بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،
كما كان عمر وعلي أو عائشة أبو هريرة، أو الحسن البصري، وابن سيرين بينهم اختلاف في عدد من الآراء، ومنهجهم واحد؛ كان مالك والشافعي وأحمد منهجهم واحد، ولم تظهر المذاهب التي تسمت بأسمائهم إلا بعد موتهم. وهم وسائر أهل الحديث بعد الصحابة والتابعين علماؤنا وكبراؤنا. إذا اتفقوا لم يكن لنا أن نخالف، وإذا اختلفوا كان لأهل العلم منا أن يرجح ويختار.
الفرق بيننا وبين المتمذهبة أن المتمذهب يتبع المتأخرين المنتسبين إلى واحد من علمائنا، وقد يوافقه أو يخالفه، أو يأتي ببدعة، لكن رأيه يصير قولًا متبوعا، أما نحن فنتبع الأئمة، وليس واحدا منهم، ولا نتبع ما أخطأ به المتأخرون وصار مذهبًا.
والفرق بيننا وبين بعض اللا مذهبية: أننا نقول كما قال حرب الكرماني ناقلا عن أهل السنة: (ومن زعم أنه لا يرى التقليد، ولا يقلد دينه أحدًا فهذا قولُ فاسقٍ مبتدعٍ عدؤّ للَّه ولرسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولدينه، ولكتابه، ولسنة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، إنما يريد بذلك إبطال الأثر، وتعطيل العلم، وإطفاء السنة، والتفرد بالرأي والكلام والبدعة والخلاف)
وليس تقليدنا كتقليد من ينتسب لشخص دون غيره، أو لجماعة دون غيرها، ولا كالذين يسمون دينهم وسبيلهم بأسماء الناس، ويدرسون أقوال الناس أكثر من دراستهم لكتاب الله وسنة نبيه
قال الشيخ عثمان الدارمي (من علمائنا): (غير أنا نقول: إن على العالم باختلاف العلماء، أن يجتهد ويفحص عن أصل المسألة، حتى يعقلها بجهده ما أطاق، فإذا أعياه أن يعقلها من الكتاب والسنة فرأي من قبله من علماء السلف خير له من رأي نفسه، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: “ألا لا يقلدن رجل منكم دينه رجلا، إن آمن آمن وإن كفر كفر، فإن كنتم لابد فاعلين فالأموات، فإن الحي لايؤمن عليه الفتنة”)
ثم قال: (وقال شريح وابن سيرين: “لن نضل ما تمسكنا بالأثر” وقال إبراهيم: “ما الأمر إلا الأمر الأول، لو بلغنا أنهم لم يغسلوا إلا الظفرما جاوزناه، كفى إزراء على قوم أن تتخالف أعمالهم”)
ثم اعلم أن من يتهمنا بالانفكاك عن تقليد السلف هم أنفسهم خالفوا إجماع السلف في أعظم من مسائل العبادة، خالفوهم في أصول الملة، وفي توصيف الله تعالى، وأنهم هم أشد الناس ذما للتقليد في أصول الملة، بل بين أشياخهم خلاف في المقلد، كافر هو أو مسلم، ثم يتكلمون باتهامنا والتشنيع علينا لكوننا لا ننتسب إلى واحد من المذاهب التي فرقت بين علمائنا الثلاثة مالك والشافعي وأحمد، وعابوا علينا أننا لم نسم ديننا باسم واحد منهم، وعابوا علينا أننا لا نفرق بينهم وبين سائر علماء أهل الحديث والأثر!
فمن رمانا بالتقليد المذموم، أو بالتفرد والمخالفة أو نسبنا إلى اسم لم ننتسب إليه؛ فقد قال ربنا {سنكتب ما قالوا} وقال {وما تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا} وقال: {الله يحكم بينكم يوم القيامة} وقال {وكفى بالله حسيبا}
(Visited 1٬827 times, 4 visits today)
مذهبنا وقولنا في التمذهب والتعصب والتقليد