هل أنكر ابن قتيبة حديث الذراعين والصدر؟

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

تمسك المدجنة وسادتهم الأشعرية بكلام لابن قتيبة ليطعنوا به على سلفنا وأئمتنا وكتب عقيدتنا، وهو:

قال ابن قتيبة:

«والحديث يدخله الشوب والفساد، من وجوه ثلاثة:
منها: الزنادقة واجتيالهم للإسلام، وتهجينه بدس الأحاديث المستشنعة والمستحيلة:
كالأحاديث التي قدمنا ذكرها من عرق الخيل، وعيادة الملائكة، وقفص الذهب على جمل أورق، وزغب الصدر ونور الذراعين، مع أشياء كثيرة، ليست تخفى على أهل الحديث.»

[تأويل مختلف الحديث (ص404)]

والرواية كما قال ابن قتيبة بنفسه: (زغب الصدر ونور الذراعين)، وليس (نور الذراعين والصدر) فيستخدمون طعن ابن قتيبة على حديث الزغب للطعن برواة حديث النور، وهذه من أفعال من طمس الله على قلبه.

حديث الزغب لا إسناد له، وهو معارض للرواية الصحيحة (من نور الذراعين والصدر) والنور غير الزغب، فمن أنكر الأول المنكر؛ ليس كلامه عن المسند.

فهما روايتان، إحداهما مسندة، وهي المعروفة في كتب عقيدتنا، والأخرى لم نقع لها حتى على إسناد.

قال الإمام الدارمي:

«فادعيت أن من تلك المنكرات ما روى أبو أسامة، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو قال: “خلق الله الملائكة من نور الذراعين والصدر.

قلت: وقال بعضهم: من شعر الذراعين، والصدر”».

[نقض الدارمي على المريسي – ت الألمعي (2/ 647)]

فرواية (نور الذراعين والصدر) مسندة، ورواية الزغب أو الشعر ليست مسندة، وقال الدارمي لما أشار لها: (وقال بعضهم)
فكلام ابن قتيبة عنها.

ولو سلمنا جدلا أنه تكلم عن الرواية الصحيحة، فأقصى ما يقال فيه: لم يعلم إسنادها فطعن بها، فلو علم الإسناد لم يتجرأ على أئمته وأئمتنا الثقات العدول كما تجرأ الجهمية والداجنة. ومَن علِم حجة على من لم يعلم.

لكن المدجنة الطاعنون بالسلف الصالح لا يفتؤون يتتبعون أي كلام يخدمهم بالطعن بعقائد أهل السنة وأئمتهم.

فنقول لهؤلاء:

قال الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل:

«حدثني أبي، نا أبو أسامة، نا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: خلق الله عز وجل الملائكة من ‌نور ‌الذراعين والصدر».

[السنة لعبد الله بن أحمد (2/ 475)]

من هو الزنديق فيهم؟ إما أحمد بن حنبل، أو ابنه عبد الله، أو شيخه أبو أسامة، حماد بن أسامة، أو شيخه هشام بن عروة، أو والده عروة بن الزبير؟

فإن لم يتهمهم، فمن منهم نقل لنا كلام الزنديق، ودلسه ولم يخبرنا أنه كلام زنديق، وأوهمنا أنه كلام عالم من ثقات محدثي الأمة؟ من هو تلميذ الزنديق فيهم؟
والله ليس منهم من أحد زنديقًا ولا تلميذًا لزنديق، إلا أن المسلمين أبصر بمن هو أولى بالزندقة والتلمذة على الزنادقة.

وخذ أيها الطاعن هذا الأثثر الذي تجهله أسخن عينك به:

قال أبو عبد الله ابن منده:

«أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا شريح بن يونس، ثنا أبو خالد الأحمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو وقال: ليس شيء أكثر من الملائكة، إن الله قد خلقهم من نور. فذكره. ‌وأشار ‌شريح، ‌بيده ‌إلى ‌صدره. وقال: أشار أبو خالد إلى صدره».

[الرد على الجهمية لابن منده – ط المكتبة الأثرية (ص49)]

فليكن الجهمي أو تابعه المدجن جريئًا ويخبرنا من منهم الزنديق عنده؟

 

والله المستعان

التسجيل في الجريدة الإلكترونية

عند التسجيل ستصلك مقالات الشيخ الجديدة, كل مقال جديد يكتبه الشيخ سيصلك على الإيميل

(Visited 48 times, 1 visits today)
هل أنكر ابن قتيبة حديث الذراعين والصدر؟
تمرير للأعلى