الرد على أدلة الأشعرية في تحسين البدع
الدليل الأول
قالوا:
ابتدع سيدنا بلال بن رباح رضي الله عنه عبادة غير مألوفة في وقته.ليس له سابق إليها. لم تكن موجودة .لم يفعلها رسول الله ﷺ! فقد أوجب سيدي بلال على نفسه سنة يلتزم بها في الوضوء وهي صلاة ركعتين بعد كل وضوء. ركعتين لم يأمر الله بهما ولم يفعلهما رسول الله ﷺ خبأ بلال ذلك عن رسول الله ﷺ لكن الله أسمع النبي ﷺ صوت نعال بلال يمشي في الجنة! فسأل بلال عن السبب فقال بلال: بركعتين بعد كل وضوء. عبادة لم تكن موجودة أحدثها بلال! وأقره النبي. ليس هذا وفقط بل أثابه الله على بدعته هذه بالجنة. |
الجواب:
هو كان يعمل بما أمر به النبي ﷺ حيث قال ﷺ: «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رواه البخاري ومسلم
والذي لم يكن رسول الله ﷺ يعلمه هو أن بلال كان يفعل هذه الطاعة، وليس أن رسول الله ﷺ كان لا يعلم هذه الطاعة كما يقول أهل البدعة
الدليل الثاني
وابتدع أحد أسيادنا الصحابة دعاءً في الصلاة ليس منها ولا من عند الله يعني ما نزل به وحي ولا شئ. ولا حتى قال به رسول الله ﷺ فكان الناس يقولون ربنا لك الحمد عند الرفع من الركوع ولا يزيدون فزاد من عنده:. ربنا ولك الحمدُ حمدًا كثيرًا طيبًا مُباركًا فيه”
فقال له النبيّ ﷺ رأيتُ بضعةً وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيّهم يكتبها أوَّلا! انظر كيف تتسابق الملائكة لتوثيق بدعته الحسنة وكتابة أجرها! |
الجواب:
الدعاء سنة، وليس بدعة، وليس يلزم الإنسان أن يدعوا بصيغة محددة، فليس هذا الصحابي وحده من دعا، بل جميع الصحابة والتابعين، بل وجميع المسلمين إلى يومنا هذا يدعون الله كل بلغته ولهجته وبما يستطيع أن يعبر به، ولا يدخل هذا في مفهوم البدعة.
إنما هذا الدعاء صار الناس يدعون به بلفظه لأن رسول الله ﷺ أقره.
ولو أن شخصا غير رسول الله ﷺ أراد إلزام الناس بصيغ معينة للدعاء هو يؤلفها لما كان له أن يفعل ذلك.
الدليل الثالث
ابتدع أحد أسيادنا الأنصار في مسجد قباء بدعة عجيبة فكان يقرأ في الصلاة وهو إمام بالناس سورة الإخلاص قبل أي سورة وفي أي ركعة ولا يقرأ سورة إلا بشرط أن يقرأ قبلها الإخلاص!
فاشتكوه إلى النبي ﷺ فقال له النبي: حُبُّك إيَّاها أدخلك الجنة. ✔️تخصيص لسورة معينة من القرآن ✔️بزمان معين في ✔️عبادة معينة. وما قال له النبي ﷺ لا تجعل هذه عادة لك. بل أدخله الله بها الجنة. |
الجواب:
هذا ليس دليلا على البدع، فإن كل المسلمين يقرؤون في الصلاة ما يحبون من القرآن الكريم. وهذا لا يدخل في مفهوم البدعة أصلا.
وهذا يختلف عما لو اتخذ دور المشرع وأمر الناس أن يعبدوا الله بطريقة هو يخترعها.
وفي القصة دليل على بطلان البدع، إذ أن رسول الله ﷺ سأله عن سبب فعله هذا، فلما وجد أنه لم يفعله لسبب بدعي، وإنما يقرؤها كما يقرأ أي مسلم ما يحب من القرآن، فعند ذلك أقر فعله.
وأما دخوله الجنة فلم يكن لأجل بدعة ابتدعها -حاشاه- وإنما لأجل حبه لها، فقد قال ﷺ في الحديث: «وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ» فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّهَا، فقال: «حبك إياها ادخلك الجنة» رواه البخاري
وفي هذه القصة دليل على رد البدع، إذ أن إنكار الصحابة عليه دليل على أنهم يستنكرون البدع، وأن هذا هو المستقر في نفوسهم.
الدليل الرابع
وتحلق الصحابة على عهد رسول الله ﷺ في حلقة في المسجد واجتمعوا يذكرون الله ويحمدون الله
فقال لهم رسول الله مبشرا لهم بثواب اجتماعهم على الذكر: إنه أتاني جبريل، فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة! وما قال لهم إن الاجتماع على الذكر بدعة بل بشرهم برضا الله! فهل يمكن أن نجعب الاجتماع على الذكر بدعة سيئة رغم أن الله يباهي به الملائكة؟! |
الجواب:
لم أسمع أحدا من أهل الإسلام ينكر أن يتحلق المسلمون ويذكرون نعمة الله عليهم، ويحمدونه عليها، بل كل المسلمين يفعلون ذلك، فيجتمعون ويتدارسون الدين والقرآن والسنة ويحمدون الله على نعمه، ويذكر بعضهم بعضا بالله.
فكيف يكون هذا دليل على جواز البدع؟!
إلا إذا أرادوا أن يشبهوا مجالس العلم بمجالس الرقص وهز الرؤوس، أو يشبهوا مجالس الوعظ والتذكير بالله، بمجالس تقديس الأولياء وطلب المدد منهم. فهذا قياس فاسد.
الدليل الخامس
وابتدع أبو بكر رضي الله عنه جمع القرآن ولم يجمعه رسول الله في مصحف قبل ذلك ولم يقل أحد لأبي بكر لو كان خيرا لفعله رسول الله ومعنى كلامك أن الرسول ﷺ قصر في شئ! |
الجواب:
أولا: فعل أبي بكر رضي الله عنه ليس داخلا في مفهوم البدعة أصلا، فهذا القرآن هو القرآن، سواء كتب على أوراق تحت غلاف واحد، أو على أوراق متفرقة، أو بلون أسود، أو أزرق، أو أحمر، فما الذي تغير بعد جمعه؟ وما الذي زاد في دين الله تعالى؟
وكيف يُستدل بهذا على جواز تشريع عبادة جديدة للمسلمين؟
ثم إن في القصة: تورع عمر -رضي الله عنه- في أول الأمر دليل على أن الأصل عند الصحابة عدم الإحداث والابتداع، لكن لما تبين له عدم كونها بدعة رضي بها.
الدليل السادس
ابتدع عمر رضي الله عنه توقيف حد السرقة عام الرمادة ولم يفعل ذلك رسول الله ﷺ ولم يتهمه أحد بمخالفة هدي النبي ﷺ |
الجواب:
لم يثبت أنه أوقف الحد، وإذا ثبت فإن القاعدة أن من اضطر فسرق ما يأكله لا تقطع يده، وذلك لقوله تعالى ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾
الدليل السابع
وابتدع عثمان رضي الله أذانا سماه الأذان الثاني في الجمعة لما كثر الناس. والأذان شعيرة من شعائر الله ولم يتهمه أحد بمخالفة أمر رسول الله ﷺ |
الجواب:
هذا ليس ابتداعا منه -حاشاه- وإنما كان حلا لمشكلة ظهرت في زمانه، ففي زمان رسول الله ﷺ كان المؤذن يؤذن مرة واحدة عندما يصعد الإمام على المنبر، وكان الناس الذين في أعمالهم وبيوتهم إذا سمعوا المؤذن لصلاة الجمعة؛ يذهبون للمسجد ويصلون ويدركون الخطبة والصلاة لأن المدينة صغيرة، لكن لما اتسعت المدينة على عهد عثمان -رضي الله عنه- صار الذين في السوق قد لا يسمعون المؤدن، وإذا سمعوا الأذان وجاؤوا المسجد قد لا يدركون الصلاة، وذلك بسبب اتساع المدينة، فأمر مؤذنا أن يؤذن في السوق قبل مدة تكفي أن يذهبوا ويدركوا الصلاة.
وفعله هذا ليس إحداثا، وإنما حل لمشكلة ظهرت في زمانه، وليس لها حل إلا هذا، كما أننا اليوم اتسعت مساجدنا وكثر عددنا واحتجنا إلى مكبرات الصوت.
الدليل الثامن
وابتدع سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنه في شعيرة التلبية المنصوص عليها زيادة لم يأت بها رسول الله ﷺ ولا أحد من صحابته فكان يزيد عليها قوله: ”لبيك وسعديك والخير بيديك لبيك والرغباء اليك والعمل“ |
الجواب:
القول في هذا كما قلنا في استدلالهم بالصحابي الذي دعا.
الدليل التاسع
وابتدع الصحابة رضوان الله عليهم في صلاة الجنازة شيئا لم يرد أبداً عن النبي ﷺ فصلوا على الجنازات المتعددة بصلاة واحدة! |
الجواب:
هذا جهل منهم، بل هذه سنة النبي ﷺ.
روى النسائي عن نافع: «أن ابن عمر صلى على تسع جنائز جميعا، فجعل الرجال يلون الإمام والنساء يلين القبلة، فصفهن صفا واحدا، ووضعت جنازة أم كلثوم بنت علي امرأة عمر بن الخطاب وابن لها يقال له: زيد وضعا جميعا، والإمام يومئذ سعيد بن العاص، وفي الناس ابن عمر، وأبو هريرة، وأبو سعيد، وأبو قتادة، فوضع الغلام مما يلي الإمام. فقال رجل: فأنكرتُ ذلك فنظرت إلى ابن عباس ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد ، وأبي قتادة، فقلتُ: ما هذا؟ قالوا: هي السنة»
أخيرا نقول لهم:
لو جئنا إلى مجموعتين من الناس، وقلنا لكل مجموعة: اخترعوا لنا 1000 بدعة، وجعلَت كل مجموعة منهم يعبدون الله بهذه البدع، ثم نظر إليهم شخص، هل سيعرف أن دين المجموعتين واحد؟ بالطبع لا، فكل مجموعة عندها ألف عبادة غير التي عند الأخرى.
ولو أن كل مسلم ابتدع في الدين كما يستحسن، لصار لنا اليوم ملياري دين.
ولا تقل لي: إن بدعة يخترعها شيخك الذي يطلب المدد من الجثث أفضل من بدعة يخترعها حرامي الغسيل، فكل يرى بدعته هي الأفضل. وأما نحن فنرى سنة رسول الله ﷺ هي الأفضل