كثير من الناس لا يفرق بين إدمان الإباحية والعادة السريَّة، وذلك لوجود رابطة بينهما، لكنهما في الواقع مختلفان.
- إدمان الإباحية يشير إلى الجذب القهري إلى مشاهدة المواد الإباحية، وهذا قد سبق وتكلمت عنه في مقال خاص.
- أما العادة السرية (الاستمناء) هو سلوك جنسي ذاتي بحيث يفرغ الشخص شهوته بنفسه.
والذي نتكلم عنه هو إدمان الإباحيَّة:
نشرت الدكتورة فاليري فون الباحثة في قسم علوم الأعصاب بجامعة كامبريدج صورة لدماغ مدمني الإباحية ودماغ مدمني المخدرات، تظهر الصور استجابة الدماغ لهذه المحفزات فكان بينهما تشابه كبير، وبينت أن مَن يصل إلى درجة الإدمان فإنه تقل عنده المتعة، ويبحث عن المادة فقط لإشباع الحاجة الناشئة عن الإدمان
دراسة من جامعة أنتويرب نشرت في مجلة JMIR Public Health and Surveillance أثبتت أن الاستخدام المفرط للإباحية مرتبط بزيادة احتمال الإصابة بضعف الانتصاب لدى الشباب أثناء الممارسة الحقيقية
درجات الإدمان
إذا أردت قياس درجة إدمانك فانظر إلى هذه العوامل، وسأرتبها من الأقل للأخطر
- المشاهدة بدون شهوة: في حال كان عندك إرادة للمشاهدة بدون وجود دافع من الشهوة.
- جعلها وسيلة لتعديل المزاج: وذلك أن تشاهد الإباحية للهروب من مشاعر حزن أو هموم.
- الحاجة إلى مواد أكثر تطرفًا: بحيث تشعر أن المواد العادية لم تعد كافية بالنسبة لك.
- التفكير المفرط: والمقصود به هو أن ترغب بالمشاهدة أثناء وجودك مع الناس أو خارج المنزل.
- تفضيل المشاهدة على الأنشطة اليومية: تجاهل المهام اليومية والأنشطة الاجتماعية لصالح المشاهدة.
أما من كان يشاهدها فقط إذا أراد قضاء الشهوة فهذا لا يعدُّ مدمنًا.
العلاج
أول مسألة عندنا هي أن نفهم أن الشهوة غير الإدمان، فالشهوة هي وجود رغبة جنسية، قد تسوق الإنسان لمشاهدة الإباحية كوسيلة مساعدة لإفراغ الشهوة. أما الإدمان، فكما سبق فإنه ينشأ عن إرادة المشاهدة لا عن الشهوة، بل قد تنشأ الشهوة عنه.
أما الشهوة فعلاجها الصيام: كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” (رواه البخاري ومسلم).
الصوم يقلل من الطاقة الكلية للجسم، مما يؤدي إلى تقليل النشاط الجنسي. كما يقلل من تدفق الدم إلى المناطق المرتبطة بالشهوة الجنسية، مما يسهم في تقليل الرغبة والإثارة.
ولكن يفسده الإنسان بكثرة الأكل عند الإفطار.
ولا يقتصر الصوم فقط على الجانب الجسدي، بل يشمل أيضًا الجانب الروحي والنفسي. من خلال الابتعاد عن الطعام والشراب، وهي شهوات، فيستعين به على ضبط قدرته على التحكم بشهوة الجنس.
علاج إدمان الإباحية
الإدمان حالة مرضية لا تحل بالصوم وحده، بل معه يجب اتباع خطوات علمية وعملية تقوم على أسس نفسية وسلوكية.
أولًا: التعرف على المحفزات وتجنبها
من المهم أن يبدأ الشخص بالتعرف على الأسباب والمواقف التي تدفعه إلى مشاهدة الإباحية. هذه المحفزات قد تكون أوقاتًا معينة، مشاعر معينة، أو التواجد في مكان ما. فابدأ بملاحظة ذلك. وهذه المحفزات نوعان:
1- غير ضرورية: يمكن الابتعاد عنها، وتغييرها، وتبديلها بعادات أو بدائل مختلفة. فلو كانت مثلا (الوحدة) فغيرها وتجنب المكوث وحدك، وإن كانت (مشاهدة التلفاز) فتجنبه ومارس أنشطة بديلة.
2- ضرورية: كمن يقول مثلا إنه تأتيه هذه الأفكار قبل النوم، فهذا المحفز لا يمكن تغييره، فالنوم ضرورة، فما الحل؟ ملء هذا الوقت بنشاط آخر، كقراءة صفحة من القرآن، قراءة أذكار، أو حتى كتاب قصصي.
ثانيًا: حجب الوسائل التي تتيح الوصول للإباحية
الحجب المباشر للمواقع والمواد الإباحية يعتبر خطوة أساسية في هذا السبيل. هناك العديد من البرامج التي تساعد في ذلك، مثل Covenant Eyes وK9 Web Protection. هذه البرامج تعمل على منع الوصول إلى المحتوى الإباحي، مما يساعد الشخص في الابتعاد عن ذلك. كذلك، يجب التخلص من أي مواد مخزنة على الأجهزة الشخصية.
كذلك إبعاد الوسائل، فمثلا من كان يشاهد شيئا على الجوال في وقت أو مكان ما، فلا يحمله فيه.
ثالثًا: شغل الوقت بالأنشطة الصحِّيَّة
يعد الانشغال بأنشطة نافعة أحد أفضل الوسائل لمكافحة الإدمان. ممارسة الرياضة، تعلم مهارات جديدة، أو الانخراط في عمل تطوعي، الدراسات النفسية تشير إلى أن الانشغال بأمور إيجابية يقلل من الرغبة في العودة إلى العادات السلبية.
رابعًا: بناء روتين يومي منظم
وضع جدول زمني يومي يساعد على تجنب الفراغ الذي قد يؤدي إلى مشاهدة الإباحية. يجب أن يحتوي هذا الجدول على أوقات مخصصة للعمل، الدراسة، الراحة، والأنشطة الترفيهية. الالتزام بروتين يومي يشجع على الاستقرار النفسي ويقلل من فرص الانحراف نحو العادات السيئة.
خامسًا: تحديد أهداف قصيرة المدى وتدريجية
الأصل هو الامتناع الفوري، فهذه معصية وأذى، ولكن من كان لا يستطيع كأصحاب الإدمان من الدرجات العالية، كالرابعة والخامسة، في البداية، قد يكون من الصعب على المدمن أن يتخلى عن هذه العادة فورًا. لذا، يجب تقسيم الهدف الأكبر إلى أهداف أصغر يمكن تحقيقها تدريجيًا. مثل الامتناع ليوم واحد، مع التقليل إلى النصف في اليوم التالي، ثم الامتناع يومين، وهكذا، فكلما حقق الفرد هدفًا صغيرًا، سيشعر بثقة أكبر في نفسه وسيستمر في التقدم نحو الهدف الأكبر.
سادسًا: مراقبة التقدم ومكافأة الذات
يجب على المدمن أن يراقب تقدمه باستمرار. تسجيل الأيام التي نجح فيها في الابتعاد عن الإباحية، والاحتفال بكل إنجاز، ولو كان صغيرًا، يعزز الدافعية. يمكن مكافأة النفس بأشياء بسيطة، مثل نشاط ممتع أو شراء شيء محبب، لتعزيز التقدم.
سابعًا: الجانب الديني
أخَّرته من باب تأخير الفاضل، إلا أنه أولى الأولويات، فالمسلم يشعر بمراقبة ربه، ويستغفره بعد كل ذنب، بل يكثر من الاستغفار مع كل نفس، حتى يكيد الشيطان، ويرضي الرحمن، ويطهر نفسه من أدناسها، ويستعين بالدعاء، ويأخذ بالاسباب.
أخيرًا:
يوجد تطبيق اسمه: (واعي) أثنى عليه كثير من الناس، وقالوا إنهم استفادوا منه ووصلوا معه بفضل الله إلى التعافي
ونسأل الله السلامة والتوفيق
(Visited 228 times, 1 visits today)
ـــــــــــــ قائمة المراجع ـــــــــــــــ