقب وفضائل معاوية رضي الله عنه

مقدمة

عن أبي بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد الله -يعني أحمد بن حنبل-: ‌أيهما ‌أفضل: ‌معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: معاوية أفضل، لسنا نقيس بأصحاب رسول الله ﷺ أحدًا. قال النبي ﷺ: «خير الناس قرني الذين بعثت فيهم» [رواه الخلال (660)]

 

وكثير من المسلمين قد لا يعرفون الكثير عن هذا الصحابي، وجهلهم بفضله قد يجعلهم عرضة لشبهات الرافضة والإباضية والمشاققين والأحباش، فسنتعرف عليه بإذن الله من خلال الروايات الصحيحة.

 

لا أشبع الله بطنه!

وقبل ذلك سأرد على الذين يؤذون معاوية  مستغلين لذلك حديث رسول الله ﷺ: «لا أشبع الله بطنه»

فهل هذا تكفير له؟ هل هو ذم لدينه؟ هل هو تهمة بالنفاق؟ هل هو طعن في أمانته؟ سبحان الله أنى يفترون!

إنما قيل لرسول الله   ﷺ «يأكل» فقال «لا أشبع الله بطنه»

وهذا كقوله: «‌ثكلتك ‌أمك يا معاذ، وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم» ومعنى «ثكلتك» أي فقدتك، وهذه الصيغة دعاء عليه، لكن ليست يراد بها حقيقتها.

وقال لجارية «لا كبر سنك» فبكت، فقال لحاضنتها: «أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ شَرْطِي عَلَى رَبِّي أَنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ، وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ، فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا، وَزَكَاةً، وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [مسلم (95-2603)]

وقال لعائشة: «ائْذَنِي لَهُ، فَإِنَّهُ عَمُّكِ ‌تَرِبَتْ ‌يَمِينُكِ» [البخاري (4796)] و«تربت يمينك» دعاء بالفقر، ولكنه لم يرد حقيقته.

وقال لصفية: « عَقْرَى حلقى» [البخاري (6157)] وهو دعاء عليها، ولم يرد حقيقته.

وقال لأحد الصحابة لمَّا لم يركب الناقة «اركبها، ويلك» [البخاري (6159)]

فهذا الدعاء على معاوية من هذا القبيل.

 

ولو أنصفوا لذكروا ما لمعاوية  من فضل

قال الإمام حرب بن إسماعيل: «ومن السنة الواضحة البينة الثابتة المعروفة ‌ذكر ‌محاسن ‌أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كلهم أجمعين، والكف عن ذكر مساوئهم والذي شجر بينهم» [السنة]

 

1)        أخلاقه في الخصومة

كانت بينه وبين علي  خصومة معروفة، «جاء أبو مسلم الخولاني وأناس معه إلى معاوية فقالوا له أنت تنازع عليا أم أنت مثله؟ فقال معاوية: لا والله إني لأعلم أن عليا أفضل مني وأنه لأحق بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما وأنا ابن عمه وإنما أطلب بدم عثمان فائتوه فقولوا له ‌فليدفع ‌إلي ‌قتلة ‌عثمان وأسلم له فأتوا عليا فكلموه بذلك فلم يدفعهم إليه» [ تاريخ دمشق لابن عساكر (59/ 132) قال محققو سير الذهبي: رجاله ثقات ]

وروى الإمام أحمد في فضائل الصحابة (1153) بإسناده عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ: ‌سَلْ ‌عَنْهَا ‌عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، جَوَابُكَ فِيهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَوَابِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، وَلُؤْمَ مَا جِئْتَ بِهِ، لَقَدْ كَرِهْتَ رَجُلًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَغُرُّهُ الْعِلْمَ غَرًّا، وَلَقَدْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» وَكَانَ عُمَرُ إِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَأْخُذُ مِنْهُ، وَلَقَدْ شَهِدْتُ عُمَرَ وَقَدْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَقَالَ: هَا هُنَا عَلِيٌّ.

عن مغيرة قال: «لما جيء معاوية بنعي عليّ بن أبي طالب I؛ قال: إنا للَّه وإنا إليه راجعون، ‌ماذا ‌فقدوا ‌من ‌العلم والخير، والفضل والفقه. قالت امرأته: بالأمس تطعن في عينيه، وتسترجع اليوم عليه! قال: ويلك، لا تدرين ما فقدنا من علمه وفضله وسوابقه [ رواه ابن أبي الدنيا في كتابه مقتل علي (106) ]

 

2)      حبه للصُّلح، وخوفه من إراقة دماء المسلمين

عن الحسن البصري يقول: استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص: إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها. فقال له معاوية: أي عمرو إن قتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس من لي بنسائهم من لي بضيعتهم. فبعث إليه رجلين، فقال: اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له، واطلبا إليه. فأتياه فتكلما. فصالحه.

فقال الحسن البصري: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله ﷺ على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى ويقول: «إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» [رواه البخاري (2704)]

 

3)     كان كاتب النبي ﷺ

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه؛ فقال للنبي ﷺ: يا نبي الله ثلاث أعطنيهن. قال: «نعم» قال: عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها. قال: «نعم» قال: ومعاوية تجعله كاتبًا بين يديك. قال: «نعم» قال: وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين. قال: «نعم» [أخرجه مسلم (2501)]

فهذا يظهر منه أن النبي ﷺ أراد بهذا أن يكون لأبي سفيان  وابنه معاوية فضيلة بين المسلمين.

 

4)       هو داخل في  جملة خيرة عباد الله تعالى:

عن عبد الله بن حوالة رضي الله عنـه قال: قال رسول الله ﷺ: «سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنودًا مجندة جند بالشام وجند باليمن وجند بالعراق». قال ابن حوالة: خر لي يا رسول الله إن أدركت ذلك. فقال: «عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه يجتبي إليها خيرته من عباده، فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم واسقوا من غدركم فإن الله توكل لي بالشام وأهله». [رواه أبو داود (2485) وغيره، وصححه الألباني].

ومعاوية أمير الشام، وقد مات عبد الله بن حوالة في الشام في خلافة معاوية عام 58.

 

5)       نال فضيلة تقصير شعر النبي ﷺ في الحج:

عن معاوية رضي الله عنه قال: قصرت عن رسول الله ﷺ بمشقص. [رواه البخاري (1730) ومسلم (1246)].

 

6)      أثنى عليه حبر الأمة ابن عباس في فقهه.

قال ابن أبي مُلَيكة: قيل لابن عباس: هل لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة. قال: «أصاب، إنه فقيه» [أخرجه البخاري (3765)]

 

7)     أثنى عليه ابن عمر

عن ابن عمر أنه قال: «ما رأيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ‌أسود ‌من ‌معاوية» فقيل: ولا ‌أبوك؟ قال: «أبي عمر رحمه الله خير من معاوية، وكان معاوية أسود منه» [رواه الخلال (680) بإسناد صحيح]

أسْوَد: أكثر سيادة.

 

8)     سرعة امتثاله لأمر النبي ﷺ وحرصُه على مصالح الرعية

عن أبي مريم الأزدي I قال: دخلت على معاوية فقال: ما أنعمنا بك أبا فلان. (قال: وهي كلمة تقولها العرب [أي ما الذي كان سبب النعمة علينا بأن زُرتنا]) فقلت: حديثًا سمعته أخبرك به، سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من ولاه الله عزَّ وجلَّ شيئًا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره» قال: فجعل ‌معاوية رجلًا على حوائج الناس. [أي لينظر فيها ويقضيها لهم] [رواه أبو داود (2950) الترمذي (1332) وغيرهما، وصححه الألباني]

عن مجاهد عن ابن عباس: أنه طاف مع معاوية بالبيت، فجعل معاوية يستلم الأركان كلها، فقال له ابن عباس: لم تستلم هذين الركنين ولم يكن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يستلمهما؟ فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجورا، فقال ابن عباس: ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة ‌حسنة﴾ ‌فقال ‌معاوية: ‌صدقت [رواه أحمد (1877) وصححه المحققون]

 

9)      غيرة معاوية  على نساء المسلمين، وإنكاره المنكر

عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان -عام حج- على المنبر، فتناول قصة من شعر، فقال: يا أهل المدينة أين علماؤكم؟ سمعت النبي ﷺ ينهى عن مثل هذه ويقول: «إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذها نساؤهم» [رواه البخاري (3468) ومسلم (2127)].

وفي رواية أخرى عن سعيد بن المسيب قال: قدم معاوية بن أبي سفيان المدينة آخر قدمة قدمها، فخطبنا، فأخرج كبة من شعر فقال: ما كنت أرى أن أحدًا يفعل هذا غير اليهود، وإن النبي ﷺ سماه الزور -يعني الوصال في الشعر-. [مثل ما يعرف بالباروكة] [رواه البخاري (3488)]

 

10)    قبوله إنكار الرعية عليه، وثنائه على من أنكر

عن أبي قبيل قال: خطبنا معاوية في يوم جمعة فقال: إنما المال مالنا والفيء فيئنا، من شئنا أعطينا ومن شئنا منعنا، فلم يرد عليه أحد، فلما كانت الجمعة الثانية قال مثل مقالته، فلم يرد عليه أحد، فلما كانت الجمعة الثالثة قال مثل مقالته فقام إليه رجل ممن شهد المسجد فقال: كلا؛ بل المال مالنا والفيء فيئنا، من حال بيننا وبينه حاكمناه بأسيافنا، فلما صلى أمر بالرجل فأدخل عليه فأجلسه معه على السرير، ثم أذن للناس فدخلوا عليه، ثم قال: أيها الناس إني تكلمت في أول جمعة فلم يرد علي أحد، وفي الثانية فلم يرد علي أحد، فلما كانت الثالثة أحياني هذا أحياه الله؛ سمعت رسول الله ﷺ يقول: «سيأتي قوم يتكلمون فلا يرد عليهم؛ يتقاحمون في النار تقاحم القردة». فخشيت أن يجعلني الله منهم، فلما رد هذا علي أحياني أحياه الله، ورجوت أن لا يجعلني الله منهم.

[رواه أبو يعلى (7382) وقال المحقق حسين سليم أسد: إسناده صحيح]

 

11)    رجوع معاوية إلى كبار الصحابة وعدم استبداده بالرأي

عن زيد بن وهب قال: مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذر رضي الله عنـه، فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشأم فاختلفت أنا ومعاوية في ﴿الَّذِينَ ‌يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ قال معاوية: نزلت في أهل الكتاب. فقلت: نزلت فينا وفيهم، فكان بيني وبينه في ذاك، وكتب إلى عثمان رضي الله عنـه يشكوني، فكتب إلي عثمان أن اقدم المدينة، فقدمتها، فكثر علي الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذاك لعثمان، فقال لي: إن شئت تنحيت فكنت قريبًا. فذاك الذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمروا علي حبشيًّا لسمعت وأطعت. [رواه البخاري (1406)].

والمقصود أنه لما اختلف مع أبي ذر ما أرغمه على السكوت مع أنه كان أميرًا عليه، بل أرجع الأمر إلى عثمان 

 

12)   وصله لأمهات المؤمنين

كتب معاوية إلى عائشة أم المؤمنين أن ‌اكتبي ‌إلي ‌كتابا ‌توصيني فيه، ولا تكثري علي، فكتبت عائشة إلى معاوية: سلام عليك. أما بعد: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس، والسلام عليك» [رواه الترمذي (2414) وصححه الألباني]

وعن عروة : «أن معاوية بن أبي سفيان بعث إلى عائشة رضي الله عنها بمائة ألف» [رواه الحاكم (6745) وصححه الذهبي في “السير” (2/186)]

 

13)  حثه على مجالس الذكر اقتداء بالنبي ﷺ:

عن أبي سعيد الخدري قال: خرج معاوية على حلقة في المسجد فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله، قال: آلله [أي أسألكم بالله] ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، وإن رسول الله ﷺ خرج على حلقة من أصحابه فقال: «ما أجلسكم؟» قالوا: جلسنا نذكر الله، ونحمده على ما هدانا للإسلام، قال: «آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟» قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: «أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله عزَّ وجلَّ يباهي بكم الملائكة». [رواه مسلم (2701)].

 

14)   أمر معاوية رضي الله عنـه بالمعروف وحرصه على السنة:

عن عمر بن عطاء أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب يسأله عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة فقال: نعم، صليت معه الجمعة فلما سلم الإمام قمت في مقامي فصليت، فلما دخل أرسل إلي فقال: لا تعد لما فعلت إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج فإن رسول الله ﷺ أمرنا بذلك أن لا توصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج. [رواه مسلم (883)].

وقال مرة: «إنكم لتصلون صلاة لقد صحبنا رسول الله ﷺ فما رأيناه يصليها، ولقد نهى عنهما» يعني: الركعتين بعد العصر [ ‌صحيح البخاري (587) ]

وعن حميد بن عبد الرحمن -أيضًا- أنه سمع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما يوم عاشوراء -عام حج- على المنبر يقول: يا أهل المدينة أين علماؤكم؟!! سمعت رسول الله ﷺ يقول: «هذا يوم عاشوراء ولم يكتب عليكم صيامه وأنا صائم فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر». [رواه البخاري (2003) ومسلم (1129)].

فكان رضي الله عنه يعتني بهذه الأمور الفقهية ويعلمها الناس.

 

15)   عدم حمله الغل والحقد على من أساء إليه

وائل بن حُجر وكَانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ، فجاء عنه أن رسول الله ﷺ أعطاه أرضًا، فأرسل معه معاوية ليدله عليها. قال: فقال لي معاوية: أردفني خلفك [أي اتركني أركب على الناقة خلفك]. فقال لمعاوية: من أنت حتى تركب خلف الملوك. قال: فقال معاوية: أعطني نعلك ألبسها. فقال له: انتعل ظل الناقة [يعني: يكفيك أن تمش في ظل الناقة]. قال وائل بن حجر: فلما استُخلف معاوية أتيته، فأقعدني معه على العرش، فذكرني الحديث. فقلت في نفسي: لَيْتَنِي كُنْتُ حَمَلْتُهُ بَيْنَ يَدَيَّ. [رواه أحمد (27239) وغيره وحسنه المحققون، ورواه ابن حبان في صحيحه].

 

16)   سخاؤه

بعث مروان ابنه عبد الملك إلى معاوية فدخل عليه فقال: إن لنا مالا إلى جنب مالك بموضع كذا وكذا من الحجاز، لا يصلح مالنا إلا بمالك ومالك إلا بمالنا، فإما تركت لنا مالك فأصلحنا به مالنا، وإما تركنا لك مالنا فأصلحت به مالك، فقال له: يا ابن مروان، إني لا أخدع عن القليل، ولا يتعاظمني ترك الكثير، وقد تركت لكم مالنا فأصلحوا به مالكم [رواه ابن أبي الدنيا بإسناد حسن]

 

17)  البشرى النبوية له

في حديث ‌أم حرام : أنها سمعت النبي ﷺ يقول: «‌أول ‌جيش من أمتي يغزون ‌البحر قد أوجبوا» [رواه البخاري 2924]

«قال الفريابي: وكان أول من غزاه ‌معاوية في زمن عثمان بن عفان رحمة الله عليهما». [الشريعة للآجري (5/ 2441)]

وعن رسول الله ﷺ قال: «اللهم ‌علم ‌معاوية ‌الكتاب والحساب وقه العذاب» [أخرجه ابن خزيمة (1938) وابن حبان (3544) في صحيحيهما وفيه الحارث بن زياد ليس له توثيق وهو على قواعدهما يصح]

وعنه ﷺ أنه قال لمعاوية: «اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به» [رواه الترمذي (3842) وابن حبان في صحيحه (3535) وصححه الألباني]

 

18)  عفوه وأدبه وعدم استغلاله سلطته:

كان المسور بن مَخرمة قد تكلم في معاوية، فدخل المسور يوما على معاوية، فقال له معاوية: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَنْتَقِصُنِي، فَمَاذَا نَقِمْتَ فِيهِ عَلَيَّ؟ هَلْ تَعْلَمُ أَنِّي أُقَاتِلُ عَدُوَّ الْمُسْلِمِينَ وَأَجْبِي فَيْئَهُمْ وَأُعْنَى بِأُمُورِهِمْ وَأَصِلُ وَافِدَهُمْ؟ فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: فَنَشَدْتُكَ اللَّهَ أَتُذْنِبُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا جَعَلَكَ أَحَقُّ بِرَجَاءِ الْمَغْفِرَةِ مِنِّي؟ قَالَ: ‌غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ [رواه البلاذري في الأنساب (132) وعبد الرزاق (21794) بسند صحيح]

وزاد عبد الرزاق أن معاوية قال: وإني لعلى دين يقبل الله فيه الحسنات، ويعفو فيه عن السيئات، والله مع ذلك ما كنت لأخيَّر بين الله وغيره، إلا اخترت الله على ما سواه. قال المسور: ففكرت حين قال لي ما قال، فوجدته قد خصمني [أي أقام الحجة علي] فكان إذا ذكره بعد ذلك دعا له بخير.

 

* فرحمه الله ورضي عنه *

التسجيل في الجريدة الإلكترونية

عند التسجيل ستصلك مقالات الشيخ الجديدة, كل مقال جديد يكتبه الشيخ سيصلك على الإيميل

(Visited 6٬913 times, 1 visits today)
مناقب وفضائل معاوية رضي الله عنه
تمرير للأعلى