خطورة ظاهرة “الطلاق الكيوت” وآثارها النفسية والاجتماعية

خطورة ظاهرة “الطلاق الكيوت” وآثارها النفسية والاجتماعية

في عصرنا الحالي، نلاحظ انتشار ظاهرة تُعرف بـ”الطلاق الكيوت” خاصة بين المشاهير، حيث يُقدَّم الطلاق بصورة مُزيَّنة ومُخفَّفة، كأنه مجرد تغيير بسيط في الحياة لا يترك أثرًا يُذكَر. بل قد يعملون فيديوهات مشتركة فيها مزاح ولعب بعد الطلاق.
هذا التوجه يُقلِّل من قيمة الزواج ويُشجِّع على التساهل في اتخاذ قرار الطلاق دون فهمٍ عميق لتبعاته النفسية والاجتماعية.

وهنا أنا لا أنفي وجوب أن يكون الطلاق بطريقة راقية محترمة.
فالطلاق في الإسلام ليس إجراءً يُتَّخَذ بسهولة أو تهاون، بل هو حل أخير بعد استنفاد كل وسائل الإصلاح والتوفيق بين الزوجين. يقول الله تعالى: **”الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَو تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ”** (البقرة: 229)، وهذا يدل على أن الطلاق يجب أن يكون مقرونًا بالمعروف والإحسان، وليس بالصراع والتشهير، والمشاكل.

وبنفس الوقت لا يعطى للطلاق صورة مزخرفة بزيف الباطل.

عندما يقوم المشاهير بإعلان طلاقهم بطريقة مُبتَسِمة ومليئة بالعبارات الوردية، فإنهم يُرسِلون رسالة مُضلِّلة للمجتمع، يُصوِّرون الأمر كأنه مجرد تغيير ملابس، أو طلاء منزل، متجاهلين حقيقة الألم والمعاناة التي قد تَكمُن وراء الكواليس.

أنا كان عندي قطة، ربيتها سنة، وماتت قبل أشهر، حزنت عليها، فكيف بمن ينفصل عن شريكه في الحياة.

هذا التصوُّر الخاطئ للطلاق يُقلِّل من جدية الزواج أصلا ويجعل الطلاق يبدو كخيار سهل يمكن اللجوء إليه في أي وقت. مع أن الزواج سماه الله تعالى {ميثاقًا غليظًا} ففك هذا الميثاق أمر كبير

والطلاق كثيرًا ما يخلف آثارًا على الطرفية.

كالحزن العميق، والشعور بالفشل، والقلق من المستقبل الذي يتغير جذريًا بعد أن كان الإنسان يخطط له مع زوجه.
وإذا كان هناك أطفال فإن المصيبة أعظم وأعظم.

يحكي لي أحد معارفي أنه طلق امرأة بعد مدة زواج قصيرة، ولم يكن بينهم أولاد، وكان يشكو منها، ومن تصرفاتها، وعنادها، ونكدها وقلة مروءتها، وسوء عشرتها ، ومع ذلك لما طلقها صار يتذكر لحظاته الجميلة معها، وشعر بفراغ في حياته، بل صار يراها بها يوميا في المنام لأشهر حتى التجأ إلى الله ففك عنه هذا وأنساه إياها.

أنت إذا خسرت صديقًا ، كم ستحزن عليه؟ فما بالك بشخص كنت تخطط للعيش معه مدى الحياة، يشاركك الأفراح والأحزان، ويبني معك مستقبلًا مشتركًا.

تهوين أمر الطلاق يؤدي إلى تفكك الأسر، وهذا ينعكس سلبًا على تماسك المجتمع. إذا الأسرة هي اللبنة الأساسية في بناءه.
جاء في الحديث النبوي: ” ما بال أقوام يلعبون بحدود الله، يقول أحدهم: قد طلقتك، قد راجعتك، قد طلقتك ”
قال ابن تيمية: «والطلاق في الأصل مما يبغضه الله وهو ‌أبغض ‌الحلال إلى الله وإنما أباح منه ما يحتاج إليه الناس كما تباح المحرمات للحاجة». [مجموع الفتاوى (33/ 21)]

 

التسجيل في الجريدة الإلكترونية

عند التسجيل ستصلك مقالات الشيخ الجديدة, كل مقال جديد يكتبه الشيخ سيصلك على الإيميل

(Visited 21 times, 1 visits today)
خطورة ظاهرة “الطلاق الكيوت” وآثارها النفسية والاجتماعية
تمرير للأعلى