بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الشيعة الإثنا عشرية يؤمنون بوجود اثني عشر إمامًا بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. هؤلاء الأئمة معصومون وموكلون بإرشاد الأمة وحفظ الدين. أول الأئمة هو علي بن أبي طالب، والحادي عشر هو الحسن العسكري، فيجب أن يكون الإمام الثاني عشر من أولاده فلا يصح عندهم أن يكون أخا له ولا ابن عم، بل حصرا من الأبناء (مرجع1)، ولكنه لا أبناء له(مرجع2)، فهذا أمر يهدم أصل الشيعة، فاضطرّوا إلى اختراع شخصيَّة وهميَّة، فاخترعوا له أمًّا (هي نرجس) وقالوا إنها وَلَدته، ثم اختفى في سرداب في سامرَّاء، وسيظهر يومًا ما.
ومن هنا تأتي قصة نرجس التي اخترعوها لتكون أمًّا له. وأقدم مصدر تكلَّم عنها هو كتاب إثبات الوصيَّة للمسعودي المتوفى 346 هـ أي أي بعد الحسن العسكري ب85سنة
من هي نرجس؟
نرجس بحسب الروايات الشيعية: امرأة نصرانية حفيدة قيصر الروم.
رأت في منامها فاطمة الزهراء ومعها مريم بنت عمران. فأشارت مريم إلى فاطمة، وقالت: «هذه سيدة النساء أم زوجك أبي محمد» فدعتها فاطمة الزهراء للإسلام فأسلمت على يدها (مرجع3). ثم أرشدتها فاطمة أن تجعل نفسها مع الأسرى. ففعلت هذا وأسرت وعُرضت للبيع.
ثم جاءها الحسن العسكري في المنام، وقالت له: لماذا جفوتني يا حبيبي بعد أن شغلت قلبي بحبك، وقال إنه لم يكن يزورها لأنها مشركة، فصار يأتيها كل يوم في المنام (مرجع4).
أُسرت نرجس في إحدى الحروب بين الروم والمسلمين، ونقلت إلى بلاد الإسلام.
(مرجع5) أرسل علي الهادي، والدُ الحسن العسكري إلى بِشرٍ النَّخَّاس، وكتب رسالة بلغة رومية وختمها بخاتمه، وأعطاه كيسًا فيه مئتان وعشرون دينارًا، وقال: خذ هذه وتوجه إلى بغداد، واحضر معبر الفرات في يوم كذا، ستجد هناك سفنًا تحمل السبايا، وسترى جواري يُعرضن للبيع، ابحث عن رجل يُدعى عمر بن يزيد النخاس، وانتظر حتى تُعرض جارية بصفات معينة، وأعطها الرسالة، فإذا قرأتها ورضيت، فأنت وكيل في شرائها. قال بشر: فقمت بما أمرني به مولاي. وعندما قرأت الجارية الرسالة، بكت بشدة وقالت للنخاس: بعني لصاحب هذه الرسالة. وبعد مفاوضات، اشتريتها بالمبلغ الذي أعطاني إياه الإمام. وعندما عدت بها إلى مقر إقامتي في بغداد، بدأت تُقبل الرسالة وتضعها على عينيها وخديها وثديها (مرجع6).
بعد وفاة الحسن العسكري سنة 260 هـ، قبض المعتمد العباسي على نرجس وطالبها بالمهدي لكنها أنكرته وأدّعت أنها حامل لتجنب البحث عن الطفل المولود. نُقلت إلى قصر المعتمد واحتُجزت، ثم لاذت بالفرار إلى دار الحسن بن جعفر النوبختي (مرجع7).
النخّاس ودوره:
تنقلت نرجس من يد نخَّاس (تاجر رقيق) إلى نخَّاس، وقد جاء في كتاب الكافي للكليني وكيف ولا يقع في أيدي النخاسين شئ إلا أفسدوه (مرجع8) وهذا يلزم منه إفساد نرجِس
كما قالوا إن النخَّاس تحرَّش بأم الإمام السابع موسى الكاظم ابن جعفر (مرجع9) حميدة الأندلسية.
وجاء في كتاب كمال الدين للقمي أن بِشرًا قال: فانصرفتُ بها (أي بنرجس) إلى حجرتي التي كنت آوي إليها ببغداد (مرجع10)
فإذا كانوا اتهموا أم المؤمنين عائشة بالفاحشة مع صحابي لأجل أنه أوصلها لمَّا فاتتها القافلة، فلأن تُتَّهم نرجس بذلك أولى وهي انتقلت من نخاس لنخاس، وباتت في غرفته.
الخلاف حول اسم أم المهدي
اختلفوا في اسم أمه، فكان الأشهر: نرجس، وقيل صقيل، ومليكة، وسوسن، وريحانة، ومريم، وخمس، وحكيمة وسبيكة، وجمعوا بين هذه الروايات المتناقضة بأن هذه كلها أسماء لامرأة واحدة (مرجع11)
خاتمة ونصيحة
نرجس -كما هو واضح- شخصية وهمية، كما أن المهدي ابنها شخص وهمي بما هو أوضح، ومما على القصة من مؤاخذات: مبيت نرجس عند النَّخَّاس، ومعلوم أنه ما اختلى رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما. ويقال: لماذا لم يذهب الحسن ووالده لشرائها، بدلًا مِن إرسال الغريب، فالحر يغار على عِرضه.
وكون القصة والشخصيَّة وهميَّة، فلسنا مأمورين أن نكلَّم المشركين بما يزيد حقدهم على الإسلام، {ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ ٱلسَّيِّئَةَۚ نَحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَصِفُونَ}