بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
اشترط جماعة من المعاصرين للتكبير في العيد والعشر من ذي الحجة أن تتفرق فيه كلمة المسلمين، وهذا الشرط لم نجد أحدًا سبقهم إليه، بل الأدلة على عكسه أظهر، كما سيأتي.
ويلحظ أنهم بنوا كلامهم على أن صفة الذكر لا بد فيها من دليل، ولم يأت الدليل على التكبير الجماعي، فيقال لهم: ولم يأت اشتراط الاختلاف الذي تبنيتموه وبدعتم العمل بغيره، بل الأدلة أظهر في الجماعي، فلو عمل مخالفكم بطريقتكم لبدعكم.
ومع تظاهر الأدلة إلا أنهم يؤولونها. والصواب الأخذ بها كما جاءت حتى يقوم الدليل على استراط التفرق.
وهذا مسرد النصوص في التكبير الجماعي.
روى مالك، عن يحيى بن سعيد، أنه بلغه، أن عمر بن الخطاب «خرج الغد من يوم النحر حين ارتفع النهار شيئا. فكبر فكبر الناس بتكبيره. ثم خرج الثانية من يومه ذلك بعد ارتفاع النهار. فكبر، فكبر الناس بتكبيره. ثم خرج الثالثة حين زاغت الشمس فكبر، فكبر الناس بتكبيره». حتى يتصل التكبير ويبلغ البيت.. [موطأ مالك – رواية يحيى (1/ 404 ت عبد الباقي)]
قال البخاري: «باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة
وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى، فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق، حتى ترتج منى تكبيرا.». [صحيح البخاري (2/ 58)]
وقال البخاري: «وكانت ميمونة تكبر يوم النحر، وكن النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان، وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد». [صحيح البخاري (2/ 58)]
وقال البخاري: «وقالت أم عطية: كنا نؤمر أن يخرج الحيض، فيكبرن بتكبيرهم ويدعون.». [صحيح البخاري (1/ 397)]
«كان سفيان الثوري يقول: ليس على النساء تكبير في أيام التشريق إلا في الجماعة، واستحسن قول الثوري أحمد.». [الإشراف لابن المنذر (2/ 184)]
قال الشافعي: «فَإِذَا رَأَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ أَحْبَبْتُ أَنْ يُكَبِّرَ النَّاسُ جَمَاعَةً، وَفُرَادَى، فِي الْمَسْجِدِ وَالْأَسْوَاقِ، وَالطُّرُقِ، وَالْمَنَازِلِ، وَمُسَافِرِينَ، وَمُقِيمِينَ فِي كُلِّ حَالٍ، وَأَيْنَ كَانُوا، وَأَنْ يُظْهِرُوا التَّكْبِيرَ». [الأم للإمام الشافعي (1/ 264 ط الفكر)]
وقال: «وَيُكَبِّرُ إمَامُهُمْ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ فَيُكَبِّرُونَ مَعًا، وَمُتَفَرِّقِينَ لَيْلًا وَنَهَارًا». [الأم للإمام الشافعي (1/ 275 ط الفكر)]
قال المزني:
«وأحِبُّ إظهارَ التكبير جماعةً وفرادَى، في ليلة الفطر وليلة النحر، مُقِيمِين وسَفْرًا، في منازلهم ومساجدهم وأسواقهم.». [مختصر المزني (1/ 175 ت الداغستاني)]
قال ابن قدامة: «وكذلك النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ في الجَماعَةِ». [المغني لابن قدامة (3/ 291)]
قال ابن رجب: «ولا خلاف في أن النساء يكبرن مع الرجال تبعاً، إذا صلين معهم جماعة، ولكن المرأة تخفض صوتها بالتكبير.». [فتح الباري لابن رجب (9/ 28)]
قال البهوتي: «وبالغ في التكبير عقب المكتوبة جماعة». [شرح المنتهى للبهوتي (1/ 329 ط عالم الكتب)]