هل هناك علاقة بين الدين العالمي الجديد والدجال

هل هناك علاقة بين الدين العالمي الجديد والدجال

في عصرنا الراهن برزت توجهاتٌ مادية وعلمانية ترى أن ما لا يُرى بالعين لا وجود له، فتسعى لنفي كل غيبيات كالإيمان بالله، وحتى على صعيد المنتسبين للدين صار هناك من ينكر السحر والجن، معتبرةً إياها خرافات خارجة عن حيز العلم. وهذا المبدأ (لا أصدق إلا ما أرى) جعل بعض الناس يستهين بالإيمان بالغيب والأسس العقائدية. والإسلام يواجه هذه النزعة تحذيرًا من خطرها على الإيمان؛ إذ ربط القرآن (الإيمان بالغيب) فقال تعالى في أول سورة البقرة {ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ 2 ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ}
ومع ذلك تجد الماديين أنفسهم مع إنكارهم الغيب، لا يستطيعون إلا أن يؤمنوا بوجود غيبيات، أقلها الروح التي بين جنبيهم، بل تجد كثيرا منهم يؤمن بخرافات الطاقة وشاكرات الجسد، ومنهم من يعتقد بوجود كائنات فضائية لا يراها
فالقوب بنفي كل ما لم يُشهَد بالحواس المادية قول باطل لا انفكاك عن إبطاله، لكنهم يستخدمونه لإنكار وجود الله والملائكة والجن والسحر وأمور الغيب عامةً.

ضع ما سبق ليكون جزء من الصورة، ولننتقل لجزء آخر
طائفة اسمها الجهمية غلت في الغيبيات، فنفت صفات الله كلها، ووصفته بصفات العدم، وقالت إنه لا داخل العالم، ولا خارج العالم، ولا متحرك ولا ساكن، فوصفت شيئًا لا يمكن الإيمان به إلا مع إلغاء العقل تماما حتى يستطيع الإيمان بهذا الإله العدمي متناقض الصفات. وهذا ما اعترف به حجة إسلامهم أبو حامد الغزالي بعد أن تساءل في كتابه إلجام العوام، لماذا رسول الله لم يدعُ إلى الإيمان بإله الأشعرية الجهمية العدمي هذا، فقال في جوابه: (هذا لو ذكرَهُ لنفرَ الناسُ عن قَبُولِهِ، ولبادروا بالإنكار وقالوا: هذا عينُ المحالِ) [إلجام العوام ص131]
هذا الإيمان بالإله العدمي متناقض الصفات ولَّد في قلوب هؤلاء فراغًا خانقًا. فالتجؤوا لملء فراغهم الروحي بعبادة الأموات والقُبور. فقد انعقدت قلوبهم على عبادتهم للموتى، وتعلّقوا بالأضرحة، وصاروا يدعون الجثث الهامدة ينتظرون منها السمع والإجابة، وراحوا يقدسون بعد ذلك الأحياء يرجون بركة عرقهم وفضلاتهم، كما قال ابن حجر «وَفِيهِ طَهَارَةُ النُّخَامَةِ وَالشَّعْرِ الْمُنْفَصِلِ وَالتَّبَرُّكُ ‌بِفَضَلَاتِ ‌الصَّالِحِينَ الطَّاهِرَةِ». [فتح الباري لابن حجر (5/ 341 ط السلفية)].

المادية والإلحاد وتقبل فتنة الدجال

ما من شك أن النزعة المادية تمهّد النفوس للفتنة الكبرى، فتنة المسيح الدجّال. فالرسول ﷺ حذّر أُمّته بشدة منه وأخبر عن خداعه.

فقبل ظهور الدجّال يرتفع شأن التمكين المادي عند كثيرين فتضيق صدورهم للمعاني الغيبية، وعندما يظهر الدجّال يراه هؤلاء أوّلاً كـ(معجز) يعطي مطرًا وينبت الزرع أو يحيي الموتى. فإذا اتكل القلب على الرؤية المادية دون دليل إيماني، سيفتتن بفتنة الدجّال. لأنه بذلك يصدق ما يرى، لا ما يُخبَر عنه، هم يقولون: كيف تؤمن بالله، هل رأيته؟ الآن هم رأوا ! يقولون: كيف تؤمن بالمعجزات، هذه خرافة؟ الآن رأوا ما يشبهها.
وأما الجهمي المؤمن بالإله العدمي، حين يرى مدعي الألوهية أمامه سيراه أصدق من قواعد دينه المتناقضة المؤمنة بموجود لا داخل العالم ولا خارجه، ولا وتحركا ولا ساكنا، التي احتاج إلى إلغاء عقله لتصديقها، سيرى أمرا معقولًا، هو أولى بالعبادة من الجثث الهامدة التي يدعوها، هذا حي يسمعه ويتفاعل معه. سيرى كرامات حقيقية بدلا من الكرامات الخرافية التي صدَّق على أساسها شيوخ السوء.
أما المسلم فإنه يعلم أن ربه ذو عينين، ليس بأعور، وهذا الدجال أعور، وأن الله فوق عرشه، وهذا دجال في الأرض.
كما أن الجهمية تعظم العقل فوق النص، وهذا يترافق مع ضعف التوكل وقلة التوفيق، فإذا اقتضى عقلهم أن هذا إله صدقوه وردوا الأحاديث التي حذرت منه.
قال ﷺ عن الدجال: «من سمع بالدجال فلينأَ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فيتبعه مما يبعث به من الشبهات» (أبو داود).

كيف يمهّد “الدين العالمي الجديد” (الإنسانية) لظهور الدجال؟

1.تمييع العقيدة: الدين العالمي يقوم على محو الفوارق العقدية، وهذا يضعّف الحصانة الإيمانية التي تحمي من فتنة الدجال.
2. تأليه الإنسان: فإذا مُسخ القلب وسقط دين المرء أمام الإنسان كمفهوم، فهو أهون أن يسقط أمامه عبادة فرد منه البشر يدعي الألوهية.
3. لا يزال دعاة الدين العالمي الجديد يبحثون عن مخلص يتمحورون حوله، وخا هو أمامهم”مخلّص عالمي”، يخاطب كل الناس بشعارات جامعة كاذبة.
4. غياب البراء من الكفر وأهله يجعل الناس يرون الكافر والصالح سواء، فيقعون في اتباع الدجال بسهولة.
5. الدين الجديد يمجّد الظاهر والدنيا، والدجال يملك جنة ونارًا ظاهريتين، فيُفتن به من عبد الصورة.
6. الدين العالمي الجديد مطبِّعٌ مع عبدة الأوثان، فلا تستنكر نفسه بعد مسخها أن تعبد الدجال.

اللهم أجرنا منه ومن فتنته.

التسجيل في الجريدة الإلكترونية

عند التسجيل ستصلك مقالات الشيخ الجديدة, كل مقال جديد يكتبه الشيخ سيصلك على الإيميل

(Visited 27 times, 2 visits today)
هل هناك علاقة بين الدين العالمي الجديد والدجال
تمرير للأعلى