شبهة: عبد الله بن الزبير ابن متعة وهو حفيد أبي بكر الصديق

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين،

وبعد:

الشبهة كما يقول الروافض
أم عبد الله بن الزبير هي أسماء بنت أبي بكر، وتسمى بذات النطاقين، وقد ولدت عبد الله بن الزبير عن طريق زواجها متعة، ذكر ذلك ابن أكثم في كتاب (الفتوح 6/325)، وابن ابي الحديد في (شرح النهج 20/ 130) وغيرهم.
الجواب

نكاح المتعة: هو أن يتزوج الرجل امرأة لمدة محددة — يومًا، شهرًا، سنة — ثم يفترقان بانتهاء المدة. وقد كان هذا الزواج موجودًا في بدايات الإسلام، ثم نسخه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأبد

روى البخاري في صحيحه

ببَابُ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‌عنْ ‌نِكَاحِ ‌الْمُتْعَةِ آخِرًا

حدثنا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِمَا، أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه قَالَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ:

إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ.

[صحيح البخاري (7/ 35)]

ورغم وضوح النص يحاول الشيعة إثبات صحة هذا النكاح عن طريق قولهم إن عبد الله بن الزبير بن العوام — وهو صحابي جليل — وُلد من زواج متعة بين أبيه الزبير بن العوام وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. وهذه دعوى باطلة من وجوهٍ عدّة.

أولًا: مصدر الدعوى ضعيف لا يُحتجّ به

المدّعون يستندون إلى نقلٍ منسوب إلى كتاب «الفتوح» لابن أكثم، وإلى «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد المعتزلي، وهي مصادر غير معتمدة في الحديث، ولم تذكر سندًا صحيحًا.

والعجيب أن أصحاب هذه الشبهة يتركون المصادر الأصلية كالبخاري ومسلم ومسند أحمد وغيرها من كتب الحديث الموثوقة، ويلجؤون إلى كتب الأدب والتاريخ التي لا تقوم بها حجة.

ثانيًا: الرواية الواردة تبيّن أن المقصود بـ«المتعة» الحج

الرواية المُسندة لهذه القصة تتحدث عن متعة الحج وليس نكاح المتعة.

 

الرواية المُسندة

قال ابن أبي شيبة: حدثنا ابن فضيل، عن يزيد، عن مجاهد قال: قال ابن الزبير: (أفردوا ‌الحج، ودعوا قول ‌أعماكم هذا)
فبلغ ذلك ابن عباس فقال: (إن الذي عمى الله قلبه وعينيه لأنت، ألا تسأل أمك)
فسألها فقالت: «قدمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حُجاجا فأمرنا فأحللنا الحلال كله حتى سطعت المجامر بين الرجال والنساء»

مصنف ابن أبي شيبة 16525 (9/ 123 ت الشثري) ورواه إسحاق بن راهويه (2243) ويزيد ضعيف

إذن المقصود أن النَّاس حجوا حج تمتع فحلُّوا فجاز لهم إتيان أزواجهم حتى “سطعت المجامر” وذلك حين أحلّوا من إحرامهم بعد العمرة، وليس أن هناك زواج متعة بين الزبير وأسماء رضي الله عنهما.

ثالثًا: تأكيد ذلك من كتب الشيعة أنفسهم

ورد في كتب عددٍ من علماء الشيعة أن المقصود بلفظ «المتعة» هنا هو متعة الحج، لا نكاح المتعة.
ومن ذلك ما ذكره:
– محمد تقي التستري في «قاموس الرجال» (ص322): أن المراد متعة الحج.
– المسعودي في «مروج الذهب» (ص72): بيّن أنها متعة الحج.
– النوفلي في «كتاب الأخبار» (ص79، أثر 7): صرّح بأن المراد هو التمتع بالحج لا نكاح المتعة.

فدلّ ذلك على أن حتى من كتب الشيعة أنفسهم، لا يوجد دليل معتبر على أن أسماء بنت أبي بكر كانت في نكاح متعة، بل إن المقصود تمتع الحج الذي كان مشروعًا بإجماع المسلمين.

خاتمة

يتبين من مجموع النصوص والأدلة أن الدعوى بأن عبد الله بن الزبير وُلد من نكاح متعة باطلة ولا أصل لها، وأنها مبنية على تحريفٍ في لفظ “المتعة” الوارد في روايةٍ تتحدّث عن الحج، لا عن الزواج.
ولو كان ابن الزبير من زواج متعة كما يزعمون، لما سار هذا الخبر بين الصحابة دون إنكار، خصوصًا أن أمه أسماء هي بنت أبي بكر الصديق، وأبوه الزبير بن العوام أحد العشرة المبشرين بالجنة.

فعلى المسلم أن يتحقق قبل أن ينقل، وأن يعلم أن الدين لا يُؤخذ من المنتديات ولا من كتب الأدب الضعيفة، بل من الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه الكرام.
قال الله تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}.

والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

التسجيل في الجريدة الإلكترونية

عند التسجيل ستصلك مقالات الشيخ الجديدة, كل مقال جديد يكتبه الشيخ سيصلك على الإيميل

(Visited 60 times, 20 visits today)
شبهة: عبد الله بن الزبير ابن متعة وهو حفيد أبي بكر الصديق
تمرير للأعلى