الهيكلية البنائية لسورة النازعات
تحليل موضوعي وتوزيع آيات السورة الكريمة
نظرة عامة: أقسام السورة الخمسة
تنقسم سورة النازعات (46 آية) بشكل واضح إلى خمسة أقسام موضوعية رئيسية، يمهد كل قسم منها للتالي. يوضح المخطط الشريطي التالي توزيع عدد آيات كل قسم.
القسم الأول: القسم على البعث
تبدأ السورة بالقَسَم بملائكة نزع الأرواح إثباتاً ليوم البعث، وتصف حال قلوب الكافرين في ذلك اليوم وردهم الساخر.
القسم الثاني: نموذج التكذيب - قصة موسى
تقديم قصة موسى عليه السلام مع فرعون كمثال واضح على عاقبة التكذيب والطغيان، وكيف أن فرعون جُوزي بـ "الآزرة الكبرى".
القسم الثالث: دلائل القدرة في خلق الكون
استعراض لمظاهر قدرة الله وعظمة خلقه في السماء والأرض، من رفع للسماء وبسط للأرض وتفجير للعيون، كبرهان على القدرة على البعث.
القسم الرابع: مشهد الطامة الكبرى والجزاء
تصوير مشهد يوم القيامة (الطامة الكبرى)، وتفصيل الجزاء حسب عمل الإنسان: الجحيم للطاغين والجنة لمن خاف مقام ربه.
القسم الخامس: السؤال عن الساعة والخاتمة
الإجابة على سؤال الكفار عن وقت وقوع الساعة، والتأكيد على أن علمها عند الله وحده، وأنها قريبة جداً في نظر من يراها.
1. القسم الأول: النفختان (الآيات 1-14)
يبدأ القسم بالقسم بالملائكة وحالهم عند النفخة الأولى وما قبلها في قبض الأرواح، ثم ينتقل إلى حالهم في النفخة الثانية ثم توبيخ منكري البعث.
النازعات، الناشطات، السابحات
فالسابقات سبقا (تتسابق في تنفيذ أمر الله)
فالمدبرات أمرا (أمر القيامة)
متى؟ يوم ترجف الراجفة فتتبعها الرادفة
الحال: قيام الناس وجلين وتوبيخهم
خلاصة: هذا القسم ينقسم إلى أمرين:
أولاً: النفخة الأولى وما قبلها
العطف بالواو، وهو يدل على التتابع دون سرعة الحدث:
﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾: تنزع روح الكافر بشدّة.
﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾: تقبض روح المؤمن برفق.
﴿وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا﴾: الملائكة التي تسبح بالأرواح.
وجميعها معطوفة بالواو.
ثانياً: النفخة الثانية
العطف بالفاء، للدلالة على السرعة وتعاقب الأحداث، وفيها جملتان فقط:
﴿فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا﴾: ملائكة تتسابق لتنفيذ أمر القيامة، كقوله تعالى:
﴿يُدَبِّرُ ٱلْأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُۥ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ﴾ثم ذكر النفختين:
﴿يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ • تَتْبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ﴾
عند الرادفة يقوم الناس من القبور، فتضطرب قلوبهم وجلاً:
﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ • أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ﴾
ويأتيهم التوبيخ:
﴿يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ • أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَّخِرَةً﴾
فظنّوا أنها رجعة فيها الخسران عليهم.
والجواب:
﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ • فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾
أي خرجوا إلى ظهر الأرض جميعاً.
ربط (1 بـ 2):
بعد ذكر منكري البعث بشكل عام في القسم الأول، يقدم الله المثال الأبرز على التكذيب (فرعون)، ليبين أن هلاكه في الدنيا هو مقدمة لحسابه في الآخرة.
2. القسم الثاني: موسى وفرعون (الآيات 15-26)
يقدم هذا القسم مثالاً تاريخياً على التكذيب وعاقبته. لاحظ تسلسل الأحداث السريع باستخدام "الفاء"، باستثناء "ثم أدبر" التي تشير للتفكير والتردد.
ربط (2 بـ 3):
فرعون أشد البشر تكبرا، فمهما اشتد البشر ليسوا بأشد من النظام الكوني الأكبر.
3. القسم الثالث: الآيات المحسوسة (الآيات 27-33)
بعد قصة المتكبر (فرعون)، يعرض الله أدلة خلقه العظيمة في الكون، ليثبت أن إعادة الخلق أهون من بدئه. التسلسل يبدأ من الأعلى للأسفل، ثم يرتفع من الأسفل للأعلى.
ربط (3 بـ 4): من فرعون الذي طمه الماء إلى الطامة الكبرى
لما ذُكر فرعون الذي طمه الماء في القسم الثاني، ذُكرت بعد ذلك الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (وهو اسم مستوحى من الماء الذي يطم)، وهي مقدمة لقسم الحساب.
4. القسم الرابع: الحساب والمصير (الآيات 34-41)
لمَّا ذكر فرعون الذي طمَّه الماء ذكر بعد ذلك الطامة الكبرى.
الفريق الأول
(أهل الطغيان)
- العمل:
{مَن طَغَىٰ} - التفضيل:
{وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} - المأوى: { الْجَحِيمَ }
الفريق الثاني
(أهل الخشية)
- العمل:
{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ} - التفضيل:
{وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ} - المأوى: { الْجَنَّةَ }
5. القسم الخامس: متى الساعة؟ (الآيات 42-46)
يختم السورة بالإجابة على سؤال الكفار عن موعد الساعة، بربطها بالمحاور السابقة: (الذكرى، المنتهى، الرؤية، والوقت).
السؤال:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا}
الرد:
{فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا * إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَاهَا}
ذكر الدلالة على ما يهمهم: أنهم سيشعرون بقصر الحياة عند البعث:
{إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}
ربط العبارات
اكتشف الصلات بين الآيات والعبارات المختلفة.
