عالم الإباحية من الداخل

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.

شاب يحكي قصته إذ كان غارقًا في مستنقع الإباحية، ثم تاب وتزوج، إلا أن آثار هذه المعصية بقيت معه، وكانت سببًا في خراب بيته. يتحدث هذا الشاب عن عالم الإباحية وما يحتويه من أمور خفية قد لا يدركها كثير من الناس.

يقول إنه بدأ يشاهد الأفلام الإباحية في سن الخامسة عشرة لتفريغ شهوته، واستمر على ذلك حتى بلغ من العمر خمسة وعشرين عامًا. حينها تعرف على صديق ناصح، أرشده إلى طريق المساجد، فالتزم بالصلاة وترك مشاهدة تلك الأفلام. لكنه رغم التزامه بالصلاة وقراءة القرآن، لم يستطع الثبات لفترة طويلة، فوجد نفسه يعود إليها بعد بضعة أشهر.

كان يتوب تارة ويعود للذنب تارة أخرى، حتى بلغ من العمر ثمانية وعشرين عامًا. في ذلك الوقت، قرر التوقف نهائيًا عن مشاهدة الأفلام الإباحية، وتزوج معتقدًا أن الزواج سيكون السبيل للتخلص من هذه الشهوات. لكن للأسف، لم يمضِ على زواجه سوى أشهر قليلة حتى انتهى بالطلاق.

يقول إنه أثناء مشاهدته للأفلام الإباحية، كانت تلك الأفلام تصور الفاحشة بطريقة خيالية، مبالغ فيها، بحيث تبدو ممتعة وجميلة. وعندما حاول أن يطبق ما شاهده في الواقع، وجد أن الأمور مختلفة تمامًا؛ بعضها مرهق، بعضها غير ممتع، وبعضها الآخر مقزز أو مؤذٍ. الأفلام تصور الأمور على أنها رائعة، لكنها في الواقع شيء مختلف تمامًا. هذا الفارق بين الخيال والواقع أصابه بصدمة كبيرة، وجعله يشعر بإحباط شديد.

بالإضافة إلى ذلك، كانت تلك الأفلام تغرس في ذهنه أفكارًا غريبة، ساهمت في تدهور علاقته بزوجته. فقد كانت الأفلام تصور الأفعال على أنها مقبولة ومحببة للطرف الآخر، بينما هي في الواقع مزعجة ومؤذية للزوجة. هذا التناقض تسبب في نفور زوجته منه، وكانت النتيجة الطلاق.

ويضيف أن الأفلام الإباحية لا تكتفي بتصوير الفاحشة بشكل مبالغ فيه، بل إنها تزرع أفكارًا مسمومة في ذهن المشاهد، وتأخذه تدريجيًا إلى عوالم من الانحراف الجنسي لم يكن ليتخيلها. فالمشاهد قد يبدأ بمشاهدة العلاقات الجنسية الطبيعية، ثم ينتقل شيئًا فشيئًا إلى البحث عن أنواع أخرى من الأفلام التي تتضمن ممارسات غير مألوفة أو شاذة. ومن هنا، يجد نفسه غارقًا في مشاهد تمجد السادية أو المازوخية، أو حتى تلك التي تتعلق بالإهانة الجسدية أو النفسية.

المازوخي هو الشخص الذي يتلذذ بالإهانة أثناء العلاقة، بينما السادي يتلذذ بإهانة الطرف الآخر. تبدأ هذه المشاهد ضمن سياق جنسي، لكنها قد تتطور إلى الإهانة والعنف خارج إطار العلاقة الجنسية. وهكذا يستمر الانحراف حتى يصل بالمشاهد إلى مستويات متطرفة، فيجد نفسه يتقبل أفكارًا مهينة وشاذة قد تدمر حياته الأسرية.

ليس هذا فقط، بل إن الأفلام الإباحية قد تحمل أفكارًا أخطر، حيث تتضمن مشاهد تتعلق بالعلاقات بين أفراد العائلة، مثل الأخوة أو الأمهات، بهدف إدخال هذه الأفكار في عقول المشاهدين، ما يجعلها تبدو مقبولة أو طبيعية للبعض.

يؤكد هذا الشاب أن تأثير الأفلام الإباحية يتجاوز مجرد المشاهدة، بل إنها تزرع في النفس أفكارًا مدمرة تسيطر على العقل والقلب. لذلك، من الخطورة بمكان أن يتهاون الإنسان في مشاهدة هذه القاذورات، لأنها قد تدمر حياته الزوجية، وتجعله يشعر بالاحتقار تجاه نفسه.

لكل من تورط في هذا الأمر، أقول: لا تفقد الأمل، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاءً». سنتحدث في حلقة خاصة عن الحلول العملية للتخلص من هذا الابتلاء، وأطلب من كل من لديه تجربة في هذا المجال ووجد مخرجًا، أن يكتب لنا قصته عبر الرابط الذي سنضعه أسفل الفيديو. تذكر أن رسالتك ستكون سرية تمامًا، ولن نعرف هويتك.

وأقول لمن ما زال غارقًا في هذه المعصية: إن لم تستطع التخلص من هذه الورطة بعد، فحاول على الأقل أن تقلل من الذنوب المترتبة عليها. بمعنى: لا تجمع على نفسك معصية المشاهدة مع معصية الفعل. إن كنت لا تستطيع التوقف عن الفعل، فلا تضف إلى ذلك مشاهدة تلك الأفلام. فبعض الشر أهون من بعض.

عليك بالصيام وتقليل الطعام، والتوجه إلى الله بصدق الدعاء. وبعد كل ذنب، سارع بالتوبة ولا تمل منها، فإن الله لا يمل حتى تملوا. التوبة المستمرة والصدق مع الله ستكون سبيلك للتخلص من هذا الابتلاء نهائيًا، بإذن الله.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا وإياكم الفتن ما ظهر منها وما بطن.

والحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

التسجيل في الجريدة الإلكترونية

عند التسجيل ستصلك مقالات الشيخ الجديدة, كل مقال جديد يكتبه الشيخ سيصلك على الإيميل

(Visited 174 times, 1 visits today)
عالم الإباحية من الداخل
تمرير للأعلى