سئلت كثيرا عن أحاديث السفياني، وهذا بحث مختصر في أمرها
عقد الإمام نعيم بن حماد تقبله الله من الشهداء في سبيل عقيدة أهل السنة أبوابا متعددة في شأن السفياني
وخلاصتها أنه شخصية ستظهر في آخر الزمان، وستقوم بأعمال فاسدة وظالمة. ويرتبط ظهوره بعلامات أخرى للساعة، مثل خروج المهدي والدجال.
هو من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان، ويزيد المقصود أخو معاوية رضي الله عنهم. السفياني رجل قبيح المنظر، غائر العينين، نحيل الأطراف، إحدى علنيه فيها بياض كأن به عَوَر، وكأن في وجهه الجدري، غائر العينين.
يخرج من جانب دمشق مع سبعة من أصحابه، معهم لواء لا يراه أحد إلا ويُهزَم. يقتل العلماء والأفاضل، ويسيطر على دمشق. ويخرج الأبقع من مصر، والأصهب من جزيرة العرب، ويقتتلون وينتصر السفياني.
ثم يُقاتل الترك والروم بقرقيسيا فيظهر عليهم، ويفسد في الأرض، فيضرب بطون النساء الحوامل، ويقتل الرجال والصبيان، ويبطش بأهل المشرق، وأهل المدينة، وعند ذلك يخرج المهدي، فيرسل له السفياني جيشا ليقاتله.
هذا مختصر ما ورد عن السفياني. وكثير من الأحاديث التي جعلها نعيم في أبواب السفياني لم تصرح باسمه، إضافة إلى أنها ضعيفة كلها. «قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: وهى هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِي نَهَى أحمدُ إسحاقَ بْنَ دَاوُدَ عَنِ التَّحْدِيثِ بِهَا.». [المنتخب من علل الخلال (ص303)]
بل قد تكون موضوعة «قال المروذي: فأريت أبا عبد الله كتابا لإسحاق بن داود في الملاحم، وفيه ذكر المواقيت: “إذا كان سنة كذا، ففيه كذا” فضرب عليها بخطه.». [المنتخب من علل الخلال (1/ 301)]
قال المصعب بن عبد الله الزبيري المتوفى عام 236هـ عن خالد بن يزيد بن معاوية: «خالد يوصف بالعلم ويقول الشعر؛ زعموا أنه هو الذي وضع ذكر السفياني وكثره». [نسب قريش (ص129)]
وقد خرج فيه الحاكم حديثا إسناده صحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ” يَخْرُجُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: السُّفْيَانِيُّ فِي عُمْقِ دِمَشْقَ، وَعَامَّةُ مَنْ يَتْبَعُهُ مِنْ كَلْبِ (أي قبيلة كلب)، فَيَقْتُلُ حَتَّى يَبْقَرَ بُطُونَ النِّسَاءِ، وَيَقْتُلُ الصِّبْيَانَ، فَتَجْمَعُ لَهُمْ قَيْسٌ (أي القبيلة) فَيَقْتُلُهَا حَتَّى لَا يُمْنَعُ (أي لا يترك) ذَنَبُ تَلْعَةٍ (أي الرجل الذليل)، وَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فِي الْحَرَّةِ فَيَبْلُغُ السُّفْيَانِيَّ، فَيَبْعَثُ إِلَيْهِ جُنْدًا مِنْ جُنْدِهِ فَيَهْزِمُهُمْ، فَيَسِيرُ إِلَيْهِ السُّفْيَانِيُّ بِمَنْ مَعَهُ حَتَّى إِذَا صَارَ بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ، فَلَا يَنْجُو مِنْهُمْ إِلَّا الْمُخْبِرُ عَنْهُمْ «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ»
[قال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم. [المستدرك على الصحيحين (4/ 565)]
وكثير من أحاديث السفياني كانت من طريق الوليد بن مسلم وكان يعنعن، لكن هنا صرح بالتحديث. فظاهر الحديث هذا الصحة، ويستغرب عدم وجود إسناد صحيح لأخبار هذا السفياني في الدواوين السابقة.
على العموم بناء على صحة إسناد الحاكم فذكر السفياني له أصل، ولكن كثير مما ورد في حقه لا يصح، والصحيح منه يكون قبل خروج المهدي.
ولابد من ان نذكر بمسألة مهمة، أننا في كل أخبار ما يحدث في المستقبل فإننا لا نجزم أن هذا الواقع هو الذي تكلم عنه رسول الله ص إلا إذا انطبق عليه 100% دون شك، لكن لا نقول ذلك بالظن، ثم نبني عليه أحكاما وتصرفات، ثم نكتشف أننا كنا واهمين في تقديرنا.
والله أعلم